IMLebanon

أميركا تتحضر لرفع سعر الفائدة .. ونحن ندفع

bdl
عزة الحاج حسن

يتحضّر مجلس الإحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) منذ أشهر لرفع سعر الفائدة في شهر حزيران الحالي أو تحديد موعد لاحق لرفعها، فيرصد ويراقب البيانات التي من شأنها إعطاء الإشارات الإيجابية أو السلبية، وبالتالي دفع المجلس إلى اتخاذ القرار المناسب بشأن تحديد سعر الفائدة.

الاحتياطي الفيدرالي الذي عمد إلى رفع أسعار الفائدة بنسبة 0.25% في شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، للمرة الأولى منذ 9 أشهر، يسعى عبر رفع سعر الفائدة إلى تأكيد تعافي الإقتصاد الأميركي من آثار الأزمة المالية العالمية، وتعزيز ثقة المستثمرين في أكبر إقتصاد في العالم.

رفع أسعار الفائدة الأميركية يجعل الأصول المقوّمة بالدولار الأميركي أكثر جاذبية للمستثمرين في العالم، وهو ما يؤدي بطبيعة الحال، إلى ارتفاع قيمة الدولار الأميركي على حساب عملات أخرى، كما يرتّب على غالبية إقتصادات العالم، ولاسيما الناهضة منها كتركيا والبرازيل وروسيا، متاعب تتمثّل بخروج تدفقات رأسمالية من تلك الإقتصادات بحثاً عن العائد الأميركي، أما بالنسبة إلى الإقتصادات الضعيفة كالإقتصاد اللبناني، فما هي تداعيات رفع الفائدة الأميركية عليه؟

إذا نظرنا إلى سبب تعديل الفائدة من حيث المبدأ، نلاحظ أن الولايات المتحدة تلجأ إلى رفعها وفقاً للقاعدة الإقتصادية التي تقول برفع الفائدة عندما يتعافى الإقتصاد من ركوده، وخفضها عندما يعاني من الركود وتراجع النمو، ولكن هذه النظرية لا تنطبق على الحالة اللبنانية وفق الخبير الإستراتيجي في أسواق البورصة العالمية، جهاد الحكيّم، الذي يرى، في حديث إلى “المدن”، أن زيادة الفائدة في الولايات المتحدة أمراً ضرورياً “لأن الإقتصاد الأميركي يتعافى ويعيش فترة انتعاش تعقب مرحلة الركود، وهو بالتالي على مشارف دخول مرحلة النمو، من هنا يصبح رفع الفائدة الأميركية أمراً طبيعياً وضرورياً”.

ولكن ما ينطبق على الولايات المتحدة لا ينطبق على لبنان. يضيف الحكيّم أن “الإقتصاد اللبناني يعيش حالاً من الركود ويتجه إلى المزيد من التأزم. من هنا، لا بد من ترك الفوائد على ما هي عليه أو خفضها”، وفق المنطق الإقتصادي، “ولكن كون إقتصاد لبنان مدولراً ومرتبطاً بشكل مباشر مع المجلس الإحتياطي الفيديرالي في واشنطن، ونظراً إلى أن لبنان يعاني من مخاطر عديدة إحداها مخاطر مرتبطة بالتصنيف السيادي Country risk (وتصنيف لبنان يختلف جذرياً عن تصنيف الولايات المتحدة) وأخرى مخاطر مرتبطة بثبات العملة Currency risk يصبح من المحتّم على لبنان أن يرفع الفائدة بما يتناسب مع رفع الفائدة في الولايات المتحدة وربما بما يزيد عنها”.

ونظراً إلى ضرورة رفع لبنان سعر الفائدة انسجاماً مع الفائدة الأميركية، في حال قرر مجلس الإحتياطي الفيديرالي رفعها خلال الاجتماع المزمع عقده لمحافظي الإحتياطي الأميركي في 14 و15 حزيران/ يونيو 2016، يبقى السؤال عن التداعيات التي سيتركها رفع الفائدة اللبنانية على الإقتصاد اللبناني عموماً وعلى الأفراد خصوصاً.

عملياً، يترتب على لبنان العديد من المسؤوليات جراء رفع الفائدة، وفق الحكيّم، “وتتمثّل بارتفاع كلفة الدين العام وارتفاع كلفة الاقتراض وزيادة الفوائد على الاقتراض الناشئ (بمعنى أن السندات الشهرية للمقترضين الحاليين سترتفع)، ويعزو السبب إلى كون الفائدة في لبنان “متحركة”، وبالتالي يعاد جدولتها بشكل مستمر كل عام، مع الأخذ بالاعتبار التغيرات الجديدة أي ارتفاع الفوائد.

رفع الفوائد في لبنان يُقلق بعض الخبراء الإقتصاديين، بينهم ايلي يشوعي، الذي يحذّر البنك المركزي من رفع الفوائد “لما له من نتائج كارثية على الاقتصاد اللبناني”، وينتقد يشوعي غياب المرجعية الدولية الموثوقة التي يمكن الإستناد عليها في عملية اتخاذ القرارات بشأن الفائدة فيقول: “أصبحت القرارات المتعلقة بالفوائد تطبخ في مطبخ داخلي”.