IMLebanon

النفط وروائح الفساد (بقلم بسام أبو زيد)

Oil-Leb-EconZone

بقلم بسام أبو زيد

لا يثق اللبنانيون بالمرة أن ملف النفط والغاز سيكون بعيدا عن المحاصصة والفساد والنهب،وهم في هذا الانطباع المسبق محقون إذ أن كل التجارب السابقة في الملفات التي تحمل عائدات مالية كانت المحاصصة والفساد من عناوينها الرئيسية بدء من الكهرباء إلى الخلوي إلى الانترنت إلى النفايات إلى الميكانيك إلى الكسارات والسلسلة تطول.

إن هذا الانطباع عززته ورسخته ممارسات بعض الطبقة السياسية التي ترى في العديد من القطاعات باب استفادة واسع لها ولأزلامها وقد مكنهم ذلك من تحقيق ثروات كبيرة بقيت بموجب السلطة التي يتمتعون بها بعيدة عن المسألة والمحاسبة وأهمها من أين لك هذا؟

هذا الانطباع لن يكون بالإمكان تغييره في المرحلة الراهنة إن لم يكن مستحيلا وتبقى الأسباب متعددة وأولها أن بعض من هم في الطبقة السياسية لن يتغيروا وان سياستهم في نهب البلد وأفقاره لن تتغير والأهم أن هؤلاء لا يخشون المحاسبة والمثول أمام القضاء لا سيما وأن المواطنين اللبنانيين لا حول ولا قوة لهم في فرض إرادة تغيير  حقيقية فهم محكومون بقانون انتخاب تفرضه هذه الطبقة وباتجاهات طائفية ومذهبية ناجمة عن هذه الطبقة أيضا بالإضافة إلى لامبالاة موجودة عند الكثير منا وصلت في بعض الأحيان إلى حد الاستسلام.

وسط هذا الواقع يأتي الحديث المستجد عن استخراج واستثمار الثروة النفطية والغازية، والظاهر حتى الآن أن بعض المهتمين بهذا الموضوع يرغبون في أن يخفوا عن الرأي العام الكثير من الحقائق المتعلقة أولا بالتلزيم للتنقيب وكيفية إرسائه على شركات معينة،ومدى الاستفادة المادية من هذه التلزيمات،ومن هم المستفيدون.على أن يتبع ذلك تلزيمات الاستخراج ومن سيستفيد من كل هذه العملية عبر السمسرات والمحاصصة والعمل كشركات مساعدة للشركات التي ستستخرج النفط والغاز.ويضاف إلى كل هذه العملية الموضوع الأساس وهو كيفية التصرف بالعائدات النفطية والغازية ولو بعد سنوات وفي أي صندوق ستودع وفي أي مجالات ستستخدم؟ومن سيستفيد من استخدامها؟

إن الإجابة على كل هذه التساؤلات بصراحة وصدق لن تكون متاحة للبنانيين،لأن المعنيين لا يرغبون بالإجابة وما من أمر يضطرهم للإجابة على ذلك باعتبار أن تقاسم الجبنة يفترض تقاسم المصالح وهو ما بدا العمل به وسيأخذ طريقه تصاعديا وصولا إلى حد إزاحة كل من يعترض من شكل جدي وعملي من درب هؤلاء.

إن اللبنانيين مدعوون إلى أن لا يفرطوا ببترولهم وغازهم وهو ملك لهم وليس ملكا لأي جهة سياسية أو حزب أو تيار أو طائفة أو مذهب،ومن حق اللبنانيين أيضا لا بل من واجبهم إلا يسمحوا بنهب هذه الثروة لأنها وحتى ولو أتت متأخرة فهي السبيل الوحيد لتطوير الاقتصاد ومستوى المعيشة وخلق فرص العمل للجميع.

واستنادا إلى ذلك لا بد لقيادات ومسؤولين سياسيين وغير سياسيين،ولأصحاب الاختصاص وللمجتمع المدني واللبنانيين أجمعين أن يشكلوا قوة ضغط ومراقبة تحول دون تمرير اي صفقات ومحاولات نهب،فيعمدون إلى إثارتها إعلاميا وفضح مرتكبيها والعمل على محاسبتهم قضائيا وأمام الرأي العام،على أن يسبق كل ذلك تحصين كل عملية التنقيب واستخراج النفط والغاز بقوانين شفافة صارمة تقطع اليد التي تمتد إلى ثروة ومستقبل كل اللبنانيين.