IMLebanon

انتخاب عون رئيساً: الأزمة تنتقل من مربع الرئاسة إلى مربع الحكومة

saad-al-hariri-and-michel-aoun-bayt-al-wasat-3

 

 

كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية:

طريق العماد ميشال عون الى قصر بعبدا صارت سالكة «سياسيا»، وكل الأسباب السياسية التي يمكن أن تؤدي الى تأجيل أو نسف جلسة الانتخاب (المقررة في 31 الجاري) لم تعد موجودة: الرئيس سعد الحريري ليس في وارد التراجع عن موقف والتزام، لا بل صار متحمسا أكثر للمضي قدما بعدما لمس تحسنا في الأجواء الإقليمية والدولية وانحسارا في حالة الاعتراض والرفض في تيار المستقبل وعلى مستوى الطائفة السنية، والرئيس نبيه بري ليس في وارد إقفال مجلس النواب أو تعطيل الجلسة باللجوء الى سلاح النصاب، إنما أعلن استعداده للحضور وتهنئة الفائز أيا يكن، وهو يفصل تماما بين موقعه كرئيس لمجلس النواب وموقفه كمعترض على انتخاب عون ولديه أسبابه ومرشحه، أما حزب الله فإنه أيضا ليس في وارد تأجيل الجلسة لأي سبب كان بما في ذلك معالجة مشكلة بري، وهو ملتزم بما قاله ووعد به منذ الجلسة الأولى التي صار فيها اقتراع رئاسي بأنه يؤيد ويريد انتخاب العماد عون رئيسا ولا ينزل الى جلسة الانتخاب إلا إذا تأكد أنها ستكون جلسة انتخاب عون، وهذا التأكيد قاله اول من امس الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله للمرة الأخيرة ولم يدع مجالا لأدنى شك بأنه سيحضر الجلسة وستصوت كتلة حزب الله بالكامل للعماد عون.

إذا قضي الأمر والجميع يتعاطى مع مسألة انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية على أنها مسألة «محسومة ومنتهية وتكاد تصبح وراءنا»، ولا شيء يحول دون هذا الانتخاب إلا سبب قاهر وغير محسوب.

المسألة ابتداء من مساء أمس لم تعد مسألة: هل تعقد الجلسة؟! وهل يصبح عون رئيسا؟! على مستوى الجلسة والانتخاب تم الانتقال الى التفاصيل: حجم الأصوات التي سينالها عون؟! هل ينجح من الدورة الأولى ويحصل على أكثرية الثلثين وما فوق أم تلزمه دورة اقتراع ثانية ليكون فوزه عاديا ومختلفا عن فوز كل الرؤساء الذين تعاقبوا في مرحلة ما بعد الطائف وصاروا رؤساء بـ «اجماع وطني» و«أكثرية ساحقة».

من الواضح الآن أن الرد الأول للرئيس بري سيكون في جلسة الانتخاب عبر تحجيم الفوز الرئاسي للعماد عون ومحاصرته بجبهة نيابية سياسية رافضة ومعترضة.

أما الرد الثاني والأهم والأكثر إيلاما من جانب بري فسيكون ضد الحريري ومحاصرة عملية تشكيل حكومته وإغراقها في «سلة شروط ومطالب» وإطالة أمد تشكيلها لأشهر، وهذا إذا حصل سيكون كافيا لإبقاء الحريري رئيسا مكلفا من دون أن يكون قادرا على التأليف، ولإفقاد العهد الجديد زخم الانطلاقة وامتصاص موجة التفاؤل واضعاف المعادلة القوية (عون ـ الحريري).

وبالتالي، فإن الرئيس عون سيكون معنيا بأي تعثر يصيب الحكومة الجديدة ويؤدي الى تكرار تجربة حكومات ما بعد الدوحة التي استلزم تشكيلها أشهرا وسيكون مثل شريكه الحريري متضررا من الناحيتين المعنوية والسياسية.

الرئيس سعد الحريري تجاوز مشكلة الاعتراض داخل المستقبل ولكنه متهيب للموقف ويحسب حسابا لمشكلة فعلية واحدة تواجهه، مشكلة الرئيس بري. بإمكان الحريري أن يعتمد على العماد عون وعلاقته مع حزب الله للتخفيف من وطأة بري ومشكلته، ولكن يبدو أن حزب الله يفصل تماما بين «رئاسة الجمهورية والحكومة»، والحزب مع عون من دون أدنى شك لانتخابه رئيسا وينتظر بفارغ الصبر أن يسدد هذا الدين الأخلاقي وأن يتحرر من هذا «العبء»، والحزب وافق على مضض مقدما نصيحة كبيرة بأن يكون الحريري رئيسا للحكومة.

ولكن الحزب يقف في التزامه عند هذا الحد الذي لا يشمل الحكومة وتقديم تسهيلات للحريري في مهامه، فإذا كان حزب الله مع عون ورئاسته من دون تحفظ وتردد، فإنه ليس كذلك مع الحريري وحكومته، التي هي حكومة العهد الأولى وتشكل مؤشرا الى مساره و«قوته».

حزب الله مع عون في رئاسة الجمهورية، ومع بري في موضوع الحكومة.

والرئيس بري مدرك لموقف حزب الله ولذلك تجاوز الانتخاب الرئاسي الى الملف الحكومي، حيث يملك هامشا واسعا للتحرك وتصفية الحساب مع الحريري وبدعم و«تسهيل» من حزب الله.

بري كان مع الحريري ظالما كان أو مظلوما عندما وقف الحريري ضد ريفي، ولكنه لم يعد كذلك عندما وقف الحريري مع عون.