IMLebanon

عون و”اللوتو” في بيت الوسط!

saad-hariri-aoun

كتب عماد مرمل في صحيفة “السفير”:

يتوزع الرئيس سعد الحريري على محاور عدة، في هذه الايام. الازمة الداخلية في “تيار المستقبل” والتحضير للمؤتمر العام للتيار في تشرين المقبل. ضائقته المالية التي انعكست نقصا حادا في السيولة. محاولة إعادة ترميم شعبيته ومداواة ندوب الانتخابات البلدية استعدادا للانتخابات النيابية. العودة الى رئاسة الحكومة التي تكاد تكون الرافعة الوحيدة له سياسيا..

لكن الحريري يدرك ان الرحلة في اتجاه السرايا الحكومية ليست نزهة، وان المسافة الفاصلة بينها وبين منزله في “بيت الوسط” هي أطول من ان يقطعها، من دون اثمان وتنازلات سياسية.

سبق للحريري ان افترض في لحظة سياسية خاطفة ان استدارته الكاملة نحو ترشيح خصمه اللدود سليمان فرنجية هي ثمن كاف، ليس فقط لاستعادة رئاسة الحكومة وانما للبقاء فيها طيلة سنوات العهد الزغرتاوي المفترض، لا سيما ان رئيس “المستقبل” كان يعتقد، أو هكذا تمنى، ان هناك موافقة ضمنية من “حزب الله” على “صفقة” انتخاب فرنجية.

لم تصح حسابات الحريري الذي فوجئ باستمرار دعم الحزب ترشيح ميشال عون، وكأن فرنجية ينتمي الى “حزب الخضر”. لاحقا، تلقى رئيس “المستقبل” ضربة اخرى من الحليف المسيحي سمير جعجع الذي رشح عون كذلك، لتصبح مهمة فرنجية أشد صعوبة ومغامرة الحريري أشد خطورة.

بعد النتائج التي انتهت اليها الانتخابات البلدية مؤخرا، اكتشف الحريري انه دفع من رصيده السياسي والشعبي كلفة مبادرته الى ترشيح رئيس “المردة” من غير ان يأتيه المردود الذي كان يتوقعه.

لو تجاوب الحزب مع المبادرة وجرى انتخاب فرنجية، لكان الحريري قد ظهر امام جمهوره بمظهر منقذ الجمهورية لا المفرّط بالثوابت، ولكانت الكلفة التي دفعها قد صوّرت بمثابة تضحية منه وليست خسارة له، لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفنه، وسرعان ما تحول المخرج المفترض الذي اقترحه الى مأزق إضافي.

مرت الشهور على هذا المنوال من المراوحة في داخل المأزق، ثم راح جعجع يحاول اقناع الحريري بانتخاب عون، ليزيح عن كاهل تياره الازرق مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية ويكشف حقيقة نيات “حزب الله” الذي يتهمه رئيس “القوات” بانه ليس صادقا في دعم “الجنرال”.

اين الحريري من هذا الخيار، وهل صحيح انه اقترب من اعتماده؟

يؤكد مصدر مقرب من الحريري ان دعم ترشيح عون ليس واردا حتى هذه اللحظة لدى رئيس “المستقبل”، لافتا الانتباه الى ان الافق الرئاسي لا يزال مقفلا، إلا إذا طرأت مستجدات اقليمية، وتحديدا في اليمن او سوريا، من شأنها ان تدفع ايران و “حزب الله” الى تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية.

ويشير المصدر الى ان المحيطين بعون أفرطوا في التفاؤل خلال الاسابيع الماضية، على طريقة سحب اللوتو “إذا مش الاثنين، أكيد الخميس”، معتبرا ان هذا المناخ بُني على استنتاجات واجتهادات ليست في محلها، وموضحا ان الحريري لم يتخلَّ عن ترشيح فرنجية.

ويشدد المصدر اللصيق بـ “بيت الوسط” على ان الحريري لم يعد مستعدا للتبرع بمبادرات رئاسية مجانية، والتركيز حاليا هو على عمل هيئة الحوار، ملاحظا ان رئيس “المستقبل” دفع غاليا ثمن قراره الشُجاع بترشيح فرنجية من دون ان يتجاوب معه الطرف الآخر الذي يبدو انه لا يريد انتخاب رئيس الآن، وبالتالي فان الحريري ليس جاهزا، في الوقت الضائع، لاقتراح مبادرات اضافية، يسدد كلفتها من جيبه السياسي من غير ان تنتج في المقابل شيئا، بل يكون مصيرها الاحتراق الواحدة تلو الأخرى.

ووفق المصدر، ليس سهلا على الحريري ان يذهب الى حدود أبعد من ترشيح فرنجية، موضحا ان اقصى ما يستطيع ان يقدمه لـ “الجنرال”، هو حضور جلسة انتخاب الرئيس وعدم تعطيل نصابها، فإذا فاز عون، نهنئه ونتعاون معه، أما التصويت له فليس مطروحا.