IMLebanon

ما هي الرسالة التي نقلها ابراهيم من عون إلى سلام؟

salam-aoun

كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:

عشيّة جلسة مجلس الوزراء “التشاوري” الخميس الماضي، روّج إعلام “التيار الوطني الحر” لـ “مفاجأة” ستواجه رئيس الحكومة تمام سلام.

لم تكتمل معالم هذه المفاجأة إلا بعد أن تبلّغ سلام من جانب “حزب الله”، ليل الأربعاء الخميس، قرار مقاطعته الجلسة تضامناً مع ميشال عون وإفساحا في المجال لمزيد من الاتصالات السياسية. لكن المفاجأة الأكبر كانت في “تضامن” سليمان فرنجية مع الحزب.

وعشية الجلسة نفسها، اختار المستشار الاعلامي لعون، جان عزيز، وصف سلام بـ “نائب نائب رئيس الحكومة” متّهماً إياه بتحويل حكومة الـ 6 في المئة الى حكومة “الـ 60 سنة وسبعين يوماً على الميثاق والوطن”، متوعّداً بأنه بعد مفاجأة الخميس “سيكون هناك مفاجآت”.

كبر حجر التصعيد كثيراً بوجه سلام ومن خلفه سعد الحريري وفؤاد السنيورة. وحده تدخّل “حزب الله”، من موقع الحليف، ووساطة ميشال فرعون، ببعدها المسيحيّ، فرملا دخول حكومة سلام في “الكوما الشاملة”.. وما بينهما “مهمّة” نقل رسائل، لا ترتقي الى مستوى الوساطة، قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، واصطدمت بحاجز السرايا.

لكن هل من “تاريخ انتهاء” لمنتج “التضامن والمؤازرة” من جانب الضاحية وبنشعي بعد جلسة الثامن من شباط؟

مشروعية هذا السؤال تنطلق أولا من موقف الحزب المعلن بضرورة استكمال جلسات مجلس الوزراء كما جلسات طاولة الحوار والعمل على “الاحتواء لا التصعيد”، ومن ثم من موقف “تيار المرده” الذي عبّر عنه الوزير روني عريجي عبر التأكيد في بيان مقتضب أصدره بأنه مستعد لحضور أول جلسة يدعو إليها رئيس الحكومة.

عمليا، اتّخذ سليمان فرنجية، الذي خاض مواجهة مباشرة مع الوزير جبران باسيل على طاولة الحوار، قراره تحت سقف “التنسيق والتعاون” مع “حزب الله” وتسهيلاً لمفاوضات إزالة الألغام من أمام انعقاد الحكومة مجدداً.

لكن حتى الآن، لا جواب في بنشعي إذا كانت المقاطعة للحكومة ستستمر في حال مضيّ “حزب الله” في الوقوف الى جانب عون اذا لم تتأمّن الأرضية اللازمة لعودة تحفظ ماء وجه “المتمرّدين” على الحكومة. استطرادا، السؤال الأدق هل يستطيع “حزب الله” تحمّل مسؤولية اتهامه بإسقاط الحكومة من خلال استمراره في دعم حليفه المسيحي؟

في الضاحية، لا جواب على المدى الذي يمكن ان يذهب اليه الحزب في مساندة عون، والمناخ السائد هو “البحث عن حلول”. في المقابل، لا قرار بالمقاطعة لدى سليمان فرنجية وهذا ما ينسجم، وفق المحيطين به، مع مسيرة زعيم زغرتا الذي لم يلجأ سابقاً الى هذا الخيار على أي مستوى، معتبراً أنه “ضرر مجاني لا يفيد أحداً”.

لكن سقف هذا القرار سيبقى مرتبطاً بالتطوّرات السياسية الفاصلة عن انعقاد جلسة مجلس الوزراء بعد عودة سلام من نيويورك والمرجّح انعقادها في 29 من الشهر الحالي.

هذا عدا عمّا أدلى به فرنجية على طاولة الحوار والذي يشكّل جزءاً يسيراً من موقفه الناقم على الخطاب العوني “الذي يمكن أن يقود البلد الى الهاوية”. وهذا ما سيعبّر عنه صراحة في مقابلة تلفزيونية الاسبوع المقبل سيتوسّع خلالها في توضيح مسار ترشيحه والمسافة السياسية التي باتت تفصله عن الرابية.

لكن في مقابل الموقف المبدئي حتى الآن لـ “حزب الله” بمؤازرة عون “منعاً لاستفراده” وحماسة حليفه السابق فرنجية بالعودة الى السرايا للمشاركة في اول جلسة حكومية “لأن التعطيل الشامل غير مسموح”، بقيت الرسالة التي نقلها ابراهيم موفدا من عون الى رئيس الحكومة محط متابعة، مع العلم أنها انتهت عند عتبة السرايا.

ووفق المعلومات، لم يكن ابراهيم في وارد التقدّم بأي مبادرة سياسية في سياق الازمة الحكومية القائمة، لكنه لبّى نداء الرابية بإيصال رسالة الى سلام، سرعان ما قوبلت بالرفض الفوري. علماً أنه كان لافتاً للنظر صدور ردود فعل عليها من قبل أكثر من وزير بينما المفترض حصر الردّ عليها من جانب رئيس الحكومة فقط و “ليس من خلال الإعلام”.

أوساط مطّلعة تؤكّد أن الاقتراح الذي تقدّم به “التيار الوطني الحر” كما صوّر افتقد الى الدقة، إذا لم نقل أنه روّج له بطريقة حجّمت مضمونه إضافة الى تقصّد تسريبه من جانب بعض الوزراء، مما سهّل الانقضاض عليه علنا، واستدعى لاحقاً صدور بيان نفي من دائرة الإعلام بـ “التيار”.

وعملياً، فإن ابراهيم، الذي نجح سابقا في فكفكة عقد أخطر بكثير مع المجموعات الارهابية، نأى بنفسه سريعاً، بعد نقله الرسالة الى سلام، عن أي وساطة ممكنة.

لكن أهمية هذا الاقتراح، وفق الاوساط نفسها، لا يقتصر فقط على مضمونه بقدر ما يعكس فقدان “حسّ التفاوض” لدى الجانب الذي نقلت اليه هذه الرسالة حيث كان الرفض التلقائي لها من دون أي نقاش أو أخذ وردّ مع “صاحب العلاقة” نفسه. مع العلم ان الاقتراح لم يقم أصلا على معادلة التراجع عن قرار التمديد لرئيس المجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير في مقابل القبول بالتمديد للعماد جان قهوجي بل هو أوسع وأشمل.

وفي هذا السياق، وخلافا لما روّج له عدد من الوزراء، فإن تعيين بديل عن خير لا يشكّل أي تراجع لمجلس الوزراء لأن الاخير لم يقم بتعيينه ليتراجع أصلاً، بل العكس هو الصحيح، حيث ان مجلس الوزراء فشل في التوافق على بديل خير فبادر وزير الدفاع الى توقيع قرار إداري بالتمديد له والذي بإمكانه ان يتراجع عنه بأي لحظة، تماما كما كان بإمكانه سابقا التراجع بأي لحظة عن قرار تأجيل تسريح قهوجي.