IMLebanon

مياومو الكهرباء: 590 مياوماً في دائرة الخطر

ElectricityLeb2
خضر حسان

بغياب الإستراتيجية الواضحة للعلاقة بين مؤسسة كهرباء لبنان والمياومين والشركات مقدمي الخدمات، يدفع المياومون ثمن القرارات التي تتوالى مفاجآتها. وآخر سيناريوهات العلاقة غير المضبوطة بين المؤسسة والمياومين، يتمثل بتوجيه شركة KVA وهي “ابنة” شركة خطيب وعلمي، كما يصفها المياومون، كتاباً إلى وزارة العمل، تعلمها فيه أنها ستنهي عمل 590 مياوماً، تنتهي عقودهم في 28 آب/ أغسطس المقبل.

من الناحية القانونية، يمكن للشركة عدم تجديد التعاقد مع المياومين بعد إنتهاء مهلة عقودهم التي بدأت في العام 2012، لمدة 4 سنوات. لكن في قضية مياومي الكهرباء، يختلف الوضع لأن المؤسسة ومقدمي الخدمات قبلا بالتسوية السياسية التي أدت إلى ولادة قانون تثبيت المياومين، والتسوية بات لها قوة تفوق قوة القانون نفسه. وهي تنص على ديمومة العمل لكل المياومين تمهيداً لتثبيتهم.

العنوان العريض للتسوية (الديمومة) يجعل من كتاب الشركة، خطوة “غير قانونية”، وفقاً للتسوية. إذ إن الشركة ارسلت الكتاب “سراً” دون إعلام المياومين المعنيين بوقف عملهم. وهم حتى الساعة لم يتبلغوا القرار، بل عرفوا بالأمر من خلال تسريب صورة عن الكتاب، من داخل الوزارة. وترى مصادر من المياومين في حديث إلى “المدن”، أن هذه الخطوة تعتبر خرقاً لديمومة العمل، ويوضع هذا الخرق “برسم المكاتب العمالية للأحزاب المعنية في قضية المياومين وفي مقدمهم التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله الذي يساند التيار، بالسكوت أحياناً، وبالمشاركة أحياناً أخرى”. وتؤكد المصادر أن “هذه الخطوة تقوم بها الشركات كرد فعل على عدم تمديد عقودها مع مؤسسة كهرباء لبنان”.

وتشير المصادر إلى أن هذه الخطوة تأتي نتيجة “إنكسار” العقد الأساسي بين الشركات ومقدمي الخدمات. فالعقد مُدد لأربعة أشهر بعد إنتهاء المهلة الأساسية، والإنكسار “أعطى فرصة للشركات للتصرف على هواها، خصوصاً أن المؤسسة لم تقدم حتى الآن أي خطة عمل بديلة لتسيير عمل المياومين في ظل إنتهاء عمل مقدمي الخدمات. والشركات تلجأ إلى تنفيذ الخطة “ب”، وهي خلق “فوضى” في ملف المياومين، وإلقاء كرة النار بيد مؤسسة الكهرباء عبر تحميلها قضية المياومين وقضية تسيير الخدمات فجأة”.

وتعتبر المصادر أن هذه الخطوة “ليست بريئة”، بمعنى أن إدارة المؤسسة تعرف ما يحصل وتراقبه عن كثب، وهي لا تريد وضع خطة “ب” خاصة بها لمواجهة الفراغ الذي سيستجد، وذلك لوجود مستفيدين داخل المؤسسة وداخل وزارة الطاقة، يدفعون من خلال الشركات إلى جعل الملف أسوأ، فيربحون في الحالين، إما بتمديد عقود مقدمي الخدمات، وإما بإخراج عدد كبير من المياومين “المشاغبين” من دائرة التثبيت، ناهيك بخلق ظروف صعبة تسمح بفتح أبواب جديدة للإستفادة المادية والوظيفية.

وللمفارقة، فإن عدداً من الـ590 مياوماً، يفترض أنهم ينتظرون دورهم لإجراء إمتحانات التثبيت، عبر مجلس الخدمة المدنية، وبإيقافهم عن العمل، تقوم الشركة بحرمانهم من حق إجراء الإمتحان والتثبيت. فضلاً عن أن الشركة تلغي حق هؤلاء بمتابعة عملهم فيما لو تغيّرت المعطيات، وجرى تمديد عقود مقدمي الخدمات لسبب أو لآخر. ما يعني أن الشركة تُصدر قرار إعدام المياومين “وظيفياً”.

خطوة الشركة المتناقضة مع التسوية السياسية، وجدت طريقها لإقناع بعض المياومين بأحقية القرار. فيشير أحد المياومين المشمولين بقرار الإيقاف، لـ”المدن”، إلى أن “قرار الشركة قانوني”، فالمياومون “وقعوا عقوداً لأربع سنوات، ومع انتهاء العقد يتوقف المياومون عن عملهم. ولو كان هناك أي خرق للقانون وانتهاك لحقوقنا، لكنا تحركنا”. لكن الإقناع لم يتعدَّ بعض المياومين، لأن الأغلبية الساحقة تعرف أن ما يدور ليس سوى لعبة شد حبال بين المتنفذين في مؤسسة كهرباء لبنان والشركات. أما الوزارات المعنية، من العمل إلى الطاقة والمال، فتعلم ما يدور، لكن إنغماس الجميع باللعبة يصعّب الموضوع أكثر. أما الشركات فتحاول إحياء مشروعها بعدما “تململ” منه حتى المستفيدون، بسبب ضغط الفساد الذي إنكشف وينكشف تباعاً.

حتى الساعة، ينتظر المياومون الـ590 ما ستؤول إليه الأمور في ما يخص إنهاء عقودهم. وهم يلومون وزارة العمل على عدم تحريك الملف مع الشركة، ومن ناحية ثانية يتخوفون من تحضير الشركات الأخرى لعمليات إنهاء عمل لمياومين آخرين. وهو ما يؤسس لتفريغ ملف تثبيت المياومين، بطريقة قانونية في الظاهر. وكرد فعل، يطالب المياومون الشركات بإعادة النظر بقرارها، ويطالبون الوزارات بالتدخّل. ويؤكدون مبدأ الديمومة حتى حل الأزمة، سواء دخل بعض المياومين إلى الملاك أم لا. فمن لم يتم تثبيته لا يجوز أن يخسر عمله في الشركات الخاصة، ما لم يتأمن البديل، وفق ما يقوله لـ”المدن” علي الحاج يوسف، أحد المياومين.