IMLebanon

فصل جديد من أزمة “القومي”!

كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:

فصل جديد من الأزمة الداخلية للحزب السوري القومي الاجتماعي، نجومه خمسة من أعضاء المجلس الأعلى قدموا استقالاتهم اعتراضاً على عدم استئذان رئيس الحزب علي قانصو المجلس قبل قبوله تعيينه وزيراً في الحكومة. شرط الأعضاء للعودة عن الاستقالة الحوار معهم و”التزام الدستور القومي”.

الحزب السوري القومي الاجتماعي، رغم كلّ انتقادات معارضيه، من أكثر الأحزاب التي تشهد حراكاً داخلياً دائماً. لا يكاد أحد أقدم الأحزاب في لبنان يستكين إلى سجال تنظيمي حتى “يصيبه” آخر. قبل ظهر الثلاثاء الماضي، قدّم خمسة أعضاء من المجلس الأعلى، من أصل 17 عضواً، استقالاتهم خطياً، وهم: رئيس المجلس محمود عبد الخالق، الرئيس السابق للحزب جبران عريجي، نائب رئيس الحزب توفيق مهنا، النائب السابق أنطون خليل والأمين العام للمؤتمر العام للأحزاب العربية قاسم صالح.

النقاش الداخلي حول جمع علي قانصو بين دوره رئيساً للحزب ومهماته الوزارية الجديدة، أفضى إلى هذه النتيجة. أحد الأعضاء المستقيلين يقول لـ”الأخبار” إنّ قانصو “تجاوز الدستور القومي حين لم يُنسّق مع مرجعيته ــ المجلس الأعلى ــ القبول بتسلّم الحقيبة الوزارية. وهذا التجاوز يؤثر سلباً على مؤسسات الحزب”. دائماً ما كان المعترضون على نهج الرئيس السابق للقومي النائب أسعد حردان وخلفه قانصو يُشددون على ضرورة “الترابط بين نظام المؤسسات ونظام العقيدة من أجل الحفاظ على الحزب”.

توسع رقعة الخلافات بين الفريقين بدأ منذ حزيران الماضي حين صوّت المجلس الأعلى على التعديل الدستوري الذي سمح لحردان بالترشح لدورة رئاسية ثالثة. قرار المحكمة الحزبية إبطال هذا القرار نتيجة للطعن الذي قدّمه أنطون خليل والتزام حردان به كان له وقعٌ إيجابي على المعترضين، وأبرزهم عريجي وخليل، رغم أنهما أكملا بعد انتخاب قانصو مقاطعتهما لجلسات المجلس الأعلى. النقطة السوداء الثانية في سجل العلاقة بين الطرفين كانت إقالة عضوَي المحكمة الحزبية نزيه غنطوس وجهاد العقل بحجة “إقدامهما على اختلاق اتهامات باطلة ضد مسؤولين في قيادة الحزب، وخلق وقائع غير موجودة وغير مبررة، وثبوت مسؤوليتهما عن أداء وسلوك يتعارضان مع قواعد تأمين العدالة الاجتماعية”، ثم استقالة رئيس المحكمة ميشال الحاج والعضو فيها مصطفى الشيخ علي. لم يكن تعيين قانصو وزيراً في حكومة الرئيس سعد الحريري سوى الشعرة التي قصمت ظهر البعير بين القوميين، وخاصة أن رئيس الحزب الذي يُمارس مهماته متفرغاً، بحسب دستور الحزب، كان بحاجة إلى إذن من المجلس الأعلى لمزاولة عمل آخر، أي الوزارة. وكان يجب على هذا المجلس أن يبتّ اسم الشخص الذي سيتولى الحقيبة الوزارية، “ولكن ما حصل أنّ قانصو تلقّى اتصالاً قبل دقائق من إعلان التشكيلة الحكومية طُلب خلاله منه أن يُسمي أحداً لتولي وزارة من حصة الطائفة الشيعية، فلم يكن يملك الوقت لاستشارة المجلس”، بحسب رواية مصادر القيادة.

في تفاصيل خطوة الاستقالة، يشرح عضو مستقيل ثانٍ أنّ “الاستقالة قُدّمت خطياً الثلاثاء بسبب عملية التزوير وتجاوز الدستور الحزبي من قبل قانصو، الذي لا يحق له أن يتسلّم أي مهمة سياسية أخرى من دون موافقة المجلس الأعلى”. ويكشف أنّ محمود عبد الخالق “طلب من قانصو تقديم رسالة إلى المجلس الأعلى لمناقشة هذا البند، لكنه رفض ذلك. ويوم الاثنين، غاب رئيس الحزب عن جلسة المجلس”. تردّ المصادر الموالية بأنّ غياب قانصو هدف إلى “إفساح المجال أمام المعترضين ليبدوا آراءهم من دون الشعور بحرج من قانصو”. حتى الساعة، “الاستقالة نهائية إلا إذا قرر الطرف الآخر فتح باب الحوار وتحققت المطالب”، على ذمة العضو المستقيل. ثلاثة من الأعضاء الخمسة يرفعون السقف عالياً بضرورة استقالة قانصو من رئاسة الحزب، في حين أنّ الآخرَين “متشائمان” لأنّ “الوجوه فقط تتغيّر، في حين أنّ النهج هو نفسه”.

خيار الاستقالة كان قد عرضه قانصو نفسه على عدد من القوميين، ومن بينهم حردان، بعد تعيينه وزيراً. بحسب معلومات “الأخبار” أنّ حردان رفض الخطوة، لأنه لا يوجد بديل إلى رئاسة الحزب في الوضع الحالي.

توضح مصادر الروشة أنّ “من الخطأ تصوير الموضوع على أنّ حردان “رئيس أعلى” للحزب، لأن معظم القوميين الذين جرى التشاور معهم عارضوا طرح قانصو”. تقول المصادر إنّ “قرار الاستقالة من المجلس الاعلى وطلب استقالة الرئيس ليسا خياراً مسؤولاً في هذا الظرف، حيث إننا مقبلون على الانتخابات النيابية، والاتفاق على رئيس جديد صعب لدى الطرفين”.

خلال جلسة المجلس الأعلى يوم الإثنين لم يُطرح ملف الازدواجية في مهمات قانصو على التصويت. هل السبب معارضة حردان عرض الموضوع على التصويت ورغبته اتخاذه بالتوافق؟ ترد المصادر بأنّ حردان “حاول تهدئة الأجواء والمواقف التي غلب عليها الطابع العاطفي قبل البحث في الأمر”، إضافة إلى أنّ “المجلس لم يُصوّت رسمياً، ولكن في المناقشات كانت هناك أغلبية رافضة للاستقالة… الأعضاء الخمسة لم تُعجبهم هذه الديموقراطية فاستقالوا”.

تعترف المصادر الموالية بأنه “لا شك في أن الموضوع سيأخذ مداه في الإعلام، لأن المستقيلين قيمة معنوية وتاريخية داخل الحزب، ولكن تنظيمياً تأثيره محدود، فهؤلاء غائبون عن العمل منذ مدة”.

بعد ثلاثين يوماً، “تُعتبر الاستقالة نافذة تلقائياً، وخلال هذه الفترة يترأس ناموس (أمين سر) المجلس الأعلى الجلسات”، بحسب أحد الأعضاء المستقيلين. إضافة إلى الأعضاء الـ17 في المجلس الأعلى، يتم انتخاب خمسة أعضاء رديفين بغية ملء الشواغر في حال حصولها. بعد انتخاب قانصو رئيساً، وتعيين عاطف بزي عميداً للداخلية، شغر موقعان في المجلس الأعلى، فعُيّن بدلاً منهما عضوان رديفان. أما الأعضاء الثلاثة الرديفون فسيحلّون مكان ثلاثة من الأعضاء المستقيلين، فيبقى مقعدان شاغران “تتم الدعوة إلى انتخاب بديلين منهما خلال الاجتماع السنوي للمجلس القومي الذي يهدف إلى الاطلاع على تقارير عمل المؤسسات الحزبية”. ويكشف أحد الأعضاء الخمسة المستقيلين أنّ “اثنين من الأعضاء الرديفين سيستقيلان”.