IMLebanon

الثنائي الشيعي وورقة التين (بقلم رولا حداد)

nabih-berri-hassan-nasrallah

 

كتبت رولا حداد

 

ثمن من يسأل باستغراب: لماذا يعرقل الثنائي الشيعي بشدة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع أن المرشح الأبرز اليوم هو مرشح “حزب الله” المعلن العماد ميشال عون؟

هذا السؤال بات أكثر من ضروري بعدما استعمل “حزب الله” سلسلة ذرائع للتعطيل بدءًا من عملية فرض موافقة مسبقة من “تيار المستقبل” على انتخاب عون كشرط لنزول نواب الحزب الى مجلس النواب وانتخابه، مع العلم أن “حزب الله” لم يسأل عن “تيار المستقبل” يوم أطاح بحكومته من الرابية تحديداً، ولا حين فرض تسمية الرئيس نجيب ميقاتي بوجه الرئيس سعد الحريري في كانون الثاني 2011.

واليوم، وبعد الليونة التي أبداها الحريري لانتخاب عون، انتقلت الذرائع الى مراضاة “سلّة” الرئيس نبيه بري، مع أن السيد حسن نصرالله قال حرفيا إنه “إذا كان المرشح هو العماد عون فلا نريد سلّة”، وقال نائبه الشيخ نعيم قاسم “إذا كان المرشح هو العماد عون فسننزل غداً لانتخابه”.

ما الذي تغيّر إذاً؟ الذي تغيّر أن ورقة التين الأخيرة سقطت عن النوايا التعطيلية لـ”حزب الله” وحركة “أمل” اللذين لا يريدان انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان قبل فرض تعديلات دستورية جذرية على النظام اللبناني. والثنائي الشيعي الذي استعمل السلاح في الداخل في 7 أيار 2008 وحصل في مقابل ذلك على حق الفيتو “عرفاً” كنتيجة لاتفاق الدوحة، يسعى اليوم لتكريس هذا “العرف” في الدستور، أو على الأقل تأمين الضمانات السياسية اللازمة لتطبيق هذا الفيتو في أي عهد رئاسي جديد.

ما يهمّ الثنائي الشيعي ليس تسيير عجلة المؤسسات الدستورية على الإطلاق، بل ما يهمه هو تحقيق مكاسب دستورية تستبق أي حلّ في سوريا، ليعود مقاتلو “حزب الله” على وقع مكاسب سياسية ودستورية في لبنان تعوّض الخسارة البشرية الهائلة في الميدان السوري. ويعرف هذا الثنائي أن لا العماد عون ولا النائب سليمان فرنجية ولا غيرهما يمكن أن يشمل الضمانة المطلوبة لهما، لأن ما يطلبانه هو تعديلات دستورية باتت الفرصة ملائمة لتحقيقها بنظرهما في ظل الفراغ الرئاسية منذ ما يقارب السنتين ونصف السنة. وبالتالي لن يفوّتا اليوم فرصة قد لا تتكرّر في المدى المنظور، وخصوصاً أن المنطقة مقبلة على تغييرات هائلة لا احد يعرف كيف ستنتهي الصورة معها. وبالتالي بعد كل مرحلة الانتظار هذه، يصعب على الثنائي الشيعي أن يهدرا الفرصة القائمة اليوم.

وإذا أضيفت الى المعطيات الداخلية أعلاه واقع أن قرار “حزب الله” هو بيد الولي الفقيه الإيراني، يتضح بما لا يقبل أي شك بأن الإفراج عن الورقة الرئاسية في لبنان لن يكون لأسباب لبنانية داخلية، بل ضمن صفقة إقليمية- دولية شاملة لا يمكن أن تحصل إلا مع إدارة أميركية جديدة لا تزال تحتاج الى أشهر بعد الانتخابات واستلامها مقاليد الحكم في واشنطن.

في الخلاصة يتبين للجميع أن ورقة التين الأخيرة سقطت عن الثنائي الشيعي الذي سيستمر بالتعطيل طالما ثمة حاجة إقليمية الى المزيد من الوقت في انتظار البدء بالمفاوضات المطلوبة، والتي سيكون من ضمنها حتماً سعي هذا الثنائي لفرض معادلات داخلية جديدة على الساحة اللبنانية.