IMLebanon

قانون الإنتخابات والمعارك الوهمية! (بقلم رولا حداد)

elections-lebanon

كتبت رولا حداد

يدرك اللبنانيون جيداً، كما القوى السياسية، أن الصراع الحقيقي اليوم ليس على الحكومة بقدر ما هو على العهد الجديد. وإذا كان العهد الرئاسي حُسمت معركته مع وصول العماد ميشال عون إلى سُدة الرئاسة، إلا أن العهد الحقيقي لن ينطلق إلا بعد الانتخابات النيابية المقبلة، وبما يعكس صورة التوازنات الجديدة التي ستفرزها هذه الانتخابات بعد 8 سنوات على آخر دورة انتخابية شهدها لبنان، بعد تمديدين لمجلس النواب شكلا وصمة عار على جبين الديمقراطية.

وبالتالي فإن المعارك القائمة على التوازنات الحكومية، والحقائب المُتناتَش عليها بين مختلف القوى، ليس أكثر من “بروفا” للمعارك التي ستدور على خلفية الانتخابات النيابية، لناحية قانون الانتخابات أولاً ولناحية التحالفات والعناوين السياسية للمعارك الانتخابية ثانياً، رغم أن حدود هذه المعارك باتت معروفة وواضحة ومحدودة.

وتلفت في هذا السياق الاتهامات المتبادلة بين عدد من القوى السياسية عن المسؤولية في تضييع الوقت لتأجيل الانتخابات، ولو تقنياً، ولمحاولة منع إقرار قانون جديد للانتخابات يُنهي الوضع الشاذ لقانون الستين الذي لا يزال قائماً ويشكل سيفاً مسلطاً على رقاب اللبنانيين بإرادة قوى سياسية وكتل نيابية كبيرة. وقد شكّل الكلام الأخير لوزير الداخلية والبلديات إطاراً محدداً للعملية الانتخابية التي تقبع ما بين حدي إجراء الانتخابات في موعدها وفقاً لقانون الستين وإما تأجيلها في انتظار إقرار قانون جديد لا يبدو أنه متيسّر في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة.

وهنا لا بد من طرح مجموعة أسئلة لا تلقى أجوبة جدية:

ـ هل ثمة قوى وازنة لا تريد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها؟ وهل ثمة من يريد الإبقاء على قانون الستين؟

ـ لماذا عجز مجلس النواب الحالي المُنتخب في العام 2000 والممدة ولايته مرتين

عن إقرار قانون جديد وعصري للانتخابات النيابية رغم كل التعهدات عند انتخابه، وقبل انتخابه، بإقرار قانون جديد وهو ما دفع بمن وضع قانون الستين في الدوحة إلى إدراج عبارة “لمرة واحدة” على متنه؟

ـ أي قانون انتخابات تريده القوى السياسية؟ وهل تريد قانوناً يؤمّن التمثيل الصحيح أم يسعى كل طرف إلى القانون الذي يؤمّن له أكبر حصة نيابية على حساب صحة التمثيل؟ وهل الصراع هو على تمثيل اللبنانيين بشكل عادل في مجلس النواب أم على إنتاج قانون يعكس الموازين الإقليمية في الداخل اللبناني؟

ـ والأهم لم الانتخابات النيابية وإنتاج أي قانون جديد لها إذا كانت قواعد اللعبة ستبقى كما كانت عليه، بمعنى أن لا قدرة لأي أكثرية نيابية أن تحكم، وأن القرار سيبقى بيد المجموعة التي تملك السلاح بغض النظر عن حجمها في مجلس النواب؟ وهل يعلم من يحاول ترسيم أحجام البعض وفق عدد النواب في الكتل النيابية أن “حزب الله” الذي يمسك بمفاصل القرار السياسي في لبنان لا يملك في كتلته أكثر من 13 نائباً من أصل 128 نائباً في البرلمان اللبناني؟ وبالتالي يصح السؤال عمّا إذا كانت المعركة حول قانون الانتخابات كلها ذات جدوى طالما أن تجربة الـ2009 لا تزال مائلة في أذهان اللبنانيين، وطالما أن ثمة استحالة أمام أي تحالف للفوز بأكثرية الثلثين في مجلس النواب في أي انتخابات؟

كل الأسئلة التي سبقت والأجوبة المحتملة عليها تشي بأن كل المعركة الوهمية حول قانون الانتخابات النيابية ونتائج هذه الانتخابات لا تعدو كونها معركة إضافية في إطار المحاصصة الداخلية، ولا يمكن أن تكون معركة ذات صلة بالعناوين السيادية لاستعادة الدولة وقراراتها طالما أن الظروف الإقليمية والدولية لم تتغيّر، وطالما أن ثمة من أجمع في الداخل على استبعاد المعارك السيادية حتى إشعار إقليمي ودولي آخر!