IMLebanon

رمضان هذا العام: ضائقة ماديّة وأسعار تتأرجح

ramadan

 

باسكال صوما

 

تغيّر مفهوم رمضان في المجتمع اللبناني. فبعدما كان مناسبةً للتقشّف ومساعدة الفقراء، بات شهر الدعوات والسهرات الفنية والموائد اليومية المكلفة. بات رمضان «موسماً» للمطاعم والخيم الرمضانية التي تحضّر نفسها جيداً ببرامج فنيّة متنوّعة، إضافةً إلى وجبات الإفطار الشهية. بحيث بدأت العروض المغرية تنتشر على الطرق ووسائل الإعلام وحتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وإذ كانت الأحياء قديماً تتعاون في تحضير وجبة الإفطار وإشراك العائلات الفقيرة به، كفعل محبة، باتت وجبات الإفطار في السنوات الأخيرة ذريعة لرفع الأسعار مع ارتفاع الطلب، كما يبرّر بعض التجار أنفسهم.
كيلو الفروج 6000 ليرة!
ارتفع سعر الفروج أكثر 30 في المئة في بعض المراكز التجارية في أوّل أيام شهر رمضان، ما أثار بلبلة وتساؤلات. إلاّ أنّ الأمر أبعد من أسعار ارتفعت خلال شهرٍ يرتفع فيه الطلب. فمن يراقب سعر الفروج في الاشهر الماضية، يلاحظ بما لا لبس فيه أنّ في الأمر «إنّ». في هذا السياق، يوضح رئيس اتحاد الدواجن في لبنان رضا الميس لـ «السفير» أنّ «المربين يعانون منذ أشهر طويلة من الأسعار المنخفضة، والتي تعود إلى سببين أساسيين، أولهما ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني، وثانيهما التهريب من سوريا وبأسعار مغرية، ما ضرب الإنتاج اللبناني واضطر المربون إلى تقليص الإنتاج لتخفيف الخسائر، نظراً إلى صعوبات تصريف الإنتاج». ويضيف الميس: «الزيادة التي لحقت بالفروج الآن هي نتيجة ارتفاع الطلب خلال شهر رمضان، بعدما قلّص المربون إنتاجهم كثيرا في الفترة الاخيرة»، إلاّ أنه يستدرك بالقول: «لكنّ الزيادة في المزارع لم تكن كبيرة بل لم تتجاوز الـ20 سنتاً لكيلو الفروج، الذي كان يتراوح في الأشهر الأخيرة بين 120 و140 سنتاً، واليوم يتمّ تسليمه من المزارع (غير مذبوح) بـ160 سنـــتاً، وهـــذا السعر لا يعتبر مـــرتفعاً في شهر رمضان، نـــظراً إلى أنّ الطلب على الفروج يرتفع 100 في المئة».
ووفق معلومات «السفير»، يتمّ تسليم الفروج إلى التجار (جاهزاً للاستهلاك) بحوالي 3700 ليرة، إلا أنّ بعض المتاجر تبيع كيلو الفروج بما يزيد عن 5000 و6000 ليرة، ما يعتبر زيادة غير منطقية على السعر الأساسي.
ألف حساب
الفروج، الخضار بما فيها الحشائش، إضافةً إلى اللحوم على أنواعها، تشهد في هذا الشهر، ارتفاعاً للأسعار، وإن كان مترافقاً مع ارتفاعٍ في الطلب والاستهلاك، غير أنه يبقى غير مبرر نظراً إلى الحالة الاقتصادية السيئة والأوضاع المعيشية المزرية التي تعيشها العائلات، التي باتت تحسب ألف حساب للشهر الفضيل.
هذه الأوضاع كلّها مجتمعةً ذهبت إلى تحويل موائد الإفطار إلى مناسبات خاصة جداً، بحيث باتت الأغلبية تكتفي بتناول وجبة الإفطار مع الأسرة الصغيرة، فيما خفّت بدرجة كبيرة «الجمعات» العائلية الكبيرة والدعوات المكلفة. في المقابل، يحاول التجار الاستفادة من هذا الشهر وتعويض التراجعات التي يعانون منها على مدار العام، فيرفعون الأسعار قدر المستطاع.
من جهة أخرى، يؤكد مستشار وزير الاقتصاد التجارة، البروفيسور جاسم عجاقة لـ «السفير» أنّ «الوزارة تقوم بواجباتها»، وأنه «حتى اللحظة لا إشكالية كبيرة في مسألة الأسعار»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الوزارة مستمرة في المراقبة وقد تمّ تسطير محاضر ضبط في أكثر من منطقة.
لكنه يقول: «إنما علينا الاعتراف بأن هذه الجهود غير كافية لأن الوزارة تنقصها الأجهزة البشرية والتقنية الكافية لضبط كل المخالفات التي تحصل». ووفق المرسوم 73/83، يحق للوزارة التدخل لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المخالفين في ثلاث حالات: بيع البضاعة بسعر يساوي ضعف الكلفة، الاحتكار أي إخفاء البضاعة في ظروف معينة لبيعها بسعر غالٍ، التلاعب بالأسعار أي الاستفادة من ظروف معينة موقتة لتحقيق ربحٍ غير شرعي.
ويؤكد عجاقة أن الوزارة وضعت خطة هذا العام لمراقبة الأسعار في الاماكن الشعبية في مختلف المناطق ومحاسبة المخالفين.
«الفتوش»: أسعار مستقرّة!
أما بخصوص طبق «الفتوش» فيمكن القول إنّ الأسعار مستقرّة نسبياً، وهذا عائدٌ بحسب تجار التقتهم «السفير» إلى الأوضاع الصعبة التي يعيشها المزارعون في ظل كساد الإنتاج وتهريب كميات من المزروعات من سوريا، بأسعارٍ بخسة. يضاف إلى ذلك صعوبات التصدير التي يواجهها المزارعون اليوم، لا سيما مع توقف المعابر البرية، وصعوبة النقل البحري والجوي وكلفته المرتفعة. من هنا يوضح علي الحاج (صاحب متجر للخضار والفاكهة) لـ «السفير» أن «أسعار الخس (بين 500 و750 ليرة) والحشائش (ضمة البقدونس، ضمة الفجل، ضمة النعناع بين 250 و600 ليرة، أما كيلو البطاطا فبين 750 و1250 ليرة) ومعظم الخضــــار مســتقرة على حالها حتى الآن، مع العلم أنّها كانت تشهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال شهر رمضان نظراً للطلب الكثيف على مكونات الفتوش الحاضر في كل وجبة إفطار».