IMLebanon

مثالثة الرئاسة (بقلم بسام أبو زيد)

baabda new

 

كتب بسام أبو زيد

دار الإستحقاق الرئاسي دورته على مدى سنتين و5 أشهر ليرسو في النهاية على حظوظ كبيرة للعماد ميشال عون بالوصول إلى سدة الرئاسة بأصوات غالبيتها من قوى ما كان يعرف بقوى “14 آذار”.

لقد كانت هذه القوى وفي مقدمها “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” يرفضون رفضًا مطلقا وصول العماد عون إلى قصر بعبدا، ولكنها في لحظة ما بدأت بالتمهيد لخيارات تناقض مبادئها السياسية، فبدأ الكلام على أنّ لا فيتو على أي مرشح واستتبع ذلك ببدء محادثات علنية وسرّية مع العماد عون والنائب سليمان فرنجية.

في البداية، حاول الرئيس سعد الحريري الاتفاق مع عون لكن محاولته باءت بالفشل لأسباب متعددة، ولكن أبرزها كان رفض “القوات اللبنانية” لهذا الاتفاق والتحذير من مخاطره لدى المملكة العربية السعودية والفاتيكان. إلا أنّه في الوقت نفسه كانت “القوات اللبنانية” تفاوض النائب فرنجية ولكن الأمر لم يصل إلى خواتيم سعيدة لأسباب متعدّدة أيضًا.

فجأة، إنقلبت الأدوار تبنى الحريري ترشيح فرنجية، فرد جعجع بتبني العماد عون وحجته في ذلك تدعيم الوحدة المسيحية، رغم أن “ورقة نوايا” و”إعلان معراب” لم يلغيا “ورقة التفاهم” بين عون و”حزب الله”. وانطلق الطرفان في الترويج والدعم لمرشحيهما لتنتهي الأمور بأن يتبنى الحريري العماد عون ويتخلّى عن فرنجية.

ليست السياسة التي اتّبعها الرئيس الحريري والدكتور جعجع مجانية، بل بالتأكيد كانت الأثمان السياسية فيها ترتفع وتنخفض، إلا أنّه تبين بأنّها لم تكن أثمانًا ذات قيمة أو تعيد خلط أوراق على الساحة المحلية.

فملء الفراغ في سدّة الرئاسة لن يكون وحده كفيلا بخلق دينامية سياسية جديدة ومختلفة عمّا كان في البلاد، وتكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة الجديدة لا يعني أنّها ستكون حكومة لم يرَ لبنان مثيلا لها وستعيد البحبوحة والاستثمار إلى لبنان، لأنّ المشكلة الحقيقة تكمن بالفعل في أنّ التفاهمات الثنائية لن تنتج تفاهمات وطنية، وأنّ حسابات التبني والترئيس والتكليف هي حسابات لا تتطابق أبدًا مع حسابات حقيقة ممارسة واقع الحكم في لبنان.

ومن هذا المنطلق، أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الثنائية القائمة، ثنائية مسيحية وثنائية مسيحية- سنية، وقد لا تكون مشكلة الرئيس بري كبيرة مع الثنائية المسيحية ولكنّها بالتأكيد كبيرة وخطيرة مع الثنائية المسيحية – السنية. فهو في هذا المجال لا ينطق بإسمه الشخصي بل باسم كلّ الطائفة الشيعية، ورفضه لهذه الثنائية يعني تلقائيًا دعوة إلى المثالثة بين السنة والمسيحيين والشيعة، وهو طرح كان متداولا في لبنان وحتى تحت مسميات مختلفة ومنها المؤتمر التأسيسي.

نعم، لقد نادى الرئيس بري بالمثالثة وأعلن رفضه العودة إلى ميثاق الـ43، مدركًا بكل وضوح أنّ اقتسام السلطة في البلد لن يكون أبدا وفق اتفاق سنّي- مسيحي، بل وفق شراكة سنية شيعية مسيحية، يدفع فيها السنة والمسيحيون في شكل خاص ثمن الاتفاق الذي تم تخريجه بينهما وهو ثمن لا يحدّده الرئيس بري وحيدا بل بالتشاور والتنسيق مع “حزب الله” وأولى بوادره سبقت العماد عون إلى قصر بعبدا والرئيس الحريري إلى السرايا فهل يرضيا بدفع الثمن؟