IMLebanon

متى سيعلن الحريري دعم ترشيح عون؟

saad hariri 34

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: لم يعد السؤال في بيروت: هل يعلن زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري دعم ترشيح زعيم “التيار الوطني الحرّ” العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية؟ بل صار السؤال: متى يحصل هذا الإعلان؟

وتتقاطع المعطيات في العاصمة اللبنانية عند ان تخلّي الحريري عن ترشيح زعيم “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية لمصلحة عون سيحصل الأسبوع الطالع مع ترجيح ان يحصل ذلك في إطلالة يجري فيها زعيم “المستقبل” مكاشفة مع جمهوره لوضْعه في كلّ ملابسات هذه “النقلة” رئاسياً باتجاه تأييد مرشّحٍ لطالما شكّل في الأعوام 11 الأخيرة بالنسبة الى هذا الجمهور “الذراع السياسية” لمشروع “8 آذار “الذي يُعتبر “حزب الله” رافعته الرئيسية.

واذا كان يَحضر في “حيثيات” التبنّي المنتظر من الحريري لترشيح عون عدم رغبة زعيم “المستقبل” في تحميله وزر الوقوف بوجه القوى المسيحية الوازنة التي اصطفت مع هذا الخيار (التيار الحر و”القوات اللبنانية”) وحرْصه ايضاً على الخروج من زاوية الاتهام بالتعطيل التي حاول فريق “8 آذار” حشْره فيها، وتالياً نقل الكرة الى ملعب الآخرين ولا سيما الحزب ورئيس البرلمان نبيه بري، فإن الأكيد ان ما بعد الخطوة – الحدَث لن يكون كما قبلها على صعيد الملف الرئاسي الذي يدور في حلقة مفرغة منذ 25 ايار 2014، ذلك ان “اللعبة” ستكون وصلت الى خواتيمها لجهة حسْم الإجابة على سؤاليْن مركزييْن:

* الأوّل، هل يريد “حزب الله” ومن ورائه ايران فكّ ارتباط الأزمة اللبنانية عن الملفات المتفجّرة في المنطقة واستطراداً هل يسمح بتسليم هذه “الورقة” قبل انقشاع الرؤية في ما خص الانتخابات الرئاسية الأميركية؟

* والسؤال الثاني: هل بري، الذي يتصدّر “جبهة الممانعة” لوصول عون الى الرئاسة والذي يرفع شعار “السلّة أولاً” كممر إلزامي لدخول اي مرشح القصر الجمهوري، يعبّر عن موقفه حصراً ام ان هذا الموقف، أقلّه في الشق المتصل بـ “السلّة”، يُعتبر “دفتر شروطه” مع “حزب الله” لفكّ أسْر الاستحقاق الرئاسي وفق تفاهماتٍ تتصل بضوابط إدارة السلطة في العهد الجديد داخل مجلس الوزراء سواء في ما خص التوازنات في الحكومة او بيانها الوزاري وتموْضع لبنان الاقليمي والتعيينات في المراكز الحساسة الأمنية والقضائية والاقتصادية والمالية اضافة الى قانون الانتخاب؟ علماً ان مثل هذه السلّة من شأنها، حسب خصوم “حزب الله”، ان تمنحه والمحور الذي يشكل امتداداً له هامشاً كبيراً في الإمساك باللعبة السياسية بما يبقي “ظهره محمياً” لاستكمال معاركه خارج الأراضي اللبنانية وفي الوقت نفسه متابعة “قضم” التوازنات داخلياً وفق المنطق الذي كان استدعى منه في 7 ايار 2008 استخدام القوة العسكرية لتحقيق المكتسبات التي يريدها كمدخل لإنهاء الفراغ الرئاسي حينها.

وفي رأي مصادر مطلعة في بيروت انه بعد ان يعلن الحريري دعم عون وهو الخيار الذي حسم النائب وليد جنبلاط انه سيلاقيه فيه على موجة التأييد نفسها، فإن “حزب الله” وبري سيكونان أمام اختبارٍ فعلي، متسائلة هل يمكن لرئيس البرلمان الذي لا يزال يصرّ على السلّة ويدعو الأفرقاء الى العودة الى طاولة الحوار لمناقشة بنودها كمدخل لانتخاب رئيس وإلا “النزول الى البرلمان وننتخب رئيساً في الجلسة المقبلة (31 الجاري)” من دون ان تكون محصورة بمرشّح واحد (عون)، ان يبقى على موقفه المتصلّب، ام انه سـ “يأخذ ويعطي” في موضوع السلّة، خشية أن يَظهر ومن ورائه “حزب الله” في موقع المعرْقل لوصول زعيم “التيار الحر” الى القصر؟

وحسب هذه المصادر، فإن “حزب الله” الذي كان أعلن بلسان أمينه العام السيد حسن نصر الله دعمه منطق “التفاهمات” في إشارة ضمنية الى “سلّة بري” داعياً عون الى التوافق مع رئيس البرلمان، يقف امام مشكلة بحال ذهب بعيداً في لعبة “الموازَنة” بين علاقته بـ بري وعون، لأن ذلك سيعني – بحال استمر رئيس البرلمان على معاندته انتخاب “الجنرال” – المخاطرة بخسارة زعيم “التيار الحر” الذي يبقى حاجة الى الحزب في لعبة التوازنات الداخلية ذات الصلة بالسلطة، وان مثل هذه الخسارة ستعني انتقال كل المسيحيين الى ضفة الحريري، مع ما سيترتّب على ذلك على مستوى عملية ترسيم النفوذ لبنانياً. علماً ان المصادر عيْنها لا تقلّل ايضاً من تداعيات اي قفز لـ “حزب الله” فوق شريكه في الثنائية الشيعية (بري)، لجهة نقل المشكلة الى داخل البيت الشيعي وهو ما يعتبره الحزب “خطاً أحمر”.

ومن هنا ترى المصادر عيْنها، انه بمجرّد ان يعلن الحريري تأييد عون، فإن الأخير سيطلق محركات اتصالاته شخصياً ويفترض ان يزور بري في موازاة تحرُّك يُنتظر ان يضطلع به “حزب الله” لمحاولة بناء تفاهم بين حليفيْه انطلاقاً من بنود السلّة التي يطرحها رئيس البرلمان والسعي الى تحصيل ما أمكن منها دون ان يَظهر الأمر وكأنه عرْقلة لوصول عون الى الرئاسة، وإلا فهم الأخير “الرسالة” وبنى على الشيء مقتضاه.

إلا ان هذه المصادر، تشير في الوقت عيْنه الى ان اي تفاهم بين عون وبري و”حزب الله” قد لا يكون كافياً لوحده لإزالة آخر العقبات الداخلية من أمام انتخاب زعيم “التيار الحر”، اذ ان ذلك يستدعي بدوره ان يأخذ في الاعتبار موقف الحريري (كرئيس عتيد للحكومة) من مثل هذا التفاهم، هو الذي كانت صدرت إشارات عدة الى انه ليس في وارد الدخول في اي توافقات يُشتمّ منها انها أثمان اضافية يدفعها من رصيده وجيْبه الى “حزب الله”، غير الثمن الذي يرتّبه تأييده ترشيح عون.

وتأتي هذه القراءة على وقع مجموعة إشارات الى قرب إعلان الحريري تأييد عون وأبرزها:

* ما كُشف عن لقاء جرى في باريس مساء أول من أمس بين الحريري ووزير المال علي حسن خليل (المعاون السياسي لبري)، غداة اجتماع زعيم “المستقبل” بوزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت وما نُقل عن الحريري من ان السعودية ستدعمه في اي موقف يتّخذه، وهو ما فُسر على ان الرياض تترك الحرية له في خيار ترشيح عون. علماً ان اوساطاً في بيروت ربطت بين لقاء الحريري – خليل وبين المناخ الذي ساد ليل الجمعة عن ان زعيم “المستقبل” أبلغ الى جهة نافذة في 8 آذار انه يستعدّ لإعلان دعم عون.

* إطلاق جنبلاط المزيد من الإشارات عن اتجاهه لدعم الحريري في تأييده المرتقب لترشيح عون. وفيما أشارت تقارير في بيروت الى ان جنبلاط أبلغ الى قياديي حزبه أن “القصة خلصت. الحريري سيعلن ترشيح عون وأنا سأمشي في الأمر”، أوضح في تصريح صحافي ما قصده من تغريدته اول من امس التي شدد فيها على أنّ “أوان الخروج من الجدل البيزنطي حول الرئيس” قد حان، داعياً إلى “انتخاب أي كان من دون قيد أو شرط”.

وقال جنبلاط ان تغريدته جاءت في إطار تشجيعه المستمر على التسوية الرئاسية لإنقاذ البلد من تداعيات الفراغ، وقال: “لطالما شجعت على التسوية طوال العامين الماضيين”، مضيفاً: “المؤشرات الاقتصادية غير مشجعة…ما فينا نكمّل هيك”، وأي ثمن للتسوية يبقى أقل بكثير من كلفة استمرار الفراغ”، وتابع:”فليتذكّروا مقولة لينين (خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء)”.

* إعلان نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” جورج عدوان: “ستشهد الأيام المقبلة تطوراً إيجابياً على صعيد الانتخابات الرئاسية”.

ولم تحجب مجمل هذه الوقائع الأنظار عن التحرك الشعبي الذي يقوم به مناصرو “التيار الحر” اليوم على تخوم القصر الجمهوري في الذكرى 26 للعملية العسكرية السورية التي أطاحت عون من القصر. وفي موازاة الاهتمام بحجم المشاركة الشعبية من جهة، فإن الانظار تشخص على الكلمة المرتقبة لعون وما ستتضمنه من رسائل بعدما بات يعتبر نفسه “رئيساً مع وقف التنفيذ”.