IMLebanon

شعب لا يريد أن ينقذ نفسه! (بقلم رولا حداد)

resto-beirut

 

انتهت “سكرة” الانتخابات البلدية والاختيارية وأتت “فكرة” الملفات العالقة في بلد معلّق على صليب التخلّف، بسبب شعب ينشد التغيير نظرياً فيما هو يُنتج كل يوم الطبقة السياسية والبلدية نفسها!

لا، السياسيون ليسوا مسؤولين حصراً عما يحصل في لبنان، بل نحن كشعب لبناني مسؤولون أيضاً، وبشكل كبير عن كل ما يصيبنا. والدليل الأبرز هو الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدناها طوال الأسابيع الأربعة الماضية، حيث عادت التركيبات البلدية نفسها من دون تغيير يُذكر باستثناء انقلاب طرابلس المدوّي. أما في بقية المناطق، إما عادت الوجوه نفسها وبالإطار القديم نفسه في معظم الحالات، وإما عادت الوجوه نفسها بعد أن عدّلت في تموضعها السياسي، وإما تغيّرت بعض الوجوه وأتت وجوه جديدة في الإطار القديم نفسه… فعن أي تغيير نتحدّث؟ وكيف نلوم السياسيين ونحن كشعب لم نُقدم على التغيير؟ وكيف نغيّر ونحن نخاف من التغيير؟

نحن كشعب لا نزال نشعل حرباً أهلية طائفية بغيضة على مباراة كرة سلّة. على هامش لعبة رياضية نشتم المقدسات ونهين الشعائر الدينية، فقط من أجل مازوشية مجتمعية متخلفة… ونسأل عن التغيير؟ وهل “يغيّر الله قوماً ما لم يغيروا ما بأنفسهم”؟

وماذا بعد انتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية؟ ألم تشكل هذه الانتخابات نموذجاً وبروفا للانتخابات من خلال إعادة إنتاج الوجوه إياها والطبقة السياسية نفسها؟! وأليس كل الصراع القائم حول قانون الانتخابات النيابية يهدف منه كل طرف إلى التوصل إلى قانون على قياسه؟ وهل ينتظر أحد من طبقة سياسية أن تقرّ قانون انتخابات يسمح بوصول وجوه جديدة تطيح بالموجودين؟

وماذا عن الانتخابات الرئاسية في ظل الاستسلام من الجميع بواقع العجز أمام إرادة “حزب الله” بالتعطيل، إلى درجة أن الحزب بات عليه أن يختار بين مرشحين هما من أقرب حلفائه، رغم أنه وحلفاءه يشكلون أقلية في مجلس النواب!

كيف نقبل كشعب لبناني أن نبقى بلا رئيس للجمهورية منذ أكثر من سنتين من دون أي تحرّك نهائياً؟ ألسنا نحن مسؤولين عمّا يحصل لنا؟

وماذا عن الفساد وملفاته التي أغرقتنا في النفايات وروائحها وأمراضها؟ وماذا عن سياسة “مرّقلي تا مرّقلك” و”إذا بتفضحني بفضحك”… واللفلفة بعد كل ذلك من خلال تغطية المرتكبين وعدم الوصول إلى كشف أي حقيقة كاملة؟ ألسنا نحن المسؤولين عن تغطية كل ما يحصل عبر سكوتنا، وإن تكلمنا فلغايات في نفس يعقوب؟!

ماذا عن الاقتصاد والإنماء الغائبين والباقيين في خبر كان، لأن تحقيق أي إنماء يحرّر المواطنين من التبعية للسياسيين؟ ماذا نفعل كمواطنين لنتحرّر؟

ماذا عن غرقنا في طائفية بغيضة يستعملها السياسيون كقميص عثمان، سواء لتبرير استمرار وجودهم أو لتغطية الفاسدين وارتكاباتهم، وللتحريض الداخلي المتبادل… والأنكى أن من يطالبون بإلغاء الطائفية إنما يطالبون بها لتكريس هيمنة مذهبية وليس فقط طائفية!

هل نحن نشكل مجتمعاً لبنانياً أم مجتمعات لبنانية طائفية ومذهبية وعشائر متناحرة على أشلاء الدولة بات أرفع المسؤولين فيها يعترفون علناً بأنها باتت “دولة فاشلة”؟

أسئلتنا لا تنتهي في بلد سلطاته ومؤسساته عاجزة، وشعبه قرّر أن يمعن في انقساماته وطائفيته لإرضاء غرائزه المتفلتة،ويتفرّج على سقوطه في الهاوية من دون أن يحاول حتى إنقاذ نفسه… فمن نلوم بعد ذلك؟!