IMLebanon

رفع السقوف يحاصر قانون الانتخاب

كشفت مصادر نيابية أن لدى الكتل النيابية رغبة في التوصل الى قانون انتخاب جديد، ورأت أنه من المبكر الدخول في تفاصيل هذا القانون التي يفترض أن تأخذ في الاعتبار الدمج بين النظامين الأكثري والنسبي. وعَزت السبب الى أن الاجتماعات بين ممثلي الكتل ما زالت ثنائية ولم تتوسع لتتحول الى مشاورات جامعة، ما يعني أن كل فريق يحاول جس نبض الآخر للتأكد من إمكان وجود قواسم مشتركة من شأنها أن تؤسس للتوافق على القانون الذي ينشده الجميع.

واعتبرت المصادر النيابية نفسها اصحيفة “الحياة” أن الأطراف بمعظمها تلجأ الى رفع السقوف في تناولها العناوين الرئيسة لقانون الانتخاب الجديد. وقالت إنها تتحسب للتنازل عن بعض طروحاتها شرط عدم المساس برغبتها في أن يأتي القانون على قياس مصلحتها في زيادة عدد مقاعدها في البرلمان، وإن كانت تتذرع في الحفاظ على صحة التمثيل النيابي الذي لا يؤمنه إلا التفاهم على قانون انتخاب عصري.

ولفتت المصادر عينها الى أن الجلوس الى طاولة المفاوضات بحثاً عن قانون جديد لم يحن بعد، وأن المــبادرة الآن في يد رئيــس المــجلس النيابي نبيه بري للخــروج من الحراك الإعلامي حول هذا القانون الى الدخول في البحث الجدي، مع أن الوقت لم يعد يسمح بالدعوة لإجراء الانتخابات على أساسه، وأن الحل يكمن في اعتماد القانون النافذ حالياً، إلا إذا حصلت معجزة ليــست بالحسبان ودفعت في اتجاه التوافق على المختلط في غضون أسابيع عدة وهذا يعتبر من رابع المستحيلات.

وأكدت أن لجوء هذا الطرف أو ذاك الى رفع سقوفه في طرحه رؤيته في خصوص قانون الانتخاب، يمكن أن يشكل ضغطاً من أجل الإسراع في إقراره أو التذرع بإعادة الاعتبار لقانون العام 1960 إذا ما تعذرت الاستفادة من الوقت المتبقي الذي يفصلنا عن المهل المنصوص عنها في القانون، والمتعلقة بتشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات ومن ثم دعوة الهيئة الناخبة للاشتراك فيها.

وسألت المصادر عن الأسباب التي تكمن وراء عودة كتلة “الوفاء للمقاومة” (حزب الله) للمطالبة باعتماد النسبية الكاملة في قانون الانتخاب على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة أو تقسيمه الى دوائر كبرى، وهل تنسجم مطالبتها هذه مع ما تبلغه رئيس “اللقاء النيابي الديموقراطي”وليد جنبلاط من حزب الله بأن أمينه العام السيد حسن نصر الله يتفهم هواجسه حيال قانون الانتخاب، خصوصاً أن مخاوفه من القانون المختلط، فكيف ستكون عليه بالنسبة الى القانون القائم على النسبية الكاملة.

لذلك فإن تحذير الرئيس بري من المماطلة في وضع قانون الانتخاب يحمل المسؤولية للبرلمان مجتمعاً وأن لا مبرر بعد الآن لإعادة إحالة المشاريع الانتخابية على اللجان النيابية التي أخفقت في التوصل الى تفاهم الحد الأدنى، وأن إخفاقها تتحمله الكتل النيابية مجتمعة، لأن رؤساء هذه الكتل أخفقوا في تذليل العقبات التي كانت وراء إعلان اللجان فشلها في فتح الباب أمام التوصل الى صيغة مركبة للقانون ترضي هذه الكتل.

فهل يبادر الرئيس بري الى خرق جدار الصمت من خلال ابتداعه آلية جديدة يوكل فيها الى لجنة نيابية الدمج بين مشروعه الذي يؤمن المناصفة في توزيع المقاعد بين النظامين النسبي والأكثري، والمشروع الآخر الذي يرضى به تيار “المستقبل” و “اللقاء الديموقراطي” وحزب “القوات اللبنانية”، وكان تم التوصل اليه قبل “إعلان النيات” بين الأخير و “التيار الوطني الحر” ويقوم على توزيع 68 مقعداً نيابياً على أساس الأكثري و60 استناداً الى النظام النسبي؟

وعليه، لا بد من مواكبة المشاورات النيابية التي تستعد الكتل لخوضها على قاعدة الانتقال فيها من “الثنائية” الى ما هو أوسع في محاولة قد تكون الأخيرة للتوصل في اللحظة الأخيرة الى قانون جديد من شأنه أن يبرر اللجوء الى التأجيل التقني لموعد إنجاز الاستحقاق النيابي من أيار المقبل الى أيلول من العام نفسه.

فهل تتدارك الكتل النيابية الموقف وتسارع الى إنجاز القانون، أم أن مصلحتها في التمديد للقانون القائم فيما تحاول كل منها أن ترمي المسؤولية على الآخر لأنها تخشى من رد فعل المجتمع المدني إذا ما اعتمد القانون النافذ، أو تقرر تأجيل الانتخابات لدواعٍ تقنية، مع أن من يدعي حرصه على تأمين صحة التمثيل من خلال النظام النسبي أو المختلط يضع نصب عينيه تحسين شروطه ليكون الأقوى في المعادلة السياسية، وهذا لن يتحقق إلا في زيادة عدد مقاعده في البرلمان، خصوصاً أن الصراع الخفي يدور حول من يسيطر على القرار السياسي بذريعة حجج واهية تارة بأمين صحة التمثيل وتارة أخرى بإعطاء فرصة التمثيل لقوى سياسية ما زالت محرومة من الدخول الى البرلمان.