IMLebanon

“داعش” ينهار.. ويطور إستراتيجية المبادرة

da3esh-isis-islamic-state

كتبت أسماء بوزيان في صحيفة “عكاظ” السعودية: بعد الانتقادات التي وجهها الإرهابيون من تنظيم داعش للمتحدث باسم التنظيم (أبو محمد العدناني)، كونه فشل في تفعيل الخطاب الرسمي تجاه أوروبا وعدم فاعليته وسرعة جدواه، اتجه الذراع الإعلامي للتنظيم بكل فروعه لتغيير خطته وإستراتيجيته، وتجلى ذلك في تنفيذ الهجمات في دول أوروبية. إذ أصبحت مسألة تبني العمليات الإرهابية في أوروبا تصدر عن منفذيها لحظات ارتكاب الهجمات. وهو ما حدث غداة اغتيال الشرطيين الفرنسيين بباريس، حيث سجل الإرهابي الذي قام بالعملية شريط فيديو مباشرة بعد ارتكابه العملية الإرهابية وأعلن مبايعته لأبي بكر البغدادي.

وحسب فرانسوا برنارد هوويغ، المختص الفرنسي في المعلومات والإستراتيجية “في الآونة الأخير لم يعد التنظيم يعطي تعليمات للمتعاطفين والمنتسبين إليه، بقدر ما فتح لهم حرية التصرف والمبادرة، واختيار الهدف، مع حثهم على ما يسمى بالجهاد الجواري. وتسجيل صوتي ومرئي لكل مبادرة باسم التنظيم”.

ويبدو أن الإستراتيجية الإعلامية الجديدة التي تنتهجها داعش في أوروبا تقوم على السرعة في التنفيذ والسرعة في إصدار بيان التبني بحيث يقوم المعتدي أو الإرهابي بتصوير هجومه بنفسه، خاصة مع إضافة فيسبوك لخاصية الفيديو المباشر. وهو ما أكده ماثيو غيدار، المختص في الفكر الإسلامي والعربي بجامعة تولوز الفرنسية،الذي يقول إن “تنظيم داعش ومن أجل توفير الوقت وتأمين بياناته، أصبح يطلب من جميع مجنديه تقديم أدلة في شكل أشرطة الفيديو، أو صور أو تسجيلات صوتية للحظة الهجمات التي ينفذونها على التراب الأوروبي”. وهو ما فعله لعروسي عبالة، حيث اغتال الشرطيين وقام بتسجيل فيديو على صفحته بالفيسبوك مع إبراز صورة طفل الشرطيين اللذين قتلهما، وهو يبايع أبو بكر البغدادي.

وحسب الخبير في شؤون الإرهاب وصاحب كتاب “الجهاديون الفرنسيون” دفيد تومسون أن أحد أذرع التنظيم، تنشر الأخبار والمستجدات، وتتبعها ببيانات مفصلة ومنمقة، وهو ما شاهدناه في هجمات 13 من نوفمبر 2015، بباريس وبعدها هجمات بروكسل في 22 مارس 2016. ولكن المعلومات التي تبثها ليست دائما دقيقة وذات مصداقية. وهو ما حدث أثناء هجمات باريس، حيث جاء في البيان الذي بثته وكالة أعماق أن التنظيم ضرب الدائرة الباريسية الثامنة عشرة، في حين لم يكن هناك أي هجمات في هذه المنطقة من العاصمة الفرنسية. والمغالطات نفسها جاءت في البيان الإعلامي، أثناء هجمات مطار زفنتم ببروكسل حيث أشار البيان إلى أن المهاجمين يحملون ترسانة من الأسلحة الثقيلة. إلا أن التحقيقات أشارت إلى أن المهاجمين لم يكن بحوزتهم أي سلاح من النوع الثقيل.

وفي وقت سابق كان المختصون في الجماعات الجهادية، كدفيد تومسون، قد أشاروا إلى أن الأخطاء التي وقعت في بيانات الأذرع الإعلامية لتنظيم داعش، تدل على أن الوكالة لم تكن لديها مصادر مباشرة على الأرض لتقصي الخبر، بل استعانت بما نشر في المواقع الإلكترونية للصحافة الفرنسية والأوروبية بشكل عام.

ويعتقد الخبراء أن تلك الأذرع الإعلامية لتنظيم داعش بأوروبا أدركت الهفوات التي وقعت فيها. إذ يؤكد الخبير في التنظيمات الإسلامية والأستاذ في الفكر العربي والإسلامي في جامعة تولوز بفرنسا ماثيو غيدار أن “تنظيم داعش غير إستراتيجيته الإعلامية بأوروبا منذ 22 مارس، خاصة بعد الانتقادات التي وجهت للناطق باسم تنظيم داعش (أبو محمد العدناني)، من قبل المنتسبين للتنظيم نفسه وحتى من قبل تنظيم القاعدة، وصبت هذه الانتقادات حول تأخر تبني الهجمات التي يقوم بها التنظيم في فرنسا وبعض الدول الأوروبية”.

ويضيف غيدار أن المرحلة القادمة سينتقل فيها التنظيم لإستراتيجية جديدة، أكثر سرعة وفاعلية وهي التصوير المباشر لأي تفجير انتحاري على تطبيقات بيريسكوب.

كما يؤكد جون بول رولر، المسؤول السابق في المخابرات السويسرية أن تنظيم داعش ينتهج في كثير من الأحيان الطريقة نفسها في الدعاية لهجماته. فوكالة أعماق، مثلا وهي أحد أهم الأذرع الإعلامية لتنظيم داعش، تنشر بياناتها بخصوص الهجومين الأخيرين بلغة فرنسية وإنجليزية، وفي الوقت نفسه تنشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي كفيديو لعروسي عبالة. وذلك رغم الرقابة التي تفرضها الاستعلامات الفرنسية على وسائل الإعلام التابعة لداعش بفرنسا، إلا أن التنظيم استطاع النفوذ إلى الفضاء الافتراضي.