IMLebanon

الحكومة الجديدة كـ…”لوحة الموناليزا”!

 

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

اذا سارتْ الأمور كما هو «مرسوم» لها، فإن الحكومة الثلاثينية في لبنان التي وُلدت «قيصرياً» يوم الأحد وبعد مخاضٍ كاد ان يودي الى «أزمة تأليف» تنهي بالكامل مفاعيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، فإن ما بين عيديْ الميلاد ورأس السنة يفترض ان يشهدا إنجاز البيان الوزاري لتنال الحكومة على أساسه ثقة مجلس النواب، فتنطلق 2017 بـ «رأسمال» سياسي تَشاركت فيه غالبية القوى الوازنة على ان يكون «الاستثمار» الأهمّ لكلّ منها في «المهمة الأم» لمجلس الوزراء وهي وضع قانون جديد للانتخاب تجرى على أساسه الانتخابات النيابية بعد نحو خمسة أشهر.

وقبل ان يجفّ حبر السير الذاتية التي توالت أمس لوزراء الحكومة ولا سيما ان نحو نصفهم من الوجوه الجديدة، كانت أوساط سياسية تقرأ في «الكوتا» السياسية لكل فريق وحجم ونوعية تمثيله خلاصاتٍ يمكن البناء عليها في محاولة تَلمُّس ما سيكون عليه المشهد اللبناني في الأشهر القليلة المقبلة التي تبدو وكأنها «استراحة ما بين حربيْن»، واحدة انتهت هي الانتخابات الرئاسية وثانية آتية وهي النيابية التي يضع «حزب الله» بالدرجة الاولى عيْنه عليها لتكون المدخل العريض لـ «ترويض» خصومه واستكمال عملية «قضم» السلطة وتطويع النظام.

وفي تدقيقٍ بـ «خريطة الأحجام» داخل الحكومة، يمكن تلمُّس ان التشكيلة كانت أقرب الى «لوحة الموناليزا» بحيث ان كل طرف يمكن ان يشعر بأنها «تبتسم له» من خلال إما الحصة التي نالها او تلك التي حرم خصومه من الحصول عليها.

وثمة انطباعٌ بأن بعض الوجوه في الحكومة الجديدة هي أشبه بـ «احتياطي» لجأ اليه فريق 8 آذار، ولا سيما «حزب الله» لتوجيه رسائل الى خصومه، وهو ما تجلى خصوصاً في توزير يعقوب الصراف بحقيبة الدفاع (من حصة رئيس الجمهورية) رغم اعتباره من «تركة» عهد الرئيس السابق اميل لحود، ووزير العدل سليم جريصاتي (من حصة رئيس الجمهورية) الذي كان من أبرز متصدّري «جبهة الرفض» اللبنانية للمحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ويضاف الى وزيريْ العدل والدفاع، وزير الأشغال يوسف فنيانوس (من تيار المردة بقيادة سليمان فرنجية) الذي يُعتبر مسؤولاً عن إدارة ملف العلاقة بين «المردة» وأجهزة أمنية لبنانية وبين فرنجية و«حزب الله»، وصولاً الى اعتبار إحدى الصحف القريبة من الحزب انه (فنيانوس) «تمكن من اكتساب ثقة حارة حريك (حيث معقل حزب الله)، وصار ممن يعتبرهم مسؤولو حزب الله»واحداً منّا»، وحامل الأسرار بين السيد حسن نصرالله وفرنجية. كذلك، هو أحد رُسل الأخير إلى سورية».

ورغم ان الصراف وجريصاتي وفنيانوس يشكلون من هذه الزاوية نقطة تقاطُع بين عون و«حزب الله»، فإن الحزب ومعه فريق 8 آذار لم يحصلا في الحكومة على ثلث معطّل «صافٍ»، اذ انه يتمثّل بـ 6 وزراء شيعة زائد وزير المهجرين طلال ارسلان، واذا أضيف الثلاثة الاوائل اليهم يصبح العدد عشرة اي أقلّ من الثلث الزائد واحد المطلوب لإسقاط اي حكومة. اما إذا أريد احتساب حصة وزراء «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس) الأربعة من ضمن 8 آذار ليكوّنوا «الثلث الانقلابي وما فوق» فإن ذلك لن يكون الا من ضمن سياق استراتيجي كبير يقتضي من رئيس الجمهورية التخلي عن دوره كحكَم ليكون شريكاً في قلب الطاولة داخلياً لاعتبارات خارجية. علماً ان الوزراء الشيعة هم علي حسن خليل (وزير المال – حركة «أمل»)، غازي زعيتر (وزيرا للزراعة – «حركة أمل»)، عناية عز الدين (وزير دولة لشؤون التنمية الادارية – «أمل»)، محمد فنيش (وزيرا للشباب والرياضة – حزب الله)، حسين الحاج حسن (وزيرا للصناعة – «حزب الله»)، وعلي قانصوه (وزير الدولة لشؤون مجلس النواب – الحزب السوري القومي الاجتماعي).

واذا كان رئيس الجمهورية نال حصة من خمسة وزراء (هم إيلي جريصاتي والصراف، بيار رفول – وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية، ونقولا تويني – وزير دولة لشؤون مكافحة الفساد، والسني طارق الخطيب وزيراً للبيئة)، فإنه تنازل عن وزير شيعي لمصلحة الحزب «القومي»، علماً ان حصته تصبح الأعلى اذا احتُسبت مع وزراء «التيار الحر» اذ ترتفع الى 9 باعتبار ان «التيار» تمثّل بكل من جبران باسيل (وزيرا للخارجية) رائد خوري (وزيراً للاقتصاد) سيزار ابي خليل (وزيرا للطاقة والمياه) واواديس كدنيان (وزيرا للسياحة – عن الطاشناق حليف التيار).

وتوازي حصة «التيار الوطني الحر» ما حصل عليه حزب «القوات اللبنانية» رغم ما وصفه رئيسها الدكتور سمير جعجع بأنه «حرب داحس والغبراء» ضدّها، اذ تمثلت بأربعة وزراء، 3 مباشرين هم غسان حاصباني (نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للصحة)، بيار بو عاصي (وزيرا للشؤون الاجتماعية)، ملحم الرياشي (وزيرا للاعلام) اضافة الى الوزير ميشال فرعون (وزير دولة لشؤون للتخطيط).

وفيما نُقل عن مصادر «القوات» انها تعتبر انها خرجت منتصرة من المواجهة التي شنّت ضدها على جبهات مختلفة، بدءاً من محاولة فك علاقتها مع «التيار الحر» وصولاً الى وضع الفيتوات عليها وما بينهما من محاولات إحراجها لإخراجها من الحكومة، فإن الرئيس سعد الحريري كانت له منفرداً «حصة الأسد» من الوزراء الذين بلغ عددهم (مع الحريري) سبعة وبينهم 3 وزراء من «الصقور» هما جمال الجراح (للاتصالات) ومحمد كبارة (العمل) ومعين المرعبي (وزير دولة لشؤون النازحين) اضافة الى وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الثقافة غطاس خوري ووزير الدولة لشؤن المرأة جان أوغاسابيان.

واذا قيست حصص مكوّنات 14 آذار معاً يتّضح انها نالت 11 وزيراً «صافياً» (المستقبل والقوات) يضاف اليهما وزيرا «اللقاء الديموقراطي» (النائب وليد جنبلاط) اي مروان حماده (وزير التربية) وايمن شقير (وزير دولة لشؤون حقوق الانسان).

وفيما كان بارزاً في هذه الحكومة استحداث «نصف حقائب» جديدة أُلحقت بوزراء الدولة الستة، فان التحضيرات بدأت لتشكيل اللجنة التي ستتولى صوغ البيان الوزاري الذي سيُقر في مجلس الوزراء لتنال على اساسه الحكومة الثقة، وسط اعتبار دوائر سياسية ان كلام الرئيس الحريري بعد صدور مراسيم ولادة حكومته أعطى مؤشراً الى مرتكزات هذا البيان الذي يفترض ألا يواجه اي عقبات امام وضعه.

وقد وصف الحريري، الذي يستعدّ للانتقال الى السرايا الحكومية اليوم والذي تلقى سريعاً تهنئة من الرياض عبر زيارة قام بها له القائم بالاعمال السعودي في لبنان وليد بخاري، الحكومة بأنها «حكومة وفاق وطني»، مشدداً على ان «تشكيلة هذه الحكومة، لم تأتِ لتثبيتِ سوابِقَ أو لتكريسِ أعرافٍ»، مضيفا: «ان البيان الوزاري يجب ان يستند الى خطاب القسَم الذي ادلى به رئيس الجمهورية، والذي اشاد به الجميع، وبذلك نسرّع وتيرة العمل».

ولفت الى «ان أولى مهمات الحكومة ستكون الوصول بالتعاون مع المجلس النيابي إلى قانون جديد للانتخابات، يراعي النسبية وسلامة التمثيل، لتنظيم الانتخابات النيابية في موعدها منتصف العام المقبل، وبهذا المعنى، يمكن اعتبار هذه الحكومة حكومة انتخابات. كما تضع الحكومة الجديدة في رأس أولوياتها المحافظة على الاستقرار الأمني الذي ينعم به لبنان، وعزل دولتنا عن التداعيات السلبية للأزمة السورية».