IMLebanon

هل “تستنسخ” مصر دورها في الـ 2008 لإنهاء الشغور في لبنان؟

lebanon-flag-1

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

ماذا بعد أن استطلع وزير الخارجية المصري سامح شكري الواقع اللبناني المأزوم واستكشف مفاصل المأزق الذي بلغه مع اقتراب الفراغ في رئاسة الجمهورية من دخول شهره الـ 27؟ وهل الخلاصات التي استجمعها من اللقاءات التي عقدها في بيروت مع مختلف الأفرقاء السياسيين ستساعده في بلْورة مبادرة متكاملة للحلّ؟ وهل من أفق إقليمي ودولي لمثل هذه المبادرة في غمرة اشتداد “التطاحن” بين قوى النفوذ والتأثير في المنطقة؟

هذه الأسئلة دهمتْ بيروت بعدما أنهى رئيس الديبلوماسية المصرية محادثاته في بيروت التي استمرّت يومين والتقى خلالها كبار المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين الذين جمع عدداً منهم على “عشاء عمل” أقامه على شرفهم ليل الثلاثاء وحضره كل من الرئيسين السابقين ميشال سليمان وأمين الجميل، وزير المال علي حسن خليل ممثلاً رئيس البرلمان نبيه بري، رئيس “كتلة المستقبل” فؤاد السنيورة، العماد ميشال عون، وزير الخارجية جبران باسيل، رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع ووزير الثقافة ريمون عريجي ممثلاً النائب سليمان فرنجية.

ورغم تعاطي معظم الدوائر السياسية في بيروت مع زيارة شكري على أنها استطلاعية وأنها لا تسمح في هذه اللحظة الإقليمية “الحرجة” بـ”اجتراح” أي مخارج للأزمة اللبنانية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من “حلقة النار” في المنطقة، الا ان أوساطاً سياسية استحضرت عبر “الراي” لمناسبة إطلالة مصر على الواقع اللبناني من البوابة الرئاسية الدور المحوري الذي كانت اضطلعت به القاهرة إبان الفراغ الرئاسي الذي بدأ في نوفمبر 2007 لجهة دعم ترشيح قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان للرئاسة، ثم في المبادرة العربية التي تبلْورت رسمياً في يناير 2008 من خلال بيان الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي نص على “إنجاز انتخاب الرئيس التوافقي (العماد ميشال سليمان) على أسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وإجراء المشاورات للاتفاق على أسس تشكيل هذه الحكومة، وبدء العمل على صياغة قانون جديد للانتخابات النيابية فور تشكيل الحكومة”.

وحسب هذه الأوساط، فإن ما بين 2008 و2016 عناصر مشتركة عدة أبرزها نقاط الارتكاز “المستنسخة” للأزمة الرئاسية وشروط حلّها التي حدّدتها قوى 8 آذار أخيراً على طريقة “العصا والجزرة”، ملوّحة بـ”حرب أهلية” قد تكون على الأبواب اذا حلّت 2017 دون انتخاب رئيس على قاعدة “سلة الحلّ” المتكاملة (الرئاسة، الحكومة الجديدة رئيساً وتوازنات وبياناً وزارياً وقانون انتخاب وعناوين أخرى).

وإذ تذكّر الأوساط نفسها بأن “سلّة 2008” للحلّ احتاج الوصول إليها 6 أشهر ولم يحصل ذلك الا “على الحامي” اي بعد أحداث 7 مايو 2008 (العملية العسكرية لـ”حزب الله” في بيروت والجبل) التي أريد منها انتزاع شروط التسوية “بالقوة” بعدما لم تسلّم قوى 14 بها طوعاً، تشير الى نقطة اختلاف جوهرية مع الشغور في “نسخة” 2016 وتتمثّل في انه قبل نحو 8 أعوام كان التفاهم حاصلاً وبالإجماع تقريباً ومنذ ما قبل بدء “عهد الفراغ” آنذاك على اسم الرئيس (العماد سليمان) الذي حظي ايضاً بمباركة غربية ولا سيما فرنسية ولكنه بقي مع “وقف التنفيذ” بعدما رفض سليمان السير مسبقاً بشروط 8 آذار، وأبرزها “الثلث المعطل” في الحكومة واسم قائد الجيش الجديد، ما جعل “حزب الله” وحلفاؤه يفرْملون انتخابه بعدما أقنعوا الرئيس بشار الأسد بذلك باعتبار انه كان قدّم التزاماً بالانتخاب الى باريس في غمرة مساعيه لإنهاء العزلة الدولية عليه وفق المنطق الذي ساد حينها بمحاولة فصله عن ايران.

وترى هذه الأوساط ان لحظة 2016 أكثر خطورة باعتبار ان الخلاف مستحكم على اسم الرئيس الذي لا يلوح في الأفق أي إمكان للتوافق عليه لبنانياً في المدى المنظور، في حين تبرز “شراسة المعركة” على مرتكزات الحلّ الذي تريده 8 آذار وتحديداً “حزب الله” أكثر اتساعاً من “دوحة 2008” انطلاقاً من تعاطيه مع الاستحقاق الرئاسي كمدخل لإعادة توزيع “كعكة السلطة” من ضمن فرصة قد “لا تتكرّر” لتعديل التوازنات في لبنان في ضوء “حرب النفوذ” بين القوى الاقليمية في المنطقة.

ومن هنا، رسمتْ الأوساط عيْنها ظلالاً من الشك حيال أي إمكان لإحداث اختراق قريب في الأزمة اللبنانية رغم ما يتم تداوله عن ان المسعى المصري الاستكشافي يسعى بغطاء دولي، وانه منسَّق مع دول عربية بينها السعودية وان نهايته ربما تكون على شكل مؤتمر في مصر، لافتة الى ان قوى 8 آذار “قالت كلمتها” اي شروطها برئيس جمهورية وبرلمان منها (العماد ميشال عون والرئيس بري) مع السلةّ، و14 آذار ترفض “الاستسلام” لـ”أحكام السلّة” رغم “الإغراء الشكلي” الذي قدّمه الأمين العام “لحزب الله” السيّد حسن نصر الله قبل أيام بمقايضة ممكنة بين عون رئيساً وسعد الحريري رئيساً للحكومة، وهو ما ردّت عليه “كتلة المستقبل” بإعلان ان هذا الكلام “تجاوز للدستور”، مشيرة إلى أنه “لا يمكن أن تقبل بتجاهل الدستور أو إهمال اتفاق الطائف”.

وكان شكري زار، امس، كلاً من العماد عون وجعجع حيث اعلن “اننا نتحدث مع كل الرموز ونتلقى افكارهم، ولنا ايضا رؤية نطرحها عليهم ونستقطب ردود افعالهم”، رافضاً الخوض في تفاصيل هذه الرؤية “فهذا مبكر ونصرّ ان يستمر التواصل”، مضيفاً: “هناك اهتمام دولي واقليمي بالوضع في لبنان، وسنستمر في تواصلنا على المستوى الاقليمي مع ما لدينا من علاقات مع قوى دولية مؤثرة لاستكشاف ما يمكن ان يتم”.

ويُذكر ان السفارة المصرية في لبنان أوضحت أن “عشاء العمل” الذي جمع شكري وقادة لبنانيين مساء الثلاثاء “احتلت مسألة إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان المحور الأهم في حديث أطرافه، حيث أكد الوزير شكري اهتمام مصر البالغ بانتخاب رئيس يتفق عليه اللبنانيون في أسرع وقت، رابطاً بين هذا الأمر وبين تفعيل عمل كافة مؤسسات الدولة اللبنانية، وتجنيب لبنان مخاطر الصراعات والتجاذبات الإقليمية بغية ضمان استقراره (…) وقد ثمّن الحوار القائم بين مختلف القوى السياسية اللبنانية، معرباً عن سعادته بالأجواء الإيجابية التي سادت طاولة الحوار المصرية – اللبنانية”.