IMLebanon

حوار عين التينة معلّق على حبال “الميثاقية”

dialogue

 

 

 

كتبت ريتا شرارة في صحيفة “المستقبل”:

 

يبدو أن طرف أيلول لعام 2016 سيكون مبلولاً بمزيد من الفشل على طاولة الحوار بنسختها الثالثة التي انطلقت في ايلول العام 2015 من مجلس النواب. فالنتيجة التي خرج بها رئيس المجلس نبيه بري من لقاء امس كانت، كما الجلسات المتتالية لمحاولة انتخاب رئيس للجمهورية وغيرها من الجلسات الرسمية لادارة شؤون الدولة: لا شيء. لذا، كان القرار بتعليق الحوار الى أجل غير مسمى.

فلا تكون سلة الانجازات التي خرج بها المتحاورون حملت كثيراً، وتمحورت حول بندين من جدول الاعمال فقط وهما: استعادة عمل مجلس الوزراء على خلفية أزمة النفايات في نسختها الاولى في العام 2015 وتعزيز الجيش والقوى الامنية بتمديد ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي وأمنيين آخرين. وبقيت حبراً على ورق، او أقله من دون ذي جدوى، محاولات مقاربة ملفات رئاسة الجمهورية، واستعادة عمل مجلس النواب – مع استثناء بعض جلسات تشريع الضرورة – وماهية قانون الانتخاب، وقانون استعادة الجنسية وقانون اللامركزية الادارية.

بالامس، حمل التيار “الوطني الحر” بشخص وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ممثلاً رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون “الميثاقية” لمناقشتها مفهوماً، ومبدأ وتطبيقاً. ورغب في أن يناقشها المتحاورون في الجلسة الـ21 لهذا الحوار في ضوء تلويح “التيار” بعدم المشاركة فيه. وبعدما أدلى كل من هؤلاء بدلوه في هذا السياق، استغرب باسيل كيف يعقد مجلس الوزراء جلساته في غياب “الممثلين الحقيقيين للمسيحيين، فيكتفى بحضور من يمثل هؤلاء بنسبة 6 في المئة فقط؟”. هنا، تدخل رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية، وطالب باسيل، بحسب ما نقل النواب، بأن “لا يخبر عن عنترياته”. وسأله: “أي انتخابات ربحت؟”، معتبراً أنه لا يمثل شيئاً ولا أي حيثية: “انت مدير عيّنك عمك لتدير التيار مكانه”. وأكمل سائلاً اياه من أعطاه رقم الـ6 في المئة، معقباً: “ما تقوله في هذا السياق لا قيمة له، والرقم من اختراعك”.

وهنا، سارع وزير الاتصالات بطرس حرب الى مساندة فرنجية، طالباً الى باسيل الكف عن “المتاجرة بالمسيحيين، وبغرائز الناس وبدغدغة عواطفهم لأن ذلك لا يوصل الى أي مكان”. وشرح له أن الوزير في مجلس الوزراء هو كغيره: “الوزراء متساوون سواء لأن صوت كل منهم واحد”. وأكد أن “بدعة الـ6 في المئة لا تنطبق على الواقع”، معتبراً أن “مشكلة المسيحيين هي من الذين يدعون الحرص عليهم ويتاجرون بمصالحهم”. وبعد أخذ ورد في هذا السياق، كانت لباسيل مداخلة مكتوبة رأى فيها أن “لا جدوى من استمرار الحوار طالما أن الشراكة الصحيحة غير محترمة لا في الحكومة ولا في الرئاسة ولا في قانون الانتخاب”، وختمها بالقول: “انا أعتكف وأعلق جلسات الحوار”. فتدخل ممثلو “حزب الله” طالبين الى باسيل “التريث”. فرد بري عليه: “مش انت يللي بتمرك عليي بتعليق الحوار، انا بعلقو”. وعليه، قرر رفع الجلسة وتعليق الحوار الى أجل غير مسمى، ولا سيما بعدما فشل في حث الكتل النيابية المختلفة على تسليم أسماء ممثليهم الى لجنة متابعة البحث في انشاء مجلس الشيوخ.

على أثر الجلسة التي غاب عنها عون ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط وممثل الحزب “السوري القومي الاجتماعي” علي قانصو، للمرة الاولى، صدر عن مكتب رئيس المجلس بيان نفى فيه ما قيل انه “سجالات شابت الحوار على خلفية طرح الميثاقية”.

وفي الخارج، أوضح باسيل للصحافيين أنه طرح الميثاقية لأن” الميثاق هو أسمى ما في بلدنا وعندما يُفقد نخسر البلد”، معتبراً أن “كل الممارسات التي نواجهها في رئاسة الجمهورية حيث نريد رئيساً ميثاقياً، وفي قانون الانتخاب الذي نريده عادلاً، وفي التعيينات وفي الحكومة، كلها ممارسات غير ميثاقية تفتقر الى المساواة بين اللبنانيين”. أضاف: “عندما نعود الى الفترة بين 1990 و2005، وكأن ممثلي المسيحيين غير موجودين، وعندما نقبل بذلك ونقول ان الحكومة لم تفقد ميثاقيتها ونعتبر أنه بوجود من يمثلون فقط 6% من المسيحيين يمكن أن تستمر، فهذه مشكلة كبيرة وضرب للميثاق”. وسأل: “هل اذا غادر الحزب التقدمي الاشتراكي الحكومة، تستمر أم لا؟ فلماذا تستمر اذا غاب الطاشناق؟ كيف تطبق الميثاقية مع المسيحيين؟ وما هو مفهوم الشراكة الوطنية؟ عندما يفقد الميثاق، القناعة بالعيش سوياً تهتز. “بكفّي” الظلم الذي عشناه ولن نقبل أن نعيشه مجدداً، واذا كان هذا هو الواقع، فان وجودنا في الحوار لا فائدة منه. قاعدة الحوار يجب أن تكون الاعتراف بالآخر، ليس بالكلام فقط بل بالممارسة. أما عكس ذلك فلا جدوى من الحوار. القضية تتطلب تفكيراً عميقاً، فكرامتنا الوطنية وسمعتنا لم تعودا تسمحان لنا بالتحمل أكثر”.

من جانبه، أوضح فرنجية حقيقة المشادة مع باسيل. فقال: “عندما يكون لدينا شيء نقوله، نقوله في وجه الشخص ولا نختبئ، فلدينا الجرأة بالمواجهة. ولدى باسيل الكثير من الأشياء المحقة لكن خلافنا هو حول الاسلوب”.

أضاف: “نرفض غبن المسيحيين أو أي مكون طائفي او سياسي وسنقف دائماً مع المواقف والمطالب المحقة، والكل يشهد على وطنيتنا ومسيحيتنا”. وأشار الى “أننا نختلف مع باسيل على اسم “الميثاقية”. فالمنطلق ليس “اذا انتخبت رئيساً للجمهورية أعتبر أن المسيحيين بخير، وان لم أنتخب يكون المسيحيون ليسوا بخير”. فأي مسيحي كفوء يجب أن يتبوّأ هذا المركز”.

وتابع: “لن ألغي نفسي. لكن اذا حصل تفاهم حول مرشح رئاسي، فسأسير به وأعتبره ميثاقياً. أما ربط لبنان والمسيحيين ووجودهم بشخص، فالمسألة الوجودية أعمق بكثير”. وأشار الى أن “قرار تعليق الحوار يبدو اتخذ قبل الجلسة، والنقاش الذي دار انتهى بابلاغ باسيل الحضور بأنه لن يحضر الحوار بعد اليوم”.

واذ توقع فرنجية أن تشهد المرحلة المقبلة جدلاً كثيراً، قال: “نضرب شمالاً ويساراً، ويقال اننا نمثل فقط 6% من المسيحيين لكننا نمثل أكثر من ذلك. والـ6% هي بحسب حسابات آلة التيار التي تعمل بمنطق آخر”. ونفى لقاءه بالرئيس سعد الحريري في الخارج، موضحاً أنه كان في خيمة في كندا يقضي عطلة. وبعدما أشار الى وجوب استمرار عمل المؤسسات، أكد أنه “اذا كان التعطيل يفيد المسيحيين فإنني مع نسف المؤسسات، ولكن هذه ليست الحال. واذا كان الخيار بين التمديد لقائد الجيش والفراغ، فنحن طبعاً مع التمديد، والمسؤول عليه مسؤولية وطنية”. وقال: “يطالبون بقانون انتخاب عادل. فليتفقوا مع القوات على قانون اذاً، هل اتفقوا؟ ويقولون اما السير بهذا القانون الذي يناسبهم والا فنحن ضد المسيحيين. لا، البحث لا يحصل بهذه الطريقة”. وأشار الى انه سيبحث مع الحلفاء، وأولهم “حزب الله” في مسألة المشاركة في الحكومة والتوقيع على مراسيمها.

أما عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب غازي العريضي، فقال: “كنا نتمنى استمرار المناقشة على قاعدة ما توصلنا اليه في الثلاثية الاخيرة وأن نذهب الى تشكيل فريق وورشة عمل للبحث في ما اتفق عليه لناحية مجلس الشيوخ وتالياً قانون الانتخاب والمجلس، في محاولة للخروج من المأزق. لكن يا للاسف، حصلت تطورات سياسية كثيرة منذ ذلك الحين كانت موضع بحث اليوم فانتهت الجلسة الى غير ما نريد ونقبل به أي تعليق جلسة الحوار لمدة زمنية معينة”. وأكد أن “ليس هناك نعي للحوار لا سمح الله انما تم تعليقه فقط”.

ولفت الى أن “الحوار ليس منّة من أي أحد في لبنان”، معتبراً أن “الاستثناء ألا يكون هناك حوار بين الناس ويكون هناك فراغ”. وأوضح أن “ليس ثمة من هو مهتم بنا في الخارج وكل منا يغني على ليلاه، ولكل أموره وقضاياه وبازاره المفتوح”، مشيراً الى أنه “اذا لم ندرك ذلك فإننا لا نعطل حكومة أو مجلساً نيابياً أو نعلق حواراً، بل نحن نهدم سقف البيت”. وشدد على ضرورة صب كل المساعي لحل الأزمات، معتبراً أن “كل جهة في البلد قادرة على التعطيل، لكن المطلوب تفعيل عمل المؤسسات”.