IMLebanon

سوليدير تتراجع: توزيع أرباح لـ «إسكات المساهمين»

Solidere

خلافاً لاقتراح مجلس الإدارة، أقرّت الجمعية العمومية لشركة «سوليدير» توزيع أنصبة أرباح على المساهمين. حصل كل مساهم على 10 سنتات عن كل سهم، وعلى توزيع عيني وفق معادلة «سهم مقابل كل 80 سهماً». القيمة الإجمالية للتوزيعات بلغت 35 مليون دولار، أي ما يوازي 46% من الأرباح المتراكمة ما أثار الاستغراب نظراً إلى خسارة الشركة في 2015 البالغة 119 مليون دولار. بعض المساهمين عدّ الأمر «رشوة لإسكات المساهمين»

محمد وهبة

انعقدت أمس الجمعية العمومية لشركة سوليدير بحضور رئيس مجلس إدارة الشركة ناصر الشمّاع وأعضاء مجلس الإدارة. كذلك حضر ممثلو ثلاثة مصارف كبرى تحملون أسهما في ميزانياتهم أو بوكالتهم عن زبائن يحملون هذه الأسهم. نسبة الحاضرين بلغت 35% من الأسهم، علماً بأن رئيس وأعضاء مجلس الإدارة وممثلي المصارف يمثّلون العدد الأكبر من الاصوات، أي ان صغار المساهمين كانوا قلّة قليلة. وعلى غير عادة، كانت الجلسة مملّة وكئيبة.

اليأس سيطر على صغار المساهمين فلم يحضر عدد كبير منهم. أما أصحاب الحقوق الحاضرين، الذين كانوا يرفعون أصواتهم عالياً بوجه الشمّاع وباقي «القبضايات»، فكان حضورهم شبه رمزياً، واقتصرت معارضتهم على بعض المواضيع العادية المتعلقة بالساحات العامة وبعض الأعمال التي تقوم بها «سوليدير» في منطقة المردومة حديثاً.
على جدول الأعمال كان هناك بنود أساسية؛ أولها إبراء ذمة مجلس الإدارة عن أعمال 2015، ثم مناقشة تقرير مجلس الإدارة عن أوضاع الشركة في 2015 والتقرير المالي، وخططها للسنوات المقبلة، وصولاً إلى التقرير الخاص عن رئيس وأعضاء مجلس الإدارة الذين يمارسون المهنة نفسها أو يمارسون عضوية لدى شركات تابعة أو مملوكة من «سوليدير».
براءة ذمة مجلس الإدارة تستوجب عرض النتائج المالية على المساهمين. لم يناقش أحد بعمق النتائج التي أدّت إلى تكبيد الشركة خسارة بقيمة 119 مليون دولار في عام 2015، بل كان هناك عرض من جانب واحد، اي من جانب مجلس الإدارة لأوضاع الشركة واقتراحاتها الرامية إلى الامتناع عن توزيع ارباح على المساهمين، اي تدوير الأرباح المتراكمة للسنة المقبلة.

هذه المعطيات كانت متداولة في الأيام السابقة بين عدد من المساهمين، فيما كانت هناك تحضيرات بينهم لمواجهة مجلس إدارة الشركة في الجمعية العمومية. مستوى التعبئة لم يصل إلى مستوى الرهان على المواجهة، إذ أوضح مساهمون لـ«الأخبار» أن «غالبية حملة أسهم سوليدير هم تجار أسهم موالون لمجلس الإدارة الذي اعتاد أن يكافئهم بتوزيع أنصبة الارباح عن كل سهم يحملونه، وعندما سمعوا أن المجلس يقترح في تقريره تدوير الأرباح، أي الامتناع عن توزيع أي قرش، أخذوا قراراً بمقاطعة الجمعية العمومية واللجوء إلى الصمت في مواجهة رؤساءهم. الاعتراضات التي نسمعها في مجلس الإدارة، هي في غالبيتها اعتراضات بين أبناء الصف الواحد، لا اعتراضات على المشروع الذي استولى على عقارات اصحاب الحقوق في وسط بيروت». لذا، كان واضحاً أن مثل هذا التكتّل لا مكان له بين «قبضايات» سوليدير.
بهذه الخلفية، ذهب النقاش في الجمعية العمومية نحو حماية سهم «سوليدير» من الانهيار. بعض المساهمين اقترح أن تشتري شركة «سوليدير» سلّة من أسهمها المدرجة في بورصة بيروت (تسمى أسهم خزينة) من أجل رفع سعر السهم قليلاً، فأجابه الشمّاع بأنه «لو اشترت الشركة 10 ملايين سهم لن يرتفع السعر». وبحسب تقرير مجلس الإدارة، فإن الشركة تملك حالياً نحو 1.97 مليون سهم من الفئتين (أ) و(ب) تبلغ قيمتها 19.7 مليون دولار على افتراض أن سعر السهم الواحد 10 دولارات.
في هذا السياق، اقترح بعض المساهمين توزيع الأرباح وتوزيعها. لم يكترث هؤلاء للخسائر المالية للشركة، بل كانوا يريدون توزيعات. وقد برزت ثلاثة اقتراحات؛ الاقتراح الأول هو أن يتم توزيع 5 سنت عن كل سهم، وسهم واحد لكل 80 سهماً. والاقتراح الثاني هو أن يتم توزيع 10 سنت عن كل سهم، وسهم واحد لكل 80 سهماً، والاقتراح الثالث أن يجري تدوير الأرباح كما يقترح مجلس الإدارة.
كان غريباً أن يجري التصويت على الاقتراح الثاني «بالغالبية العظمى» على حد تعبير مصادر إدارة الشركة. فمجلس إدارة الشركة الذي يمثّل غالبية الأصوات، حاول التذرّع بالخسائر التي تكبدتها في عام 2015 للتهرّب من توزيع انصبة ارباح، لكنه تراجع عن قراره بسبب نفور عدد من المساهمين من حوله، فيما كان يجب على الشركة أن تمنع انهيار سعر السهم بأي طريقة.
هكذا قرّر مجلس إدارة الشركة التراجع عن اقتراحه السابق القاضي بتدوير الأرباح، والتضحية بنحو 46% من رصيد الأرباح المتراكمة. كان الرصيد يبلغ 76.5 مليون دولار ولكن الجمعية العمومية أجازت لمجلس الإدارة مدّ اليد على هذا الرصيد ليوزّع 35 مليون دولار على المساهمين. بعض المساهمين قالوا إن هذا التوزيع لا يمكن فهمه إلا على أنه «رشوة» ليس هناك أي هدف منها سوى «إسكات المساهمين».
عدا عن ذلك، كان هناك نقاش بسيط في بعض المواضيع السطحية المتعلقة بسوليدير، لكن لم يناقش أحد كيف تمكنت سوليدير من تحقيق مبيعات بقيمة 211 مليون دولار في النصف الأول من عام 2016، فهل خفضت الاسعار إلى أقل من 3000 دولار لمتر الهوا؟ وهل صحيح أن الشركة تحقق دخل إضافي من خلال تعديلات على وجهة استثمار بعض العقارات؟ فمجلس الإدارة سجّل دخلاً إضافياً بقيمة 4.6 ملايين دولار بعدما عدّلت وجهة الاستثمار لزبون اشترى قطعة أرض، فهل تملك الشركة صلاحية التعديل؟
وكما أن أحداً لم يناقش في المبيعات والمخاطر وقانونية سلوك مجلس إدارة الشركة والمديرين التنفيذيين، فإن أحداً أيضاً لم يناقش في القضية المحورية التي تتعلق بسوليدير انترناشيونال التي تبيّن أن القضاء يساندها من دون وجه حق.

وعود شمّاعية مبنية على مخالفة

خلال انعقاد الجمعية العمومية أمس، قدّم رئيس مجلس إدارة «سوليدير» ناصر الشماع الذي جاء من الخارج خصيصاً للمشاركة في هذه الجمعية، وعوداً للمساهمين بتوزيع نحو 292 مليون دولار خلال السنوات الثلاثة المقبلة. وقال الشماع إن «سيولة شركة سوليدير انترناشيونال النقدية ستصل خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى حدود 750 مليون دولار من المتوقع أن توزع بمعظمها على المساهمين، مع الاشارة إلى أن شركة سوليدير تملك حوالي 39% من رأسمال سوليدير انترناشونال». وعود الشمّاع جاءت في إطار التبرير لعملية توزيع أنصبة أرباح نقدية بقيمة 10 سنت عن كل سهم، وأنصبة أرباح عينية بمعدل سهم واحد لكل 80 سهماً، ولتبرير وجود سوليدير انترناشيونال التي أنشئت خلافاً لقانون سوليدير.