IMLebanon

المستهلك والصناعة المحلية: الثقة على المحك

Chipsplantlebanon-s
علي عبد الرضا

يتجه المستهلك اللبناني إلى شراء المنتجات والسلع الأجنبية، رغم الدعوات المتكررة لتشجيع الصناعات اللبنانية. وذلك يشير إلى غياب الثقة بالمنتجات اللبنانية، سواء الغذائية أم حتى الصناعات الخفيفة.

يستورد لبنان أكثر من 80% من سلعه، ما يغرق السوق المحلية بالسلع ويضع المواطن أمام خيارات واسعة. ولكن هل سياسة إغراق السوق هي السبب الوحيد لاتجاه المواطن نحو هذه السلع المستوردة؟

أحمد حمد، من منطقة طريق الجديدة (35 عاماً)، يميل إلى شراء المنتجات الأجنبية أكثر من المحلية، لأنها تتمتع بجودة عالية. ربى خليفة (25 عاماً) تقول لـ”المدن” إنها تفضل شراء الملبوسات الأجنبية “وإن كان ثمنها أضعاف الإنتاج المحلي”، مدللة بذلك على أن العولمة الاقتصادية سمحت بفتح الأسواق، وبالتالي تفضل شراء الملبوسات الأجنبية ذات العلامات التجارية المرموقة، بدلاً من شراء المنتجات المحلية، التي لم تصل بعد إلى المستوى العالمي.

أما ربة المنزل في منطقة البسطة، سامية عيدو، فتشير لـ”المدن” إلى أن “بعض المنتجات اللبنانية، خصوصاً المنتجات الغذائية أرخص من المستوردة، وتراعي القدرة الشرائية للمواطن، لكن حملات وزارة الصحة، وإقفال العديد من المصانع، والمحال التجارية، جعلنا نتخوف من هذه السلع، وبالتالي نلجأ إلى ما هو مستورد للحفاظ على صحة عائلتنا”.

يقول أبو مصطفى اللبابيدي (50 عاماً) إن “أسعار السلع الأجنبية عادة ما تكون أرخص من السلع اللبنانية، خاصة السلع الصينية. ومن المعروف أن الرواتب والأجور لا تسمح لنا بشراء منتجات مرتفعة الثمن، فنلجأ إلى السلع الأرخص”، محملاً المسؤولية إلى المصانع التي تفرض أسعاراً مرتفعة على منتجاتها.

ما يقوله المستهلكون يعكس غياب الثقة بالمنتج المحلي. ويعيد رئيس “جمعية حماية المستهلك” زهير برو، سبب عدم الثقة، بشكل أساسي، إلى مساهمة الإعلام “في الترويج للبضائع المستوردة أكثر من المنتجات المحلية”. ويقول لـ “المدن” إن الصناعة اللبنانية “دفعت ثمناً باهظاً، بسبب سيطرة المحتكرين على السوق، إذ إن القوانين اللبنانية سمحت للمستوردين بإغراق السوق المحلية، وبالتالي ضرب المنتج اللبناني. لذا، بدأت تختفي السلع اللبنانية من السوق، لتحل محلها السلع الأجنبية”.

في المقابل، يعيد الوزير السابق للصناعة واريج صابونجيان تراجع استهلاك البضائع المحلية إلى “هيمنة الإقتصاد العالمي على الإقتصادات المحلية، خصوصاً الإقتصادات الضعيفة، حيث جعلت من الصعب مقاومة ما يتم تصنيعه في دول ذات موازنات كبرى مخصصة للقطاع الصناعي، تجعلها تحتل الدول الصغرى صناعياً بشكل لافت”. وانطلاقاً من هذا الواقع يضيف صابونجيان لـ”المدن، بدأت الصناعات اللبنانية “تتآكل لمصلحة كل ما هو مستورد. أضف إلى ذلك، أن الصناعة اللبنانية، وخصوصاً بعد الحرب الأهلية، أصيبت بالتعطيل، ولم يكن هناك أي موازنات مخصصة لزيادة نسب مساهمة هذا القطاع في الإقتصاد اللبناني”. ويشير صابونجيان إلى أن ذلك “لا يعني أن الصناعة اللبنانية غائبة عن الخريطة العالمية، بل هي تنافس العديد من الصناعات الأجنبية في الخارج، لكنها lازالت ضعيفة نسبياً في لبنان”.

إلى ذلك، تحاول الدولة التعويض عن النقص في مجال دعم الصناعة المحلية. وفي هذا الإطار تندرج “الرؤية التكاملية للقطاع الصناعي 2025″، التي وضعتها وزارة الصناعة، كطريق لرفع نسبة مشاركة القطاع الصناعي في الناتج المحلي إلى نحو 18%، وتمكين الصناعات اللبنانية من تغطية نحو 50 إلى 70% من حاجات المستهلك المحلي، وفق المدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون. لكن، تحقيق هذه الرؤية، وفق جدعون، يتطلب مجموعة من الأهداف، أبرزها إعادة هيكلية البنية الصناعية، توظيف الإعلام من أجل الصناعة.

وفي هذا الإطار، وقّع وزير الصناعة حسين الحاج حسن، الأربعاء 15 حزيران/ يونيو، والمدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو”، لي يونغ، البرنامج الوطني الذي ينظّم العلاقة بين وزارة الصناعة و”يونيدو” في السنوات الخمس المقبلة. ووقعا أيضاً مشروع دراسة إقامة المناطق الصناعية في لبنان. علماً أن البرنامج يتضمن “مشروع تنمية المناطق الصناعية والاستراتيجية الصناعية، وهو يساعد وزارة الصناعة على تطوير المناطق الصناعية خصوصاً في المناطق الأكثر ضعفاً وتهميشاً، وصياغة استراتيجية صناعية شاملة. فضلاً عن مشروع تطوير سلسلة الصناعات الزراعية، ومشروع تعزيز كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة والإدارة البيئية. ومشروع دعم القدرة التنافسية الصناعية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، الذي يركّز على تجميع الصناعات الثقافية والإبداعية في لبنان، ومواصلة دعم مؤسسات القطاع الخاص من خلال تقديم خدمات تطوير المشاريع وتشجيع الاستثمار، ومشروع تعزيز التنمية الصناعية الشاملة”.
ويؤكد رئيس “جمعية الصناعيين اللبنانيين” فادي الجميل أن الجمعية تعمل جاهدة من أجل تشجيع المواطنين للاتجاه نحو السلع المحلية، إذ إن ثقة المستهلك اللبناني بجودة صناعته، شكلت محور اهتمام الجمعية منذ سنوات. وفي هذا الإطار، تندرج الحملات الدعائية التي أطلقتها الجمعية بالتعاون مع وزارة الصناعة، ومنها حملة “اشترِ لبناني” و”صناعتك هويتك”. يضاف إليها حملات توعية في المدارس تهدف إلى تعزيز ثقة الطلاب بصناعاتهم الوطنية”.