IMLebanon

حرّية القوة وصلاحياتها (بقلم بسّام أبو زيد)

aoun

 

كتب بسّام أبو زيد:

أخرج العماد ميشال عون من القصر الجمهوري في بعبدا لأنه وقف ضد اتفاق الطائف، وها هو يعود إلى هذا القصر من خلال الالتزام بتطبيق هذا الاتفاق.

كانت مشكلة العماد عون مع اتفاق الطائف في البداية أنه لم ينص على الانسحاب السوري الفوري من الأراضي اللبنانية، وقد تحققت هذه الخطوة مع القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري، لتنتقل مشكلة العماد عون اليوم مع اتفاق الطائف الى صلاحيات رئاسة الجمهورية.

إن انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، يعني تلقائيا أنه سيلتزم بالنص الدستوري الناجم عن اتفاق الطائف والذي لا يجعل من رئيس الجمهورية حاكما مطلقا، بل يحكم بالمشاركة مع مجلس الوزراء وفي ظل مجلس نواب قادر على المحاسبة.

إزاء هذا الواقع قد يكون من الصعب على العماد عون، أن يتخلى عن مطالبته بتعديل صلاحيات رئيس الجمهورية ولكنها مطالبة ستكون تحت سقف الإجماع الوطني وهو أمر ربما لن يتحقق.

هذه المطالبة أيضا قد تأتي في سياق الكلام عن الرئيس القوي وبالتالي لبنان القوي، وهو أمر يعتبر العماد عون أنه لا يتحقق فقط بالخطوات الدستورية، بل أيضا من خلال الضغط الشعبي على الأخص في كل مرة سيواجه فيها اعتراضا أو مماطلة لما يطالب به أو يسعى لتحقيقه.

إزاء هذا الواقع وهذا التصرف لن يكون الرئيس قويا ولا لبنان، باعتبار أن المواجهات السياسية المترافقة مع مواجهات شعبية لن تؤدي إلا إلى ما لا تحمد عقباه على صعيد الوطن ككل، لذلك فإن قوة الرئيس وقوة لبنان يجب أن تنبع من الحقائق التالية:

١-إن الرئيس لن يكون قويا إلا إذا التزم بالصلاحيات التي نص عليها الدستور وطبقها بحذافيرها وفي مقدمها حق الرئيس المطلق في عملية الموافقة على أي تشكيلة حكومية أو رفضها.

٢-لقد أرسى الطائف نظاما جديدا قائما على التوازن الدقيق بين الطوائف لذلك فإن اللعب بهذا التوازن من خلفية أن رئيس الجمهورية هو الحاكم المطلق سيؤدي إلى نتائج مدمرة على صعيد البلد ككل.

٣-إن ممارسة الحكم في لبنان لا يجب أن تكون ممارسة ديكتاتورية أبدا، فالحرية السياسية وحرية الرأي والتعبير هي من الأسس التي قام عليها لبنان ولم تستطع اي جهة خنق هذه الحريات رغم الاغتيالات، لذلك فإن محاولة الحد منها أو قمعها ستصيب الرئيس القوي في الصميم وستجعل منه رمزا للإستقواء على الحريات.

٤-ان الرئيس القوي لن يكون قويا إلا من خلال دولة قوية بمؤسساتها، دولة تطبق القانون على الجميع، خالية من المحاصصات والصفقات والمحسوبيات، دولة لها وحدها الحق في الحفاظ على أمنها وحدودها، دولة بعيدة عن الكيدية والانتقام.

يتمنى جميع اللبنانيين بالفعل ان يكون رئيس الجمهورية قويا وأن يكون لبنان بالتالي قويا، ولكنها قوة لا تأتي من شخص أو جهة واحدة فقط، بل يجب أن تكون من صنع جميع اللبنانيين، لأنه في لبنان أثبتت التجارب في التاريخ الحديث أن دولة لن تبنى عن طريق شخص أو مجموعة فقط، وإن حصل وحاول البعض ذلك دفعوا هم ثمنا كبيرا وكذلك الوطن، الذي وبالتأكيد لن يستطيع تحمل محاولة جديدة لأنها ستكون هذه المرة بمثابة الضربة القاضية لا سمح الله وعباده.