IMLebanon

ديب السياسة وغنم الإدارة (بقلم بسّام أبو زيد)

 

كتب بسّام أبو زيد

لا بأس في أن يردّد التحالف الثنائي المسيحي المكوّن من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، أن هدفه الأساس هو إعادة المسيحيين إلى الدولة وليس إعادة الدولة إلى المسيحيين. ولكن السؤال الأساس لماذا يريد المسيحيون العودة إلى الدولة؟

من خلال الكلام المتداول يريد المسيحيون إعادة بناء الدولة من خلال محاربة الفساد أولا وتولي الإدارات التي هي حق لهم، وتأمين حضور سياسي فاعل لهم في المؤسسات السياسية في الدولة وفي مقدمها مجلس النواب ومجلس الوزراء.

في موازاة ذلك وإذا تحقق كل ما ينشده المسيحيون علنا، يبقى الأهم وهو أي دور يمكن أن يلعبوه في القرار السياسي لهذه الدولة، وتحديدا أي دور يمكن أن يلعبوه على صعيد القرار الوطني ككل، إذ إن هذا الوطن يجمعهم مع الطوائف الإسلامية والسنية والشيعية. وتتمتع الطائفة الشيعية من خلال “حزب الله” ودوره في لبنان والمنطقة بالإمساك بأهم القرارات السيادية اللبنانية وهي قرار الحرب والسلم وقرار التدخل في شؤون الدول الاخرى، فماذا ستفعل القوى المسيحية إزاء ذلك؟

لا يمكن لأي دولة ينشد المسيحيون بناءها مع شركائهم المسلمين أن تبقى بمنأى عما يحدث عند حدودها الجنوبية وعند حدودها الشرقية والشمالية وفي الدول المحيطة القريبة والبعيدة، باعتبار أن سياسة النأي بالنفس هي بالتحديد سياسة اللاقرار، لاسيما وأن لبنان يواجه تداعيات ما يجري عند حدوده وفي محيطه ليس فقط

من خلال العامل الجغرافي، بل وفي الدرجة الأولى من خلال تدخل فئة وازنة من اللبنانيين بشكل مباشر وفاعل في ما يجري عند الحدود والجوار.

هذا الواقع يضع الثنائية المسيحية أمام خيارين، إما أن تقبل فقط بالعودة الإدارية إلى الدولة وتكتفي ببناء إدارة فعالة من دون التعاطي بالنهج السياسي للدولة، وعندها يكون البناء الإداري معرض في اي لحظة لمواجهة التداعيات السياسية، وإما أن تواجه لتحديد الخيارات السياسية للدولة غير خيار النأي بالنفس، وعندها ستدخل في مواجهة سياسية عنيفة مع “حزب الله” لتخرج منها إما بربح أو بخسارة مدوية، وإما بخيار لا يموت الديب ولا يفنى الغنم وهو خيار مقنع لسياسة النأي بالنفس.