IMLebanon

موجة غلاء تجتاح السوق المصرية

Egypt-Food

 

مارسيل نصر

 

اجتاحت الأسواق المصرية موجة من الغلاء، ارتفعت فيها أسعار السلع الغذانية حتى تلك الأساسية، ما أنهك جيوب الشرائح الاجتماعية من فئة الدخل المحدود. لذا قدمت النائب مارغريت عازر في البرلمان المصري بياناً عاجلاً موجهاً إلى رئيس الحكومة شريف اسماعيل ووزير التموين خالد حنفي، عن الارتفاع المتزايد في أسعار السلع الغذائية، ومدى معاناة المواطن الفقير.

وقالت عازر في البيان إن «أيادي الحكومة مرتعشة ولا تتخذ أي إجراءات استثنائية في ظل الظروف الراهنة لمكافحة الغلاء»، على رغم مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسي باتخاذ مزيد من التدابير لضبط أسعار السلع الغذائية والتخفيف عن كاهل المواطنين وتحديداً البسطاء ومحدودي الدخل، ومدى معاناة الطبقتين الفقيرة والمتوسطة». ولفتت إلى أن توفير السلع الغذائية من خلال المجمعات الاستهلاكية والمنافذ التابعة للقوات المسلحة والزراعة «يزول تأثيره بسرعة ولا يشعر به المواطن، لأن بعض تجار السلع الغذائية يجمعونها من هذه المنافذ بأسعار متدنية، ثم يُعاد بيعها في منافذهم بأسعار مرتفعة». وطالبت عازر الحكومة بـ «اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة غلاء الأسعار في الأسواق، وتفعيل دور المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين في القرى والمراكز على مستوى الجمهورية، بإسنادها للشباب الخريجين وفتح المجالات أمامهم للتخفيف من أزمة البطالة».

 

السيسي

وكان السيسي أقرّ بارتفاع الأسعار والخدمات خلال حفلة إفطار نظمتها الرئاسة تحت مسمى «الأسرة المصرية» وحضرها ممثلون عن قوى مجتمعية، لكنه ألقى باللائمة على التجار ومقدمي الخدمات، داعياً إياهم إلى «الترفق والحنو على المصريين»، مطالباً حكومته بـ «اتخاذ مزيد من التدابير لضبط الأسعار».

ورفض بعض التجار دعوة السيسي إلى ضرورة الإشفاق على الشعب، معتبرين ذلك «اتهاماً لهم بتسببهم بارتفاع الأسعار». وأكدوا أن السوق «تخضع للعرض والطلب وليس للحنان علاقة بالأسعار». واتهموا الحكومة بأنها «السبب الحقيقي وراء ارتفاع الأسعار، في ظل ممارساتها الخاطئة، منها زيادة فواتير المياه والكهرباء والغاز وتكاليف الإنتاج، ودعم السياسات الاحتكارية من خلال الرسوم الحمائية التي تفرضها الحكومة».

وأوضح حسام الانصاري، مالك متجر تجزئة، في تصريح الى «الحياة»، أن رجال الأعمال والتجار «هم مَن ينتظرون الشفقة من الرئاسة وليس العكس، إذ تتجاهل الحكومة مطالبهم واقتراحاتهم لتشجيع الاستثمار، ما يتسبب في زيادة الجهد والكلفة الإنتاجية». وقال: «يظهر ذلك في شكل نهائي على هيئة ارتفاع أسعار السلع ليتحملها المستهلك وحده، كزيادة أسعار النقل بنسبة 100 في المئة مقارنة بالعام الماضي، إضافة إلى ارتفاع أسعار بوابات المرور في القاهرة والإسكندرية وبقية المحافظات، إلى جانب استمرار ازدياد سعر الفائدة في البنوك»، معتبراً أن كل هذه الأمور «تنعكس على الكلفة النهائية للمنتج». وأشار إلى أن المصنعين هم «المتحكمون الرئيسيون بالأسعار، ويصبح بعدها دور التاجر ضئيلاً إلا في حال وجود ممارسات احتكارية تستغل الأمر وتضرّ بالسوق».

وأعطى مثالاً «أزمة السجائر الحالية بارتفاع أسعارها في شكل غير رسمي لدى تجار التجزئة، نظراً إلى ندرة المعروض من المنتج واختفاء البعض من منتجاتها من الأسواق، بفعل احتكار الحكومة هذه الصناعة في شركة «ايستر كومباني» المنتجة لكل أنواع التبغ في مصر». ومع ارتفاع سعر الدولار «لم يعد ممكناً أن تفرج الحكومة عن الكميات المطلوبة في الموانئ لشح العملة». وطالب الأنصاري الحكومة بـ «إحكام سيطرتها على الأسواق بالرقابة وتحديد هامش الربح».

واتفق مع هذا الرأي رئيس شعبة المستوردين في غرفة القاهرة التجارية أحمد شيحة، مؤكداً أن «لا دخل للتجار في تحديد الأسعار، لأن المنتجين هم الذين يتحكّمون بها». وحضّ على «ضرورة تشجيع المنافسة الشريفة بين التجار ومنع ممارسات الاحتكار». ولفت إلى أزمة الرز الأخيرة كمثال يوضح نتائج احتكار عدد قليل من التجار سلعة معينة وتوزيعها».

إلى ذلك، أعلن عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية عادل عبدالرازق في تصريح الى «الحياة»، أن بعض الفنادق والشركات «لجأ إلى بيع البرامج السياحية بأسعار متدنية تتراوح بين 12 و 15 دولاراً في اليوم شاملة الوجبات الثلاث في ظل انخفاض السياحة الوافدة إلى مصر». ومع الزيادة في أسعار السلع الغذائية، رأى أن الأسعار التي باتت تبيع بها البرامج غير مجزية، نظراً إلى ازدياد كلفة تقديم الخدمة بنسبة 25 في المئة، ما أضر بمالك الفندق». وقال: «كان ممكناً عدم الشعور بارتفاع الأسعار لو كانت السياحة مزدهرة».

 

منتجات غذائية

واعتبر عبدالرازق أن «دعم الحكومة لطبقات معينة بطرحها منتجات غذائية في المجمعات الاستهلاكية ومنافذ بيع القوات المسلحة بأسعار أقل، هي مسكنات وليست حلولاً». إذ يعتمد قطاع السياحة «على شراء منتجاته الغذائية من الأسواق بأسعار مرتفعة جداً وهي غير متوافرة في بعض الأحيان، لأن السياحة كانت تستورد اللحوم البرازيلية والهندية، ومع زيادة سعر العملة الأجنبية تأثرت كل المنتجات الغذائية مباشرة خصوصاً اللحوم والدواجن». وطالب الحكومة بـ «إعادة منظومة هامش الربح من المنتج إلى المستهلك وتحديد ضوابط لها وألا تزيد على 30 في المئة».

وأفاد مصدر مسؤول في الغرفة التجارية، بأن تصريحات السيسي «وجهت الاتهام للتجار باعتبارهم سبب ارتفاع الأسعار، على رغم أن التاجر ما هو إلا حلقة وصل بين المصنع أو مصدر السلعة الرئيس والمستهلك». في حين أكد رئيس اتحاد الغرف التجارية السابق محمد المصري لـ «الحياة»، أن «ما قاله الرئيس بضرورة الشعور مع المواطن ونحن نحتاج إلى نوع من التكافل الاجتماعي نتيجة الظروف الاقتصادية الراهنة التي تمر فيها مصر». ودعا إلى «مزيد من التنافس ومنع الحلقات الاحتكارية، إذ كلما زادت المنافسة تظهر الأسعار الحقيقية».

وعزا رجل الأعمال ماجد محروس الزيادات في الأسعار إلى «تدني قيمة الجنيه أمام الدولار، خصوصاً أن مصر تعتمد في شكل أساس على الاستيراد في أكثر من 70 في المئة من حاجاتها الغذائية، لذا ساهمت مشكلة الدولار خلال الشهور الماضية في ارتفاع أسعار معظم السلع، لعدم توافر العملة واتجاه المستوردين للحصول على الدولار من السوق الموازية بما يتجاوز بـ2 جنيه سعره في البنوك». وخلُص إلى أن «المواطن هو الذي يتحمل في النهاية عبء الزيادات سواء الدولار أو المبالغة في فواتير الطاقة والمياه والنقل وأسعار الأدوية، ما جعل السوق في حال انعدام توازن».