IMLebanon

باريس تتأهب لخطف دور لندن المالي والمصرفي

PAR
مايكل ستوثارد

باريس تستعد لاستقبال دافئ لمصرفيي الحي المالي في لندن الذي تقول، إنه سيتوجب نقله إلى أوروبا إذا صوتت المملكة المتحدة لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي الشهر المقبل.

وقال جان- لوي ميسيكا، نائب رئيس بلدية باريس، “إننا سوف نفرش السجاد الأحمر ترحيبا بذلك”، وذلك في إطلاق حملة جديدة أمس لجذب الممولين إلى باريس في حال تم التصويت لمغادرة بريطانيا.

مثل هذه اللفتة قد تبدو غير عادية بالنسبة لبلد يميل إلى أن تكون له علاقة متناقضة مع شركات التمويل القوية. حيث أعلن فرانسوا أولاند، الرئيس الاشتراكي الفرنسي، إنها “العدو” في عام 2012 في الوقت الذي اقترح فيه إغراق الأغنياء بمعدل ضريبة يصل إلى 75 في المائة.

غير أنه على ما يبدو أن مثل هذا العداء قد نسي منذ فترة طويلة، حيث كشفت النخبة المالية والسياسية الفرنسية عن شعار جديد لجذب المصرفيين إلى باريس، “مرحبا بكم في أوروبا”.

وقال جيرار مستراليه رئيس “باري يوروبلاس”، وهي مجموعة أنشئت لتعزيز المالية الفرنسية، إنه لم يكن يرغب من المملكة المتحدة مغادرة الاتحاد الأوروبي، ولكن إذا فعلت فستكون باريس موجودة من أحل “الترحيب” بأي من المصرفيين.

الكفاح من أجل جذب فرص العمل المالية تمثل استمرارا لمعركة طويلة مع لندن.

هناك أيضا صراع مع مدن أخرى في منطقة اليورو، وخصوصا فرانكفورت في ألمانيا، لتصبح مركزا لتداولات اليورو في منطقة اليورو.

يشار إلى أن مكانة لندن كمركز مالي مهيمن في أوروبا منذ فترة طويلة هي مصدر للانزعاج في جميع أنحاء القارة.

كما أن هناك نحوا من ثلث جميع عمليات التداول باليورو تحدث في الحي المالي – على الرغم من أن المملكة المتحدة ظلت بحزم خارج منطقة اليورو.

يعتقد كثيرون أن هذا من شأنه أن يتغير بعد مغادرة بريطانيا، الأمر الذي من شأنه أن يضطر المصارف إلى نقل الوظائف أو حتى المقر من لندن إلى منطقة اليورو لمواصلة التداول دون عوائق.

وقالت مجموعة الخدمات المالية، إتش إس بي سي، في وقت سابق من هذا العام إنها سوف تنقل نحو 20 في المائة من القوة العاملة لديها في لندن – بحدود 1000 وظيفة – إلى باريس في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد، قائلة، إن الوظائف من شأنها أن تنتقل من غرفة التداول والمصرفية الاستثمارية.

وقال ستيفان بوجناه، الرئيس التنفيذي لبورصة يورونكست ومقرها باريس “ما بين 30 و40 في المائة من جميع عمليات التداول باليورو تحدث في لندن. وهذا النوع من الشذوذ لن يدوم إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد”.

وقال مسؤولون فرنسيون، إن باريس هي في أفضل وضع من حيث الترحيب بأي خارجين من لندن، مع وجود كثير لتقدمه أكثر من مدن منافسة مثل دبلن أو أمستردام أو فرانكفورت.

وهم يتباهون بالبنية التحتية المالية الموجودة في باريس، المدينة التي تعد موطنا لأربعة من أكبر 10 مصارف في أوروبا، عند قياسها من حيث الأصول. لدى باريس في الأصل 800 ألف موظف يعملون في القطاع المالي.

كما تقدم المدينة مساحة مكتبية أرخص من لندن وكذلك نظام تعليم جيد – مع التركيز على الرياضيات ووصلات النقل مع بقية أوروبا – وفقا للمؤيدين.

وقال أوليفييه كلاين، الرئيس التنفيذي لبنك BRED BanquePopulaire التعاوني، “لدينا الأشخاص والبنية التحتية لنكون مركزا ماليا عالميا. هذه موجودة بالأصل هناك”.

ثم أن هناك مزايا أسلوب الحياة للانتقال إلى باريس، واحدة من المدن الكبرى في العالم، مع ثروتها من دور الأوبرا والمسارح والمطاعم.

وقالت ماري آن باربات لياني، رئيسة اتحاد المصارف الفرنسية، بنوع من المواربة، “هناك جو مختلف في فرانكفورت”.

وأضافت فاليري بيكريس وزيرة الميزانية السابقة ورئيسة منطقة إيل- دو-فرانس، “لدينا نوعية الحياة التي لا نظير لها في أوروبا.. نحن في وضع جيد لاستقبال عدد من العمالة الوافدة والشركات”.

ومع ذلك، اعترف المصرفيون ببعض السلبيات الباريسية، لا سيما ارتفاع الضرائب. وقال فريدريك أوديا، الرئيس التنفيذي للبنك الفرنسي سوسييتيه جنرال “الضرائب على العمالة تعد عقابية أكثر من اللازم”.

ووفقا لاتحاد البنوك الفرنسية، راتب مدفوع مقداره 300 ألف يورو في المملكة المتحدة يكلف أي بنك 352740 يورو سنويا بعد احتساب جميع الرسوم.

في فرنسا هذا الراتب نفسه سيكلف البنك 471799 يورو.

قال باربات لياني، “يجب على الحكومة أن ترسل الرسائل الصحيحة. وأن تخفيض بعض الرسوم الاجتماعية قد يكون بداية لذلك”.

على الرغم من لغة أولاند السابقة، بدأت الحكومة الفرنسية بتغيير موقفها حول شركات التمويل القوية كجزء من تحرك أوسع نحو سياسات أكثر ملاءمة للأعمال التجارية تعول عليها لتحفيز الاقتصاد الراكد.

قال وزير المالية ميشيل سابين العام الماضي، “صديقي هو التمويل، ولكن يجب أن يكون من التمويل الجيد”.

وقالت السيدة بيكريس أمس إن عدوها “ليس التمويل، ولكن البطالة”.

وأضافت أن المصدر الحقيقي لعدم الاستقرار السياسي للشركات ليست فرنسا بل المملكة المتحدة.

حتى لو صوتت المملكة المتحدة على البقاء، كما قالت، حقيقة أن هذه البلاد قد سمحت بإجراء استفتاء حول عضويتها في الاتحاد الأوروبي ينبغي أن يكون مصدر قلق.

وقالت، إن “الخيار المعقول للشركات ليس البقاء في الأرض التي يمكن أن تترك أوروبا في يوم ما، ولكن اتخاذ خيار الاستثمار على المدى الطويل في الأراضي التي ستبقى دائما في أوروبا”.