IMLebanon

الحركة التصحيحية العونية “تنطلق”!

Gebran-Bassil-1

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:

يتجه “المعارضون العونيون” لسياسة رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، إلى تصعيد تحركاتهم بعد إصدار قرار حزبي بتعليق عضوية القيادي في التيار زياد عبس، والمسؤول عن دائرة بيروت الأولى جورج طاشجيان، عشية الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشحين للنيابة. وهو ما يعني قطع الطريق على الأول الذي كان يتأهب لخوض الانتخابات بوجه نائب رئيس التيار الوزير السابق نقولا صحناوي في منطقة الأشرفية في بيروت.

وفي حين ترد القيادة العونية تعليق عضوية الناشطَيْن السابق ذكرهما “لمخالفة القرار الحزبي” في الانتخابات البلدية الأخيرة في لبنان، وبالتحديد في دائرة بيروت، ودعم مرشحين لا يؤيدهم التيار، يدافع عبس وطاشجيان عن نفسيهما بالتأكيد أن ما قاما به من صلاحياتهما طالما أنهما لم يستشارا بالقرارات التي اتخذت، وأدت إلى دعم لائحة ترفضها معظم “القاعدة العونية” في المنطقة.

هذا، وأعد عشرات المعارضين العونيين “خطة مواجهة” تقتصر حاليا على الدفع باتجاه “حركة تصحيحية” من داخل التيار، على أن تتطور في حال لم تنجح لتشكيل تيار أو حزب جديد يضم المنشقين، بحسب ما تؤكد مصادر معارضة لـ”الشرق الأوسط”.

وتلفت هذه المجموعة إلى أن التوجه الحالي هو لـ”قلب الطاولة على من يجلسون عليها في الداخل، باعتبار أن السياسة التي انتهجناها خلال العام الماضي، أي منذ تعيين باسيل رئيسا في الصيف الماضي، ولّت إلى غير رجعة”.

وتضيف مصادر المجموعة “انتظرنا كثيرا وصبرنا أكثر، لكن بعد التطورات الدراماتيكية الأخيرة لم يعد يمكن أن نسكت، وقد اتخذنا قرارا بألا جمود بالتعاطي مع المسألة بعد اليوم، ولا عودة للوراء، بل خطوات تسير بالتيار إلى الأمام”، مشددة على أن “الحركة لن تتوقف قبل إنهاء الوضع الشاذ الحالي”.

ترتكز هذه الخطة بشكل أساسي على إطلالات إعلامية مكثفة للمعارضين، بعدما كانوا يعملون طوال المرحلة الماضية بالظل، إضافة إلى حملة كبيرة بدأت فعليا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصولا إلى حركة تصحيحية على المستوى الحزبي الداخلي.

وللعلم، كان رئيس الحزب باسيل، كان قد هدد في وقت سابق بإحالة “أي شخص يُسرّب إلى الإعلام أمورا داخلية” إلى المجلس التأديبي، مؤكدا أّنه ليس هناك من معارضة وموالاة في تياره.

وارتأت “المعارضة العونية” التي يقودها بشكل أساسي نعيم عون، ابن شقيق رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون، والقياديون السابقون في التيار أنطوان مخيبر، طوني نصر الله، رمزي كنج وزياد عبس، أن يكون الأول من يطلق أولى الرصاصات في الهواء معلنا اندلاع المعركة الداخلية، عبر إطلالة تلفزيونية له أمس لم يتردد فيها بالإقرار بأن “كل ما قاومه المناضلون في التيار في الماضي يعيشه الحزب اليوم”.

وتحدث مخيبر أيضا عن “قمع ممنهج للأصوات المعترضة على أداء القيادة”. بينما لفت نعيم عون إلى أن الفريق المعترض على هذا الأداء “يتعاطى مع المشكلات التي تعصف بالتيار وكأنه أم الصبي ولا يبحث عن مشكلة مع القيادة التيار”، مشددا على أن “الظهور الإعلامي بات ضروريا لتصويب المسار داخل الحزب”.

وإذ حمّل مسؤولية ما وصل إليه التيار في جزء منه للعماد عون، والجزء الآخر لصهره وزير الخارجية ورئيس التيار جبران باسيل، استهجن “الارتجال في تفسير النظام الداخلي وسوء النية في تطبيقه”، وأكد أنه “على الرغم من هذا الواقع السيئ، فلن نترك نحن بصفتنا مناضلين الحزب وسنقاتل لاسترداده”.

كانت الأزمة داخل “التيار الوطني الحر” قد بدأت في الصيف الماضي جراء الضغوط التي مورست على الراغبين في الترشح لمنصب رئيس التيار وأبرزهم آلان عون وزياد أسود (وهما من نواب البرلمان) لتخلو الساحة لباسيل الذي اعتبر معارضوه أنه عيّن تعيينا ولم يُنتخب ديمقراطيا.

ويسعى الأخير منذ تسلّم رئاسة التيار في (آب) الماضي لإقصاء معارضيه، ومعظمهم ممن يعرفون بـ”القدامى والمؤسسين” الذين يعترضون على السياسة التي يتبعها عون وصهره بإعطاء الدور الأبرز لـ”المتمولين”، خصوصا حين يتعلق الأمر بالتوزير، باعتبار أن قسما كبيرا من الوزراء الذين سمّاهم عون في الحكومات المتعاقبة، كان حتى وقت ليس ببعيد لا ينتمي للتيار، بل إلى تيارات وأحزاب أخرى.

ومن المرجح أن تتسع دائرة الخلاف داخل تيار عون عشية الانتخابات التمهيدية الداخلية لاختيار المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، وهي عملية غير مسبوقة في تاريخ الأحزاب اللبنانية، وكانت لتشكل خطوة ديمقراطية متقدمة جدا، لولا ترك القرار النهائي بشأن المرشحين الذين سيجري اعتمادهم لرئيس التيار.

وحسب التعميم الذي أصدره باسيل أخيرا، والذي دعا خلاله لهذه الانتخابات نهاية الشهر الحالي، فإنه يفوز في هذه المرحلة حدّ أقصى من المرشحين المحتملين بنسبة 1.5 من عدد المقاعد المخصصة لكل مذهب، يتم بعدها إجراء استطلاع رأي، ويكون محصورا بمرشحي التيار ضمن الدائرة الانتخابية من أجل تصنيفهم تراتبيا، وبالتالي حذف العدد الذي يتخطى عدد النواب المحدّدين لكل دائرة انتخابية وفق توزيعهم على المذاهب.

ومن ثم يجرى استطلاع رأي آخر بقرار من الرئيس بعد إقرار القانون الانتخابي، وبعد إعلان المرشحين وقبل إجراء الانتخابات بفترة تسمح بتصنيف مرشحي التيار مقابل المرشحين الآخرين لكي يجري اختيار المرشحين النهائيين وفق التحالفات الانتخابية، وذلك بقرار سياسي من التيار ورئيسه.