IMLebanon

الجولة العونية: رفض قاطع من “المستقبل” وجنبلاط و“القوات” للنسبية الكاملة

كتب غالب أشمر في صحيفة “الحياة”:

في سياق مبادرته لاستمزاج الآراء دعماً لطرح مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية انطلاقاً من النسبية الكاملة، اصطدم “التيار الوطني الحر” الذي شكل لهذا الهدف لجنة نيابية من تكتل “التغيير والإصلاح” خلال جولته على المرجعيات الوطنية والكتل النيابية، برفض قاطع من زعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النيابي وليد جنبلاط و “القوات اللبنانية”، ولم يتمكن من إحداث أي خرق في هذا الموضوع، بل شمل الرفض حتى القبول بمبدأ النسبية الكاملة. هذا ما خلص إليه وفد “التيار” وفق ما أكدت مصادره لـ “الحياة”. واستطردت في الوقت ذاته: “لم يقفل باب البحث في صيغ أخرى، ونحن منفتحون على كل صيغة تؤمن صحة التمثيل، ولسنا منغلقين على أي طرح يوفر الشراكة الوطنية الفعلية والمناصفة”.

وفد “التيار” النيابي الذي بدأ جولته الإثنين الماضي على القيادات السياسية واختتمها أول من أمس بلقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، خرج بمحصلة أظهرت أن أفرقاء سياسيين آخرين يعارضون النسبية ويقبلون بنسبية مختلطة، وحملوا في جعبتهم أفكاراً طرحت حول بعض الصيغ والمنهجية التي يجب أن تتبع، من دون إغفال المشروعين اللذين يعتمدان النظام المختلط.

وفي الجولة التي قام بها الوفد على الأطراف، توقفت مصادر معنية أمام لقائه مع قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي وبعض نوابه. وقالت مصادر الاشتراكي لـ “الحياة” إن وفد “التيار” طرح فكرة النسبية الكاملة في القانون و “كنا واضحين في ردنا على هذا الطرح بأنكم كتيار سبق أن عانيتم من مشكلة عدم صحة التمثيل النيابي بسبب قانون الستين، ويجب التوصل إلى قانون يصحح التمثيل، لكن هذا لا يعني أن نتوصل إلى قانون يؤدي إلى إلغاء الآخرين”. وأضافت: “أن وفده أبلغ التيار تفهمه للرغبة في تصحيح التمثيل المسيحي، والتوصل إلى قانون يضمن ذلك لكن يجب ألا يتم ذلك على حساب فرقاء آخرين يصبحون في موقع الشكوى من الغبن والظلم اللذين يلحقان بهم”. وأكدت مصادر الاشتراكي أن وفد “التيار” أبدى تفهمه لوجهة النظر هذه وأقر بأن جمهور الحزب موجود في منطقة محددة، وأعرب عن مراعاته وجوب التوصل إلى جوامع مشتركة لا تشكل انتقاصًا من تمثيل أحد، في موازاة الاستغناء عن الستين”.

وأوضحت مصادر الاشتراكي أن الوفد “أبلغنا أن صيغة مشروع القانون المختلط الذي يجمع بين النظامين النسبي والأكثري الذي كان مطروحًا سابقًا لم يعد صالحا الآن، على رغم تلميح الوفد إلى أن طرح النسبية لا يعني بالضرورة أن تكون كاملة”.

وأشارت مصادر أخرى إلى أن مهمة وفد “التيار الحر” في السعي إلى قانون وفق النسبية لن تكون سهلة، خصوصا أن حليفه حزب “القوات اللبنانية” لا يوافق على هذا الطرح وما زال ملتزمًا مع تيار”المستقبل” والحزب الاشتراكي مشروع القانون المختلط الذي ينص على انتخاب 68 نائبًا على النظام الأكثري و60 نائبًا على النسبي، فضلاً عن أن “المستقبل” أبلغ وفد “التيار” معارضته النسبية الكاملة والتزامه المشروع المختلط هذا. ولم تستبعد المصادر أن يكون هدف طرح القانون النسبي الحصول على إقرار بهذا المبدأ من الثنائي الشيعي قبل تأليف الحكومة، بما يعني أن تأخير تأليفها قد يكون مرتبطاً بهذا الأمر.

وفيما أفضى اللقاء الذي جمع وفد “التيار” مع بري في حضور ممثل “حزب الله” النائب علي فياض، إلى موقف موحد داعم لقانون نسبي انتقالي للانتخابات، فقد جرى التفاهم على طريقة المتابعة انطلاقاً من خلاصات الجولة بكاملها. وفي هذا الإطار قال النائب آلان عون الذي كان في عداد الوفد لـ “الحياة”، إن “الرئيس بري طرح لإجراء الانتخابات النيابية فكرة التأهيل على دورتين، الإولى تُجرى على مستوى القضاء، وفق النظام الأكثري، بحيث تنتخب كل طائفة مرشحيها، على أن يجري في الدورة الثانية التصويت وفق النسبية على مستوى المحافظة”، مشيراً إلى أن هذه الفكرة “قابلة للبحث، ويجب أن تأخذ حيزها من النقاش”. ويلفت عون إلى أن موضوع قانون الانتخاب سيكون جزءاً من النقاشات الأخيرة في المرحلة الثانية المقبلة “لنرى ما إذا يمكن أن نصل من خلالها إلى صيغة حل مشتركة”.

وفيما أكدت مصادر “التيار” أنه “لم يعد هناك أي توجه نحو فكرة تشكيل مجموعة مصغرة من كل الكتل كان تم التوافق عليها في بداية الجولة، تقوم بعمل جدي للتوصل في بضعة أسابيع إلى صيغة مشتركة يمكن التفاهم عليها من ضمن الاقتراحات الموجودة في البرلمان من دون انتظار تأليف الحكومة”، كشف عون وهو عضو في لجنة التواصل النيابية أنه “لم يعد من ضرورة لتشكيل هذه اللجنة المصغرة، واستبدلت بمتابعة النقاشات ثنائياً، وسيكون قانون الانتخاب على جدول أعمال الحوار الثنائي، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بين تيار “المستقبل” و “حزب الله”، بمشاركة حركة “أمل”، والجلسة المقبلة ستكون مخصصة حصراً للبحث في هذا القانون”. وكشف أن “التيار الوطني سيستكمل في الوقت ذاته مناقشة الموضوع الانتخابي بعيداً من الإعلام في لقاءات ثنائية مع القوى الأخرى، ومنها أيضاً تيار المستقبل، على أساس أن أي خرق يمكن أن يتحقق سيفتح الباب أمام التفاهم على صيغة حل تعجل في إقرار قانون جديد يشكل ركيزة لعملية الإصلاح السياسي”.

وإذ يبدي عون “خشية من أنه إذا لم نتوصل في هذه الجلسات إلى حل، فإننا سنكون عملياً أمام واقع قانون الستين”، يشير إلى أن “نقاشاتنا مع الكتل انطلقت من تجربة أربع سنوات من النقاشات النيابية”. وزاد: “نحن الآن في سباق مع الوقت، وهو آخذ في القضاء على المهل، والاستحقاق داهم، ودعوة الهيئات الناخبة على الأبواب، وحتى هذه الساعة لم يتحقق الخرق المطلوب باستثناء نيّات، لكنها لم تترجم إلى أفعال”.

ولأن مبادرة “التيار” انطلقت من أنه لا يمكن الانطلاق بالعهد الجديد من دون إصلاح سياسي يبدأ بقانون جديد للانتخاب، كشف عضو “التكتل” لـ “الحياة” أن وفد نواب التيار “سيتوجه إلى قصر بعبدا لإطلاع رئيس الجمهورية ميشال عون على نتائج الجولة، والوقوف على رأيه لغربلة الأفكار ومتابعة النقاش فيها، كون المبادرة انطلقت بتشجيع منه”. وقال: “الرئيس عازم على إطلاق العهد، والعمل بزخم كبير لإنجاحه، ولن يتأثر بأي عامل آخر تحت أقسى الظروف، ومهما كانت ظروف الانتخابات، حتى ولو لم تكن مثالية”.