IMLebanon

تنامي المخاوف من تمدد “داعش” داخل مخيم “عين الحلوة”

ain-el-helwe

 

 

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:

 

تنامت المخاوف الأمنية المحيطة بمخيم “عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين الواقع في مدينة صيدا، عاصمة جنوب لبنان، وذلك بعد تقاطع معلومات الأجهزة اللبنانية عن مخططات إرهابية يتم الإعداد لها داخل المخيم، وعن اتساع القاعدة المتعاطفة مع تنظيم داعش، خاصة بعد عودة عدد من العناصر الذين جندهم التنظيم في سوريا إلى “عين الحلوة” الذي يستضيف نحو 120 ألف لاجئ فلسطيني؛ ما يعني تزامن أي انفجار أمني فيه مع انفجار اجتماعي غير مسبوق.

تتركز الشبهات حاليا وبشكل أساسي حول أحد أبرز المطلوبين داخل المخيم، وُيدعى عماد ياسين، وهو يعيش في حي الطوارئ الذي يلجأ إليه معظم المطلوبين ممن يحملون فكرا متطرفا. وبحسب المعلومات المتداولة، فإن ياسين الذي يحمل ألقابا متعددة كـ”أبو هشام وأبو بكر وأبو إسحق”، هو المؤسس الروحي لتنظيم “عصبة الأنصار”، ولقد بايع تنظيم داعش أخيرا. وهو الآن موكل من قبله بإعداد عملية إرهابية كبيرة توقع عددا كبيرا من الضحايا.

في هذا السياق، قالت مصادر فلسطينية موجودة داخل “عين الحلوة” لـ”الشرق الأوسط”: إن الوضع الأمني فيه، كما في كل المناطق اللبنانية، غير آمن تماما، متحدثة عن “مشكلات أمنية حقيقية متراكمة”. وتابعت المصادر لـ”الشرق الأوسط” موضحة “طالما “داعش” لم يعلن رسميا تواجده في المخيم فلا داعي للهلع.. لكن ذلك لا يعني أيضا التراخي بالتعامل مع المستجدات؛ لأن مجرد وجود أشخاص يتعاطفون مع الفكر الداعشي موضوع بغاية الخطورة”. وحالًيا، بحسب المصادر، تتراوح أعداد العناصر المتطرفة القريبة من “داعش” داخل “عين الحلوة” ما بين 30 و45 عنصرا، ووفق المصادر فإن “قسما لا بأس به يتبع لهلال هلال، وهو كان أحد عناصر (عصبة الأنصار)، لكنه ذهب إلى سوريا وشارك بالعمليات القتالية وعاد قبل فترة أكثر تشددا وتطرفا والأرجح أّنه بايع “داعش”.

وتتضارب الآن المعلومات الواردة عن العمليات التي يخطط لها التنظيم المتطرف إن كان داخل المخيم أو خارجه. ففي حين يتم التداول بسعيه للتمدد والسيطرة على “عين الحلوة” أو قسم منه لإعلانه إمارة له، تشير معطيات أخرى إلى ارتكاز مهمات المبايعين للتنظيم في المخيم على التخطيط لعمليات إرهابية ينفذها انتحاريون يأتون من سوريا بعد أن يكون قد أّمن لهم هؤلاء كل المستلزمات والأدوات التنفيذية وأّمنوا إقامتهم وتنقلاتهم باتجاه الأهداف المحددة.

وبينما أفيد عن استنفار أمني لبناني – فلسطيني مشترك للتصدي للمخططات السابق ذكرها، تستبعد مصادر في حركة “فتح” داخل “عين الحلوة” تماما قدرة المنتمين أو المتعاطفين مع “داعش” على التمدد والسيطرة على المخيم من منطلق وجود قدرات عسكرية كبيرة للفصائل الفلسطينية مجتمعة من خلال القوة الأمنية المشتركة، وبخاصة لحركة “فتح”. وتلفت إلى أن التنظيمات الإسلامية المعتدلة تلعب دورا أساسيا في هذا الإطار، وهي تؤكد باستمرار جهوزيتها للتصدي لأي محاولات من هذا النوع.

هذا، وتتولى قوة أمنية قوامها نحو 300 عنصر أمن “عين الحلوة” الذي لا تواجد فيه للأجهزة أو القوى الأمنية اللبنانية، كغيره من المخيمات الفلسطينية المنتشرة في أكثر من منطقة في لبنان. وقد تم تجهيز قوة تنفيذية عسكرية من 150 عنصرا مهمتها التدخل السريع لفض أي أشكال أمني أو أي محاولة لفرض واقع معين داخل المخيم. ويتحدث قائد “القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة” في لبنان اللواء منير المقدح عن “مبالغة” في التعاطي مع الوضع الأمني داخل المخيم، مؤكدا أنهم يمسكون به تماما: “وهذا ما أبلغناه لرئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد الركن خضر حمود”. وقال لـ”الشرق الأوسط”: “هناك قرار واضح وحاسم لدى مختلف الفصائل بضرب أي فرد أو مجموعة تحاول جر المخيم إلى إشكالات أمنية، وما هو مؤكد أننا سنغرق من يحاول إغراق سفينتنا ولدينا القدرة والقوة اللازمة لذلك”.

وبحسب المقدح، فإن القوة الأمنية المنتشرة في “عين الحلوة” تدخل كل الأحياء دون استثناء، ومن ضمنها حي الطوارئ: “باعتبار ألا خطوط حمراء على الإطلاق بوجهنا”، وأضاف: “أتحدى أن يخرج من يقول: إنه تم استهداف لبنان في السنوات الـ5 الماضية انطلاقا من مخيمنا.. نحن على تنسيق يومي مع الجيش اللبناني ونسلمه بشكل مستمر أعدادا من المطلوبين”.

وتتقاطع مواقف المقدح مع تأكيدات علي بركة، ممثل حركة حماس في لبنان لجهة التعاطي المضّخم مع موضوع “عين الحلوة”: “وكأنه يقصد منه التحريض على الوجود الفلسطيني في لبنان”، مؤكدا وجود “لقاءات وتنسيق عال بين الفصائل الفلسطينية والأجهزة اللبنانية أحبط الكثير من العمليات التي كان من الممكن أن تستهدف أمن لبنان”. وقال لـ”الشرق الأوسط”: “الوضع في المخيم حاليا هادئ ومستقر، ولن نسمح لا لـ”داعش” أو سواه باستخدام المخيمات الفلسطينية للإساءة لعلاقتنا مع إخواننا اللبنانية، أو استهداف أي منطقة أو جهة لبنانية كانت أم أجنبية”.