IMLebanon

“بوكيمون غو” تُفقد المستثمرين صوابهم أيضًا!

pokemon-go

 

كتب ناصر الأمين في صحيفة “الأخبار”:

الهوس بلعبة “بوكيمون غو” انتقل الى أسواق الأسهم، وبلغ حدّاً للدفع بشركة “ننتيندو” التي لا تملك إلّا نسبة 32% من شركة “بوكيمون”، الى إصدار بيان تحذر فيه من أنّ أرباحها من هذه اللعبة ستكون محدودة، وهدفت من وراء ذلك الى التخفيف من المضاربات على أسعار أسهمها.

لعبة “الواقع المعزز” (Augmented Reality) “بوكيمون غو”، التي طوّرتها شركة يابانية ناشئة اسمها “نيانتك” بالاشتراك مع “شركة بوكيمون”، تمكنت من رفع أسعار أسهم شركة “نينتيندو” بنسبة 120% خلال الأسبوعين اللذين لحقا تاريخ إصدار اللعبة، لتصبح قيمة الشركة في السوق 30.7 مليار دولار، وذلك نتيجة انتشار هذه اللعبة السريع بين مستخدمي الهواتف الذكية.

ولكن ما لبثت أنّ عادت أسعار أسهم “نينتيندو” إلى الهبوط، على إثر إعلان الشركة أنّها لا تتوقع أن تحقق أرباحاً كبيرة من اللعبة، في محاولة منها، على ما يبدو، لضبط “فورة” صعود أسعار أسهمها في البورصة والحدّ من المضاربات.

حُمّلت لعبة “بوكيمون غو” خلال 6 أيام، وهي فترة زمنية تعدّ قياسية، على هواتف 100 مليون مستخدم، ما اعتبره المدير التنفيذي لشركة “بليبر”، المطوّرة لبرامج “الواقع المعزز (Augmented Reality)، أمباريش ميترا، سابقة “لم يحصل لها مثيل في تاريخ الانترنت والتكنولوجيا الاستهلاكية”، مضيفاً أن “آخر تطبيق وصل إلى هذا العدد من المستخدمين، استغرق سنة وثلاثة أشهر لتحقيق ذلك”.

وطوّرت الشركة الناشئة “نيانتك” لعبة “بوكيمون غو”، معتمدةً على دمج تكنولوجيا مستحدثة بالذاكرة الجماعية لجيل اعتبر “بوكيمون” جزءاً أساسياً من طفولته، ما ساهم في هذا النجاح الباهر لللعبة. إلا أنّه ساهم أيضاً في رفع “نيانتك” الى حوالي 3.6 مليارات دولار (ومن المتوقع أن تحصد أكثر من 740 مليون دولار من الأرباح خلال هذا العام، أي خمس مرات أكثر من التوقعات السابقة)، في الوقت الذي تضاعفت فيه القيمة السوقية لشركة “نينتندو” التي تملك 32% من “شركة بوكيمون”، مع ارتفاع أسعار أسهمها في الأيام التي تلت إصدار اللعبة نحو 120%. واستمرّت الحال لفترة حتى صرّحت شركة “نينتيندو” بأنّ الأرباح التي ستحصدها من “بوكيمون غو” ستكون “محدودة”، ما نتج منه انخفاضًا حادًا في أسعار أسهم الشركة.

تعدّ اللعبة رائدة في مجال “الواقع المعزز”، إذ فتحت “بوكيمون غو” الباب أمام مصمّمي الألعاب والتطبيقات المتعلقة بشتّى المجالات من التصميم الداخلي إلى السيارات والخدمات، للإستثمار في تطوير ما قد بدأوا به سابقاً، إذ أثبتت أنّه ليس عليهم الإنتظار عقدًا (كما كان يقول الخبراء) ليصبح “الواقع المعزز” (والإفتراضي) قابلاً للتجذّر في حياة الناس اليومية.

الأرباح التي ستجنيها هذه اللعبة الريادية لن تنعكس كثيراً على أرباح شركة “نينتندو”، فالمعروف أنّ “ننتيندو” ليست الجهة المطوّرة للعبة، وهي لا تملك إلّا نسبة 32% من “شركة بوكيمون”، وبالتالي قد لا تتطابق أرباحها مع قيمة الاستثمار في أسهمها، وهذا ما دفع العديد من مديري الاستثمار في البورصة الى التحذير من مخاطر الإقبال الهائل على شراء أسهم “نينتندو”. هؤلاء المديرين يقرّون بدور “نينتندو” في فتح باب الهواتف الذكية أمام دمج عالم “الواقع المعزز” في الجيل القادم من التكنولوجيا، ولكنّهم يدركون أنّ “الفورة” من شأنها مضاعفة سعر الشركة في السوق، وبالتالي لا يجدون ذلك مبررًا حتى الآن.

في الواقع، تسمّى هذه الظاهرة في سوق الأسهم “الخوف من الاستثناء (Fear of being left out)، حيث يقوم أصحاب رؤوس الأموال بشراء أسهم ذات خطورة بهدف التنافس مع آخرين في السوق لكي لا يستثنوا من أرباح قد تحققها هذه الأسهم. وفي بعض الأحيان يستمر أصحاب رؤوس الأموال بالاستثمار رغم المؤشرات، ما قد يؤدي إلى اختلال بين أرباح الشركة وأسعار الأسهم المرتفعة، ما ينتح فقاعات (كفقاعة دوت كوم في أواخر القرن الماضي، وفقاعة العقارات عام 2008 في الولايات المتحدة). وهذا ما دفع بـ”نينتندو” إلى الإعلان عن محدودية أرباحها التي ستجنيها من “بوكيمون غو”، وذكّرت المضاربين بأنها ليست شريكاً مباشراً في اللعبة، وبأن الأرباح التي ستجنيها لن تستدعي منها إعادة النظر في قوائمها المالية الموحدة. الهدف كان كمش الفورة في أسعار أسهم الشركة وحثّ المستثمرين على البيع، إذ إنّه بغياب الأرباح التي تدعم ديمومة ربحية استثمارهم، قد يدفع حملة الاسهم الى البيع سريعاً قبل انخفاض الأسعار، وبالتالي وضع الشركة أمام خطر انهيار قيمتها السوقية لاحقاً. على أي حال، نجحت الشركة في تحييد نفسها من “الفورة”، ولكن أسهمها لا تزال أعلى بنسبة 40% ممّا كانت عليه قبل إصدار اللعبة.