IMLebanon

الصناديق السيادية تقدم طوق النجاة لمشاريع التكنولوجيا الخاصة

uber-taxi
قال محللون إن توجه الصناديق السيادية لدعم شركات التكنولوجيا الخاصة يمثل تحولا كبيرا في رهان تلك الصناديق على فرص النمو الكبيرة لتعويض تراجع إيراداتها من صادرات الموارد الطبيعية وخاصة النفط والغاز، وأكدوا أن تلك الاستثمارات تعد بتحقيق عوائد كبيرة، رغم أنها تنطوي على مخاطرة كبيرة أيضا.

قدمت سلسلة صفقات تمويل من صناديق الثروة السيادية الغنية بالسيولة طوق النجاة لعدد من شركات التكنولوجيا الخاصة الكبرى في العالم، رغم أن تقديرات قيمتها المرتفعة، كانت قد دفعت البعض من المؤسسات لمراجعة قيمتها الفعلية في الفترة الأخيرة.
جاء ذلك على إثر قيام السعودية وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي ومستثمرون مدعومون من الدولة في سنغافورة والصين، بضخ أموال كبيرة في استثمارات بقطاع التكنولوجيا مثل شركة أوبر الأميركية لخدمات سيارات الأجرة ومجموعة علي بابا الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية، وإحدى الشركات التابعة لها.

وكانت التمويلات الإجمالية المخصصة للشركات الناشئة قد انخفضت بمقدار الثلث خلال الفصلين الرابع من العام الماضي والأول من العام الحالي لتصل إلى نحو 25.5 مليار دولار، وفقا لبيانات مؤسسة سي.بي إنسايتس.

ونتيجة لذلك، بدأت أنظار المشروعات التكنولوجية الكبرى تتجه إلى صناديق الثروة السيادية أو إلى أموال المؤسسات لتوفير “طروح أولية خاصة” بدلا من الاستعانة بأصحاب رؤوس الأموال المجازفة أو المخاطرة بعمليات إدراج عامة.

وساهم هذا التدفق لرؤوس الأموال في الحفاظ على تقييمات تلك المشاريع عند مستويات مرتفعة، في الوقت الذي خفض فيه بعض الداعمين السابقين، تقييمات شركة دروب بوكس لخدمات تخزين البيانات السحابي أو تطبيق زوماتو الهندي لطلب الوجبات السريعة.

وقالت جاكلين تشان من مكتب المحاماة ميلبانك في سنغافورة الذي قدم المشورة لعدد من صناديق الثروة السيادية إن تلك الصناديق “تتمتع بوضع يسمح لها بالقيام بمراهنات كبيرة”.

وأضافت أن الصناديق السيادية تملك إمكانات كبيرة في الحصول على رؤوس الأموال وقد تزايدت شهيتها للمخاطرة في استثمارات النمو المرتفع لتعويض تراجع إيراداتها من صادرات الموارد الطبيعية وخاصة النفط والغاز.

ويرى محللون أن الاستثمارات في شركات التكنولوجيا الجديدة تعد بتحقيق عوائد كبيرة، لكنها تنطوي أيضا على مخاطرة كبيرة أيضا.

وفي الأسبوع الماضي قال صندوق الاستثمارات العامة السعودي إنه استثمر نحو 3.5 مليار دولار في شركة أوبر الأميركية، التي تدير تطبيقا لخدمات سيارات الأجرة، وهي أعلى الشركات الخاصة قيمة في وادي السليكون.

وتشير التقديرات إلى أن القيمة السوقية لشركة أوبر تبلغ حاليا نحو 62.5 مليار دولار، لتتجاوز بذلك قيمة كلّ من شركتي صناعة السيارات بي.آم.دبليو وجنرال موتورز، وتقترب من قيمة كلّ من شركات فولكسفاغن ودايملر وفورد.

كما اشترى مستثمران حكوميان كبيران في سنغافورة خلال الأسبوع الماضي أسهما بمليار دولار في علي بابا، في حين شاركت مؤسسة الاستثمار الصينية في تمويل قيمته 4.5 مليار دولار لوحدة الخدمات المالية أي.أن.تي فايننشال التابعة لمجموعة علي بابا مع مستثمرين آخرين، بما يجعلها أكبر جولة تمويل تخص شركة تكنولوجيا مالية. ولا تشكل استثمارات التكنولوجيا سوى نسبة هزيلة من المحافظ الاستثمارية لصناديق الثروة السيادية الحكومية، التي يركز معظمها على أدوات الدخل الثابت التقليدية والعقارات واستثمارات الأسهم والمشروعات طويلة الأمد مثل الفنادق ومراكز التسوق والموانئ.

وتشير بيانات معهد صناديق الثروة السيادية إلى أن حوالي 10 صناديق فقط من بين 80 صندوقا سياديا أو أكثر في العالم، ضخت استثمارات كبيرة في شركات التكنولوجيا الناشئة حتى الآن.

وقال مايكل مادويل رئيس المعهد إن “تحرير شيكات صغيرة لتمويل مشروعات بهذا الحجم أصبح بمثابة إهدار للوقت”.

لكن وتيرة الاستثمارات السيادية في مشروعات التكنولوجيا الناشئة تسارعت في الآونة الأخيرة ليصل عددها في السنة الأخيرة إلى أكثر من عشرين مشروعا.

وبدأت الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالنفط في ضخ استثمارات كبيرة في شركات التكنولوجيا الناشئة لتنهي تركيزها السابق على الصفقات العقارية.

وكان استثمار السعودية البالغ قيمته 3.5 مليار دولار في شركة أوبر هو أكبر استثمار خاص منفرد على الإطلاق في شركة تكنولوجيا، بينما قادت الهيئة العامة للاستثمار الكويتية هذا العام استثمارا مباشرا في شركة جاوبون الأميركية المتعثرة والمتخصصة في صناعة الأجهزة القابلة للارتداء.

وكان جهاز قطر للاستثمار قد استثمر هو الآخر في شركة أوبر وشركة فليبكارت للتجارة الإلكترونية في عام 2014.

وقال مادويل إنه “في حين أن صناديق الثروة السيادية لا تتجه إلى المشاركة في جميع صفقات التكنولوجيا، إلا أنها بدأت مؤخرا في ممارسة نفوذها… لا شك أنها بدأت في المشاركة بقوة” في هذا النوع من الاستثمارات. ورغم ذلك مازالت مشروعات التكنولوجيا تنطوي على الكثير من المخاطر بالنسبة لبعض الصناديق السيادية المكلفة بالحفاظ على رأس المال وضمان تحقيق عائدات مستقرة.

وكان الصندوق السيادي النرويجي الذي تبلغ قيمة أصوله نحو 865 مليار دولار، وهو أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم، من أبرز الداعمين لأسهم شركات التكنولوجيا المدرجة في البورصة مثل شركة آبل، لكنه لا يقوم حتى الآن بالاستثمار في أيّ شركة غير مدرجة إلا في الفترة الأخيرة التي تسبق الاكتتاب العام مباشرة.