IMLebanon

الحقائب “السيادية” ميدان تنافس بين الطوائف والكتل السياسية

government-building-lebanon

 

كتب نذير رضا عبر صحيفة “الشرق الأوسط”:

 

تعكس المداولات المرتبطة بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، تنافسا محليا بين الكتل السياسية على الحقائب الوزارية “السيادية” التي قد تشكل عراقيل إضافية أمام تشكيل الحكومة. والوزارات السيادية، هي حقائب “المال” و”الدفاع” و”الداخلية” و”الخارجية”. وعادة ما يتم توزيعها على الطوائف الأربعة الكبرى في البلاد مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وهي: الموارنة، والروم الأرثوذكس، والسنة والشيعة. كما جرى العرف توزيعها على الفرقاء السياسيين الأوسع تمثيلاً في الساحة السياسية اللبنانية.

وبعد تسريبات تحدثت عن أن حقيبة “السنة” ستكون من حصة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري،وحقيبة “الشيعة” ستكون من حصة رئيس البرلمان نبيه بري، جرت تسريبات أخرى تتحدث عن أن الحقيبتين المخصصتين لـ”الموارنة” و”الأرثوذكس” ستكونان من حصة رئيس الجمهورية ميشال عون، علما بأن لا شيء بات محسوما في الاتجاه الأخير، كونه يعني استبعادا لحزب “القوات اللبنانية” من التمثيل في تلك الحقائب، وهو الحزب الحليف لرئيس الجمهورية، وساهم إلى حد كبير في منحه غطاء مسيحياً قويا ساهم في إيصاله إلى رئاسة الجمهورية.

واعتبر عضو كتلة “القوات اللبنانية” النيابية النائب فادي كرم أن “التفاهم مع الرئيس عون هو على المشاركة والشراكة الوطنية فقط، وكل ما تفكر به القوات أن تكون في مراكز فعالة في البلد”. وقال في حديث إذاعي، إن “مطالبة القوات بحقيبة سيادية ليس من باب رفع سقف المطالب الحكومية، بل من باب تحمل المسؤوليات”.

ومن شأن تلك التباينات حول توزيع الحقائب السيادية، إضافة إلى الحصص الوزارية، أن تؤخر إعلان الحكومة، وهو ما دفع رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النيابية النائب وليد جنبلاط للقول: “المهم تسهيل تشكيل الحكومة والابتعاد عن المطالب التعجيزية”.

ولم تدرج الحقائب السيادية في الدستور اللبناني، بل باتت عرفًا ضمن العمليات السياسية المحلية. فالدستور لا يميز بين الوزراء والحقائب الوزارية، كما يعتبر أن الوزراء “متساوون في الجلسات والتصويت”، كما يقول الباحث القانوني اللبناني الدكتور وسيم منصوري، مشددا على أن الوزراء الذين يمثلون تلك الحقائب “لا يشكلون حكومة مصغرة كما في بعض دول العالم، كونها غير موجودة في لبنان”.

ويؤكد منصوري لـ”الشرق الأوسط” أن التقسيم بين حقائب سيادية أو خدماتية أو سواها، “هو عرف وتقسيم محلي، رغم أن الدستور لا يميز بين الوزارات”، لافتا إلى أن أهميتها “تنطلق من حساسيتها والدور الموكلة به”.

ويوضح منصوري أن أهمية وزارة المال “تتمثل في كون الوزير يوقع على كل القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء، أو عن 99.99 في المائة منها، إلى جانب توقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة”، مشيرا إلى أنه موكل بهذا الدور “كون كل قرارات الدولة تمر إلى وزارة المال، وكل القرارات لها تبعات مالية، حيث ينظر بكل القرارات انطلاقًا من ذلك”.

أما أهمية وزارة الخارجية، فتتمثل في كونها الناطقة باسم سياسة لبنان الخارجية، وتضطلع بالعلاقات بين لبنان والدول الأخرى، بحسب ما يقول منصوري، لافتا إلى أن وزارة الدفاع “تتمتع بأهمية كونها معنية بالجيش والسياسة الدفاعية”، فضلاً عن أن “وزارة الداخلية موكلة بالأمن الداخلي وتنظيم الشؤون والاستحقاقات الداخلية”، في إشارة إلى إجراء الانتخابات والإشراف عليها وحفظ الأمن في الداخل وغيرها من المهام الأساسية داخل البلاد.

وبحسب النقاشات بين الكتل السياسية لتشكيل الحكومة الحالية، يبدو أن هناك اتجاها للإبقاء على وزارة المال ضمن حصة الشيعة، في استمرار لحكومة تصريف الأعمال التي يتسلم فيها الوزير علي حسن خليل (من حصة رئيس البرلمان نبيه بري) حقيبة المال. ويقول منصوري إن هذه الحقيبة “كانت عرفًا للشيعة قبل اتفاق الطائف وبعده، نتيجة القاعدة القانونية التي تقول إن رئاسة الجمهورية من حصة الطائفة المسيحية المارونية، ورئاسة الحكومة من حصة الطائفة السنية، وبالتالي تصبح وزارة المال من حصة الطائفة الشيعية”، بالنظر إلى أن المواقع الثلاثة تضطلع بمهام تنفيذ القرارات الحكومية.

ويتمثل في حكومة تصريف الأعمال الحالية، الموارنة في وزارة الخارجية التي يحمل حقيبتها الوزير جبران باسيل، بينما يتمثل السنة في حقيبة الداخلية التي يتولاها الوزير نهاد المشنوق، وحقيبة المال يتولاها الوزير علي حسن خليل، وهي من حصة الشيعة، بينما حقيبة الدفاع يتولاها الوزير سمير مقبل، وهو يمثل طائفة الأرثوذكس.

وجاء التمثيل في الحكومة الأخيرة التي تشكلت في عام 2013 ،على مبدأ المداورة، بعد أن كانت حقيبة الداخلية مثلاً من حصة الموارنة في حكومتين سابقتين في عام 2008) زياد بارود) و2011) مروان شربل). أما حقيبة المال، فلم تكن من حصة الشيعة منذ حكومة عام 1991 حين كان وزير المال الأسبق علي خليل وزيرها.