IMLebanon

روسيا تُعدّ ورقة تفاوض لمحادثات جنيف السورية في شباط

 

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

لا تستبعد مصادر ديبلوماسية متابعة، أن يبدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب حُسن النيّة مع الروس في رعاية موسكو غير الحصرية للمفاوضات السلمية السورية – السورية التي كانت دائرة هذا الأسبوع في الآستانا في كازاخستان. وذلك من أجل ترجمة الحرص الأميركي على العلاقة الجيدة مع روسيا كونها أساسية في الامساك بالملف السوري.

وتفيد المصادر، بأن مفاوضات الآستانا، تشكل محطة من محطات المسار السياسي للأزمة السورية، من دون أن تكون هناك توقعات بأن تأتي بالحل النهائي.

إنما روسيا تحاول عبر هذه المفاوضات أن تستثمر دورها السياسي بعدما أكدت دورها العسكري على الأرض.

الادارة الأميركية التي رحلت، كان دورها بحسب المصادر كالبطة العرجاء، إنما حالياً لا يمكن التنبؤ بدور الإدارة الجديدة التي ستتضح صورة استراتيجيتها بعد أشهر قليلة.

الروس في المرحلة الراهنة، لم يتنازلوا لأنهم سينتظرون الإدارة الأميركية الجديدة، بحيث قد تحصل تنازلات مقابل مسائل أخرى في السياسية الدولية.

والسؤال الذي سيتبلور جوابه لاحقاً هو الى أي مدى ستسمح ادارة ترامب لروسيا استعمال الورقة السورية منفردة؟ فهل ستتدخل، أم ستطلب من موسكو الاستمرار في دورها وتكلفها من ضمن ذلك بمحاربة الارهاب؟

المعارضة السورية حضّرت جيداً للمؤتمر في الاستانا، على الرغم من عدم رضاها عن البيان الختامي، لا سيما وأن موسكو تعتبر “جيش الإسلام” إرهابياً. لكن روسيا تعمل على فرض ما تراه مناسباً، حتى أنها في دعوتها الولايات المتحدة للمشاركة، لم تكن إيران راضية عن ذلك. لكن روسيا وتركيا تمثلان قوة الدفع الأساسية للحل في سوريا مع إيران، لا سيما بُعيد الاجتماع الأخير لوزراء الدفاع في الدول الثلاث. إيران معهم لكن المحرّك الأساسي روسيا وتركيا حيث التعاون الثنائي العميق. إنما هما على تباين مع إيران في العديد من وجهات النظر، ليس فقط بالنسبة إلى دعوة واشنطن، بل أيضاً بالنسبة إلى دعوة بعض الفصائل السورية المعارضة إلى الاستانة. وهذا التباين سيتوسّع لاحقاً في ظل البحث بشروط الحل السياسي.

في كل الأحوال، العملية السياسية في سوريا طويلة الأمد ومعقّدة. الهدف الأساسي لاجتماع الاستانة هو التفاهم على وقف شامل لإطلاق النار، على أن تنتقل المفاوضات إلى جنيف في الثامن من شباط المقبل برعاية الأمم المتحدة. وروسيا حاولت وأثبتت أنها تمسك بالملف السوري حتى بالنسبة إلى المعارضة خلافاً لما هو الوضع عليه لدى الإدارة الأميركية، حيث فشلت في الإمساك بهذه الورقة.

الهدف من الاستانة إذاً، وقف النار، وتمهيد الطريق للانطلاق بالعملية السياسية. والخارجية الروسية تتابع الملف السياسي وأعدّت تصوّراً لهذه العملية. أهم ما تريد روسيا تحقيقه هو التأكيد للعالم أن الورقة السورية بكافة تشعباتها هي في يدها، وان كل محاولاتها السابقة مع الأميركيين للحل، فشلت، وإذا ثبت وقف النار، تكون روسيا أثبتت أنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة في سوريا.

والورقة التي تعدّها موسكو، تتم بالتفاهم مع تركيا وإيران، وهي ستعرض على مؤتمر جنيف المرتقب لدراستها، وبالتالي تتعاطى موسكو في الملف السوري على المستويين العسكري والسياسي.

والورقة التي تعدّها موسكو ترتكز على وثيقة جنيف في حزيران 2012، والقرارين 2254 و2268، ومقررات المجموعة الدولية لدعم سوريا، أي مجموعة فيينا.

وليس من أدنى شك ان ظهور مؤشرات الحل في سوريا سيستغرق وقتاً، كما انه ليس واضحاً بالنسبة إلى الروس والعالم المقاربة الأميركية لادارة الرئيس دونالد ترامب للأزمة السورية، وما مدى تعاونها مع الدور الروسي في الشكل والمضمون، خصوصاً داخل سوريا نفسها.

المهم الآن القدرة على تنفيذ اتفاق وقف النار، والضغوط التي ستُمارَس من كل الفرقاء الخارجيين على الفرقاء السوريين لتثبيته. خطوة الاستانا تبدو في الاتجاه الصحيح. الآن ليس هناك من مصلحة لأي فريق إلا من خلال الهدنة، ولا يبدو أن الروس يريدون الدخول إلى وادي بردى، وسيترك للنظام وحده لاحقاً التصرف، إذا لم ينجح وقف النار. ولا يظهر بعد حلب أن هناك تحديات كبيرة. والسؤال المطروح هل يبقى الرئيس الأسد أم يرحل؟ وإذا كان ما تبقّى من نظامه لا يزال جزءاً من العملية السياسية.. فهل سيبقى طويلاً؟!