IMLebanon

الميثاقية وقميص عثمان! (بقلم رولا حداد)

hezbollah-and-amal-new

كتبت رولا حداد

منذ كانون الأول 2006 دخل تعبير “الميثاقية” الى معجم الحياة السياسية في لبنان، وتحديداً منذ قرر “حزب الله” وحركة “أمل” سحب وزرائهما من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، واعتبار حكومته بعد ذلك “غير ميثاقية” تحت شعار أنها “تناقض ميثاق العيش المشترك”!

وبتبرير الثنائي الشيعي أن أي حكومة يستقيل منها الوزراء الشيعة تسقط “ميثاقيتها”، رغم أن الميثاق، ميثاق 1943 الذي كرّسه اتفاق الطائف، كان بين مجموع المسيحيين ومجموع المسلمين مناصفة، ولم يكن أبداً بين المذاهب داخل الطوائف. وبالتالي فإن “الميثاق” يسقط أو الشرعية تنتفي عن أي سلطة إذا احتكرت أي طائفة التمثيل فيها، أي إما المسيحيون أو المسلمون، ولا تسقط على الإطلاق بانسحاب مذهب ما ضمن أي طائفة، أو فريق سياسي ضمن أي طائفة!

والطامة الكبرى اليوم تكمن في أن هذه النزعة حاول البعض تكريسها أمراً واقعا تحت وهج السلاح في اتفاق الدوحة الذي تلى معارك 7 أيار 2008.

وضمن هذا المنطق، يرزح أكثر من فريق اليوم تحت المحاولة التي بدأها “الثنائي الشيعي” لتكريس مثالثة فعلية لا علاقة لها بالدستور ولا باتفاق الطائف. وبالتالي باتت الممارسة القائمة اليوم، والتذرّع اليومي بـ”الميثاقية” لتعطيل النظام، عملية إنهاء لـ”الطائف” وللنظام البرلماني الديمقراطي.

وكيف يمكن الحديث عن ديمقراطية في حين أن تكريس بدعة “الميثاقية” تلغي بالكامل مفهوم الانتخابات في لبنان وعلى كل المستويات؟! فالانتخابات الرئاسية معطلة تحت شعار “الميثاقية” التي تعني بالنسبة للبعض فرض مرشح واحد لرئاسة الجمهورية ومنع النواب من التصويت في عملية انتخابية سليمة تحت سقف مجلس النواب وبما ينص عليه الدستور. وبتنا لا نسمع سوى صراخاً وتهويلاً بأن “الميثاقية” مهددة ما لم يتم القضاء على النظام البرلماني الديمقراطي وفرض مرشح وحيد لا بديل له للحفاظ على المسمّاة “ميثاقية”!

كما أن هذه البدعة ألغت مفاعيل الانتخابات النيابية اعتباراً من انتخابات الـ2009، والتي لم تُجرَ انتخابات غيرها حتى اليوم، لأن هذه “الميثاقية” ألغت منطق الأكثرية والأقلية في اللعبة البرلمانية، وباتت تفرض حكومات ائتلاف وطني دائمة لا إمكانية لمحاسبتها لأن كل الكتل النيابية ممثلة بداخلها، فلا أكثرية ولا أقلية، ولا موالاة ولا معارضة، بل حفلة تقاسم جبنة وحصص السلطة على حساب الديمقراطية.

والطريف أنه، وتحت شعار “الميثاقية” إياها، ألغينا الدستور بالكامل. فلا الحكومة تستطيع أن تحكم لأن كل طرف سياسي يستطيع أن يعطلها خلافاً لمواد الدستور الصريحة، ولا مجلس النواب يستطيع أن يلتئم بعدما فرض البعض وجوب عدم اجتماع المجلس في ظل حكومة مستقيلة وخلافاً لمواد الدستور أيضا، في وقت لا يخجل البعض من تفريغ موقع رئاسة الجمهورية لأكثر سنتين و3 أشهر تحت مسمّى “الميثاقية” نفسها!

أي “ميثاقية” في الإطاحة برئاسة الجمهورية التي تمثل رمز الشراكة المسيحية- الإسلامية في السلطة في لبنان؟ وأي “ميثاقية” في محاولة إلغاء منطق الانتخابات الرئاسية لمصلحة فرض اسم واحد على مجلس النواب تماماً كما عملية فرض اسم واحد ودائم لرئاسة مجلس النواب؟ وأين مدّعو”الميثاقية” من الإطاحة بأملاك الكنيسة المارونية في لاسا؟ وأين هم أيضاً من ملف جهاز “أمن الدولة”؟

الأمثلة لا تنتهي عن ديماغوجية لا تنتهي تحت راية “الميثاقية” التي باتت أشبه بـ”قميص عثمان” يُراد منه الإطاحة بـ”الطائف” والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين لمصلحة تحقيق المثالثة سواء بمؤتمر تأسيسي أو من دونه وبخلق أعراف لا تمت الى الدستور اللبناني بصلة… فهل من يتّعظ قبل فوات الأوان؟!