IMLebanon

“المستقبل” في مواجهة مزاج متغير في عكار!

future-movement11

 

 

كتب غسان ريفي في صحيفة “السفير”:

عكست الجولة التي قام بها الأمين العام لـ «تيار المستقبل» أحمد الحريري الى قرى جبل أكروم في عكار، وتأكيده أمام أهلها بأننا «سنكون معقّبين لمعاملاتكم في الوزارات والادارات، بناء على توصية الرئيس سعد الحريري»، مدى عمق الأزمة التي يشعر بها «التيار الأزرق» في عكار التي لطالما شكلت «خزانا شعبيا» له على مدى عقد من الزمن، وصولا إلى تخليها عن معظم قياداتها التقليدية.

تدرك قيادة «المستقبل» أن تراجع حضور «التيار» في الشارع اللبناني عموما، لا يستثني عكار التي بات فيها من الأزمات ما يقلق هذه القيادة ويدفعها الى معالجة بعضها بنفسها في ظل انقطاع أو توتر العلاقة مع بعض النواب، وغياب بعضهم الآخر عن السمع، وضعف قدرات المنسقيات، فضلا عن الأزمة المالية التي ترخي بثقلها على الجميع، لا سيما بعد إقفال «حنفية» المساعدات والخدمات في كل المناطق، وانتهاء ما يسمى «زمن المال السياسي» سعودياً.

لا تنحصر أزمات «المستقبل» في عكار بالانتقادات التي يوجهها له جمهوره بعدم الايفاء بالوعود الانمائية التي قطعها الرئيس سعد الحريري عشية انتخابات العام 2009، بل هي تتسع شيئا فشيئا على صعيد تبدل مزاج الشارع العكاري، ودخول عناصر جديدة إليه.

هذا الواقع بدأ يهدد الحصرية السياسية لـ «تيار المستقبل» في عكار، وما لجوؤه الى اعتماد مبدأ النأي بالنفس عن الدخول مباشرة في الانتخابات البلدية الأخيرة، وخوضها في بعض البلدات تحت ستار العائلات إلا لحفظ ماء وجهه، وتجنباً لخسائر هو بغنى عنها.

لذلك، حاول الرئيس الحريري عندما زار عكار في رمضان الفائت بعد طول غياب، لرعاية حفل إفطار في ببنين، إعادة شد العصب العكاري، وجاءت زيارة أحمد الحريري العكارية، في نهاية الأسبوع الماضي وصولا الى القرى النائية، محاولة شخصية منه لرأب الصدع الحاصل، قبل أن يحين موعد الاستحقاق النيابي.

وتأتي جولة أحمد الحريري العكارية التي اقتصر الحضور النيابي فيها على النائب هادي حبيش فقط، بسبب ما تصفه مصادر مستقبلية بـ «الكوما السياسية» التي دخلها بعض نواب عكار قبل فترة، نتيجة الأزمة المالية التي دفعتهم الى الانكفاء، ما أدى الى توسيع الهوة بينهم وبين ناخبيهم.

وتبدو العلاقة غير مستقرة بين «القيادة الزرقاء» وبين النائب معين المرعبي الذي ينتقد بشكل مستمر تقصير تياره والحكومة بحق عكار، وهو كان هدد أكثر من مرة بالاستقالة من النيابة ومن التيار إذا لم يصر الى إنصاف مناطق الشمال، كما أكد في أكثر من مناسبة أنه لن يكون مرشحا في الانتخابات المقبلة.

ومن المرتقب أن تواجه «المستقبل» في عكار حركة النائب خالد ضاهر الذي انتظر (بحسب ما يردد في مجالسه) «إصلاح الخطأ الذي ارتكب بحقه على صعيد فصله من الكتلة النيابية، قبل أن يرفع لواء المواجهة مع التيار».

وقد ترجم ضاهر ذلك في هجومه المباشر أكثر من مرة على الرئيس الحريري واتهامه بالضعف والتخلي عن أهل السنة، وعن الثوابت والمبادئ التي قامت عليها ثورة 14 آذار، وكذلك في اعتراضه على زيارة سعد الحريري الى عكار، حيث وجّه رسالة إليه مفادها «أن أبناء عكار لن يحبوك أكثر من ابن منطقتهم».

وتفيد المعلومات أن ضاهر ينشط على خط كل القرى العكارية، حاملا معه كماً من التحريض على سياسة الحريري و«تيار المستقبل»، فضلا عن انفتاحه الكامل على وزير العدل المستقيل أشرف ريفي والتنسيق معه سياسياً وانتخابياً.

وتضيف هذه المعلومات أن ضاهر نقل الى ريفي أكثر من دعوة للقيام معه بزيارة مشتركة الى قرى عكار وقد وعده الأخير بتلبية الدعوة، لكنه طلب منه التريث في الوقت الحاضر بسبب المحاذير الأمنية.

وتقول مصادر سياسية مطلعة إن أكثر ما يربك «قيادة المستقبل» اليوم، هو أنها تجد نفسها مضطرة لمواجهة المتمردين عليها والخارجين من تحت عباءتها، خصوصاً أن هؤلاء يعرفون تماما كيفية اللعب على الوتر العاطفي للقواعد الشعبية، الأمر الذي يشغلها عن متابعة أمور أكثر أهمية تتعلق بنفوذ وحضور وشعبية التيار في عكار.