IMLebanon

زيادة ساعات العمل مع الدولة ضد الصلاة

sejaan-azzi-s

خضر حسان في”المدن”:

ضحكة خفيفة، يقابل بها وزير العمل سجعان قزي، إعتراض النائب عماد الحوت على إقتراح “إعادة النظر في موضوع الدوام الصيفي في الدولة، ومنها زيادة دوام العمل الأسبوعي من الإثنين إلى الخميس من الثانية حتى الثالثة، والجمعة من الساعة 11 حتى الساعة الثانية عشرة، والسبت يصبح دوام عطلة”.

ففي حين يبرر قزي إقتراحه بـ”تخفيف مصاريف الدولة واستهلاك الوقود”، يرى الحوت أن إضافة ساعة على دوام عمل يوم الجمعة، “يتعارض مع فريضة الصلاة عند المسلمين”، فالمس بوقت هذه الفريضة، وفق ما يقوله الحوت لـ”المدن”، هو “تعارض مع حق العمال المسلمين بتأدية الفريضة”. ويذهب الحوت إلى القول إن “إحترام مكونات البلد أهم من بقية الأمور”، سائلاً، عن قدرة قزي على تقديم إقتراح يجعل يومي الجمعة والسبت عطلة، والأحد يوم عمل عادي. ويعتبر أن الحديث عن زيادة الإنتاجية وخفض استهلاك الطاقة، غير دقيق إقتصادياً، لأن هناك “دراسة أعدت على هامش سلسلة الرتب والرواتب، أظهرت أن لا تأثيرات فعلية على الإنتاجية في حال أضيفت ساعة إلى دوام العمل، كما أن خفض إستهلاك الطاقة لن يكون بمعدلات تُذكر، وبالتالي لا جدوى من تغيير دوامات العمل”.

ويؤكد قزي أن اقتراحه قابل للتعديل “إن كان إقتراحي تعديل دوام عمل يوم الجمعة يشكّل أزمة. علماً أن الإقتراح جاء من موظفين مسلمين”. فدخول هواجس الصيغة الوطنية والعيش المشترك على خط إقتراح إداري، يُضعف البحث في الناحية الإقتصادية والإدارية، مع أن قزي يشير في حديث مع “المدن” إلى أن إقتراحه “يخلق مساحات زمنية تنعش الإقتصاد والسياحة، وخصوصاً السياحة الداخلية. بالإضافة إلى إيجاد أوقات للتسوق”.

غيرة قزّي على الإنتاجية والمال العام، لا تكفي كسبب لإجراء تعديل على دوام العمل. فبحسب مصادر في وزارة العمل، فإن خطوة قزي “لن تزيد إنتاجية الموظفين، خصوصاً في ظل الفساد الإداري المنتشر في الإدارات الرسمية”. وتذكّر المصادر لـ”المدن”، أن عدداً كبيراً من موظفي الدولة “لا يلتزمون أصلاً بدوام العمل، ولا يلتزمون بالقيام بواجباتهم ضمن الدوام. والتعديل لن يحل أزمة البيروقراطية التي تنتشر في الإدارات الرسمية”. وتذهب المصادر إلى “إحتمال أن تساهم التعديلات بزيادة الإنفاق الحكومي وزيادة الهدر. فساعات العمل الإضافية تعني إستهلاك طاقة إضافية. أما جعل يوم السبت عطلة، فليس هناك دراسات حول التوفير الذي يمكن أن يقدمه للدولة”.

وتعتبر المصادر أن إفادة المؤسسات الحكومية تكون عبر “زيادة الرقابة ومكافحة الفساد الذي يجعل اليد العاملة الرسمية عرضة لمنافسة البطالة المقنعة، التي تتم عبر التوظيفات السياسية في الإدارة العامة، فكم من دائرة رسمية تعج بالموظفين الإسميين الذين لا عمل لهم؟”. وتتوسع المصادر في النقاش، لتسلط الضوء على ملفات التربية وغياب الدراسات والإحصاءات. فالتوظيفات في “الجامعة اللبنانية” لا تتم وفق الحاجات الفعلية، وكذلك في مؤسسة كهرباء لبنان، ناهيك بالدوائر الرسمية. هذا دون التطرق إلى الفجوة الكبيرة بين عدد الخريجين الجامعيين وفرص العمل في الدولة أو في القطاع الخاص. فلبنان يعجّ بخريجين أكاديميين يرفعون من نسبة البطالة. بغض النظر عن وجود العمالة الأجنبية. وحجم الخريجين الأكاديميين برز أخيراً في إمتحانات تثبيت أساتذة في التعليم الرسمي الثانوي، إذ كان عدد الخريجين أعلى بنسب تفوق 100% مقارنة بين العرض والطلب. وهذه الأزمات، لا تحلها زيادة ساعات العمل، بل خطط حكومية جذرية. وعليه، فالحفاظ على دوام العمل كما هو، “يجنب الدولة الدخول في متاهات النتائج المجهولة”.

كما مصادر وزارة العمل كذلك رئيس “رابطة موظفي الإدارة العامة” محمود حيدر، الذي يرى في حديث إلى “المدن”، أن إقتراح قزي “لا يمكن أن يطبق ما لم تُقر سلسسلة الرتب والرواتب”. ويشير إلى أن “الإقتراح كان ملحوظاً في نقاشات تعديل السلسلة”. ويدعو إلى “إعادة النظر في الهيكلية الإدارية”، لأن البحث عن الإنتاجية وتوفير الطاقة على الدولة، لا يمكن أن يحصل بمعزل عن تحصين الموظف لجهة إعطائه “رواتب وتقديمات كافية، فضلاً عن إحترام القوانين وإحترام إمتحانات مجلس الخدمة المدنية، والتوظيف بحسب الكفاءة.. وغير ذلك من الأمور التي تصب في مصلحة إعادة النظر في الهيكلية الإدارية”. ويلفت حيدر النظر الى ان الإقتراح محصور بفترة الصيف، وزيادة الدوام في حال أُقرت، لن تكون على مدار العام.