IMLebanon

ثلاث زيارات بأقل من شهرين… إيران تستبق زيارة عون الرياض!

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية أن التسابق الاقليمي على “الإحاطة” بالواقع اللبناني الجديد بلغ أوْجه الجمعة 6 كانون الثاني 2017 مع استباق طهران زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للرياض يوميْ الاثنين والثلاثاء المقبليْن بإيفاد رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي الى بيروت للقاء كبار المسؤولين الرسميين.

وبدا من الصعب عزْل توقيت زيارة بروجردي، الذي وصل الى بيروت آتياً من دمشق، عن حدَث اختيار الرئيس عون السعودية لتكون إطلالتُه الخارجية الأولى منها مع كل ما تحمله هذه المحطة من دلالاتٍ بالغة الأهمية ورسائل، سواء لجهة تصويب “تموْضع” لبنان عربياً وتأكيد انه لم يسقط في “أحضان” ايران، او لجهة تكريس أهمية السعودية ودورها لبنانياً.

والواقع انه منذ انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الاول الماضي برز “سباق” ايراني – سعودي مزدوج على خطيْن، أوّلهما تبنّي “أبوّة” التسوية التي بدأ مسارها بوصول “الجنرال” الى قصر بعبدا ومَن الذي كان يحمل “مفاتيح” الحلّ، وثانيهما قراءة مغازي هذه التسوية التي اعتبرتْها طهران “انتصاراً” للمحور الايراني – السوري من زاوية انتخاب عون، فيما تعاطتْ معها الرياض على أنها “أعادتْ التوازن” الى الوضع اللبناني من خلف “خطوط الاشتباك” الاقليمي الكبير في أكثر من ساحة وذلك من زاوية عودة زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري، الحليف الوثيق الصلة بها، الى رئاسة الحكومة التي كان أُقصي منها العام 2011 بقرار من “حزب الله” من ضمن المسار الرامي الى كسْر التوازنات في لبنان والذي بدأ منذ العام 2005.

وثمة اقتناع في بيروت بأن الصفحة الجديدة التي فُتحت في الوضع اللبناني والتي تتكرّس يوماً بعد آخر ولا سيما بعد الانطلاقة بزخم التي سجّلتها الحكومة في أولى جلساتها، إنما هي نتاج “فكّ اشتباك موْضعي”، بدفْعٍ من مقتضياتٍ لبنانية ضاغطة، بين السعودية وإيران يمكن ان يفيد منه الجانبان سواء في توفير أرضية لتفاهمات ممكنة قد تستدعيها التطورات في المنطقة، او في إبقاء الواقع اللبناني بوضعية on hold ريثما يكون انقشع دخان “الحرائق” في المحيط واتضحت ترسيمات خريطة النفوذ الجديدة وموقع لبنان فيها.

وبدا واضحاً بحسب مصادر سياسية في بيروت ان كلاً من الرياض وطهران تحرصان على احتضان التسوية في لبنان مباشرةً، وهو ما عبّرت عنه حركة زيارات بارزة بدأتْها السعودية بإيفاد الوزير ثامر السبهان الى بيروت قبل أربعة أيام من انتخاب عون، قبل ان يزورها مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل في 21 تشرين الثاني مهنئاً رئيس الجمهورية، ليتولى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 22 كانون الأول الاتصال بالرئيس الحريري مهنئاً بتشكيله الحكومة ومؤكداً دعم لبنان.

وفي المقلب الايراني، أوفدتْ طهران وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الى بيروت في 7 تشرين الثاني الماضي، قبل ان يزورها في 22 كانون الاول مستشاره للشؤون العربية والافريقية حسين جابر الانصاري، لتكون محطة بروجردي الثالثة بأقل من شهرين لمسؤول ايراني رفيع في لبنان.

ورغم ان ان كل هذه المحطات الإيرانية بدت مرتبطة بالحركة السعودية في اتجاه بيروت، إلا ان زيارة رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني قبل 3 أيام من توجُّه الرئيس عون الى الرياض التي ينتقل منها الى قطر حملتْ، بحسب المصادر السياسية، إشاراتٍ واضحة الى رغبة طهران في التأكيد، للسعودية بالدرجة الأولى، ان “لبنان ما بعد التسوية” يبقى جزءاً رئيسياً واستراتيجياً من مداها الحيوي وذلك بمعزل عن اي تحركات تقتضيها مسؤولية السلطة السياسية في لبنان تجاه هذه الدولة او تلك.

وفي حين استبعدت المصادر السياسية نفسها ان يكون لزيارة بروجردي اي علاقة بما يتردّد عن امكان اضطلاع بيروت بوساطة بين الرياض وطهران، معتبرةً ان قنوات التبريد على خط السعودية وايران معروفة ولبنان يبقى “علبة بريد” في سياق الصراعات الكبرى، لاحظتْ ان المسؤول الايراني وفي “أول الكلام” له من بيروت من على ضريح القائد العسكري السابق لحزب الله عماد مغنية ونجله أطلق مواقف متشدّدة من تركيا على خلفية مواقف وزير خارجيتها التي اتّهم فيها “حزب الله” وقوات النظام السوري ومليشيات تدعمها إيران بانتهاك الهدنة في سوريا ومطالبته بإنسحاب الحزب وجميع المليشيات الاجنبية لترسيخ اتفاق وقف اطلاق النار.

وقال بروجردي من على ضريح مغنية: “نعتبر أن القاصي والداني يعرف تماماً مَن هي الأطراف التي ذهبتْ إلى الجمهورية العربية السورية بطلب رسمي من الحكومة السورية، كي تدافع عن وحدة هذا البلد واستقراره وأمنه، سواء الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو روسيا أو حتى المقاومة في حزب الله، (…) أما الأطراف الأخرى والتي أتت عنوة عن إرادة الجمهورية العربية السورية وساهمت بشكل أو بآخر في زعزعة الاستقرار والوحدة والتماسك في هذا البلد الشقيق، فنحن نعتبر أن هذا الأمر يُعتبر في مفهوم المواثيق والقرارات الدولية على أنه مخالف للقانون الدولي ونوع من أنواع الانتهاك للسيادة السورية. ولذلك فإن كل الأطراف التي لم تأت بطلب رسمي من الحكومة السورية وتدخّلت في أوضاع سورية الشقيقة ينبغي عليها أن تغادر الأرض السورية فوراً”.

وهنّأ اللبنانيين بإنهاء الشغور الرئاسي، مؤكداً “ان الموقف الدائم والثابت والراسخ للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو الوقوف إلى جانب الجمهورية اللبنانية الشقيقة حكومة وشعباً، لذلك نؤكد مرة أخرى النية الراسخة الموجودة لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال تسليح الجيش اللبناني وهذا الأمر طرح بشكل جدي أثناء زيارة وزير الدفاع السابق سمير مقبل لإيران، ولذلك نعتقد أن هذا الأمر هو بتصرف الحكومة اللبنانية إن شاءت أن تفعل هذا الموضوع”.