IMLebanon

إرتفاع الأسعار في رمضان .. الخلل في بنية الإقتصاد

vegetable-market
علي عبد الرضا

صبح تأمين متطلبات شهر الصوم معضلة لكثير من اللبنانيين الذين يعيشون ضمن الحد الأدنى للأجور. أبو علي، وهو سائق تاكسي يقول: “أعمل يومياً اكثر من 10 ساعات، وأكسب نحو 50 ألف ليرة، وأحياناً أقل من ذلك. أدفع منها ثمن الوقود وأجور الصيانة وغيرها، فلا يبقى أكثر من 20 أو 25 ألف ليرة، تعيش بها عائلتي المكونة من 5 أفراد”. ويشير في حديث مع “المدن” إلى أن هذا المبلغ، يقتطع منه إيجار البيت والمصاريف الأخرى، وما يبقى يكون لتأمين الطعام. ومع ارتفاع الأسعار في رمضان لا يدري لا يدري أبو علي كيف سيتدبر أمر عائلته مع هذا المردود المالي الضئيل.

قبيل شهر رمضان، تبدأ السلع الاستهلاكية، خصوصاً الخضار واللحوم بالارتفاع تدريجاً، ومع بداية الشهر، تكون الأسعار قد ارتفعت بنسب تصل، في بعض الأحيان، إلى أكثر من 100% عن معدلاتها الطبيعية. يُرجع رئيس “جمعية حماية المستهلك” زهير برو أسباب الارتفاع إلى سياسة التجار الاستغلالية من جهة وغياب آليات الرقابة الرسمية والضغط المدني من جهة أخرى.

ويقول برو لـ”المدن” إنه في ظل رعاية بعض إدارات الدولة للتجار، وغياب أي دور للمستهلك، فإنه من الطبيعي أن تشهد الأسعار ارتفاعات جنونية”. ويرى أن لبنان يعتبر البلد الأغلى بين دول المنطقة، إذ تصل نسبة الفروقات في السلع الأساسية بين لبنان ودول المنطقة إلى أكثر من 30%، ويعود السبب في ذلك إلى غياب قانون المنافسة وتعطيل قانون تحديد الأرباح. وبحسب برو فإن الحل يكمن من خلال قيام وزارة الإقتصاد بدورها لحماية المستهلك وذلك عبر إصدار المراسيم التطبيقية لقانون المنافسة وتحديد الأرباح، إذ إن عدم إصدار المراسيم التطبيقية ما هو إلا سياسة تتبعها الدولة لغرض دعم التجار بها.

إلى ذلك، يلقي برو اللوم على غياب الدور المنوط بمديرية حماية المستهلك، والتي تبدو شبه غائبة. ويقول إن غياب المديرية يتجلى من خلال محاضر الضبط، فعلى سبيل المثال، تم في السنوات الماضية تسجيل بين 120 و500 محضر فقط، في حين دول أخرى في المنطقة، سجلت العام الماضي نحو 17 الف محضر بحق مخالفين، لافتاً إلى أن القول بأن الأعداد البشرية غير كافية لملاحقة المخالفين، فهو أمر غير صحيح. ففي لبنان يعمل نحو 162 مفتشاً، فيما دول أخرى لا يتجاوز عدد المفتشين 22 مفتشاً، مطالباً بضرورة استقلالية عمل مديرية حماية المستهلك، كي تقوم بالدور المنوط بها.

رغم طلب وزارة الإقتصاد، من خلال المديرة العامة عليا عباس، من جمعيات التجار ومستوردي السلع الغذائية واللحوم، “عدم استغلال” رمضان لزيادة الأسعار “بشكل عشوائي وتحقيق أرباح غير مشروعة وغير مبررة”، يرى الخبير الإقتصادي إيلي يشوعي أن الوزارة عاجزة عن تحديد سعر واحد للسلع، فهي لا تستطيع تحديد السعر النموذجي، بل تبقيه مرتبطاً بالوكالات الحصرية. والحل الوحيد لمكافحة ظاهرة ارتفاع الأسعار الموسمية، في رأي يشوعي، هو تحديده من المصدر، و”مكافحة الاحتكار”. ويعترض على مقولة أن الأسعار تتحدد من خلال العرض والطلب، بدليل أن عدم تسجيل الإقتصاد اللبناني مؤشراً إيجابياً في النمو، يبقي الطلب ضعيفاً.

ويلفت يشوعي إلى أن ارتفاع الأسعار في أي مناسبة، ومنها رمضان، يعود إلى وجود عيب هيكلي في البنية الإقتصادية اللبنانية المتمثلة بالشركات والمؤسسات الاحتكارية، أي في ثقافة الاحتكار التي تتحكم بلقمة عيش اللبنانيين.