IMLebanon

استفزاز طهران لواشنطن “يهدّد” مستقبل.. الاتفاق النووي

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

تؤكد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن هناك ترقباً من كل الدول في المنطقة للسياسة التي سيتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه إيران، وانعكاسات ذلك على ملفات المنطقة وعلى الوضع اللبناني، نظراً للنفوذ الإيراني في لبنان، ولوجود “حزب الله” ومساعيه الدائمة للتأثير في مختلف القضايا السياسية الداخلية.

وتشير المصادر إلى أن ترامب سيسعى جاهداً لوضع حدود لنفوذ إيران الإقليمي. وأولى الرسائل التي حصلت في هذا الاتجاه هي قراره حول حظر السفر للوافدين من 7 دول منها إيران وفق الإجراءات الخاصة التي أعلن عنها، وبدأ سريانها فوراً، ثم التهديدات الأميركية لإيران والتي تلت ذلك.

إن التجارب الصاروخية البالستية الإيرانية، والتي استدعت انعقاداً لمجلس الأمن تشكّل رسالة إيرانية قوية للرئيس الأميركي فضلاً عن أنها بمثابة تحدٍ وإنذار لكل القوى الدولية والإقليمية وللإجراءات التي اتخذت أميركياً. المصادر تتوقع، منذ الآن وحتى اتضاح أسلوب ترامب في وضع حدّ للنفوذ الإيراني، والطريقة التي سيعتمدها، حصول مرحلة استفزازات متبادلة بين الولايات المتحدة وإيران التي سعت من خلال التجارب إلى تأكيد حقها في ذلك وعدم استعدادها للمساومة، وأن لديها حرية الحركة في هذا المجال، وهي تعتبر أن التجارب لا دخل لها بالاتفاق النووي وتنفيذه.

لكن الولايات المتحدة ومعها الدول الكبرى تدرك تماماً أن حظر التجارب وارد في القرارات الدولية ذات الصلة بإيران والتي لا تزال نافذة حتى الآن، ولم تلغَ من جراء سريان الاتفاق النووي. لن يعمد ترامب إلى إلغاء الاتفاق، لكنه قد يلجأ إلى سلوكيات تعتبرها إيران استفزازية، لا سيما في مجال القرارات الدولية السارية المفعول والمتعلقة بدعم إيران للإرهاب وعدم المطابقة مع إجراءات حقوق الإنسان. هل يعني ذلك كله أن الاتفاق النووي في خطر؟

قد يكون الاتفاق النووي في خطر، تفيد المصادر، لكن من المبكر لأوانه حسم ذلك، في انتظار وضوح السياسة الخارجية الأميركية. ويبدو حتى الآن أن ما قاله ترامب في حملته الانتخابية يسعى لتنفيذه بعد تسلمه السلطة، على عكس ما كان الكثير من الخبراء في السياسة الأميركية يتوقعون، وهم قالوا إن كلامه في الحملة قد لا ينسحب على أفعاله في الحكم.

يستطيع ترامب إذاً القيام بأشياء كثيرة. مثلما أن الصواريخ غير مشمولة بالنووي، كذلك العقوبات على الإخلال بحقوق الإنسان وعلى الإرهاب غير مشمولة أيضاً بالنووي، وكلها خاضعة لقرارات مجلس الأمن.

لا شك أن شيئاً ما مختلفاً يحصل بعدما تسلم ترامب الحكم، بالمقارنة مع عهد سلفه باراك أوباما. إنما ما المنحى الجديد الذي ستسلكه الأمور. إن حظر نقل الأسلحة من إيران أيضاً مشمول بالقرارات، ومنذ أيام ضبطت باخرتان تقلاّن الأسلحة إلى اليمن. مصير الاتفاق النووي كذلك يتعلق بالقرار الذي تتخذه إيران في ظل نتائج انتخاباتها الرئاسية المقبلة. فقد تستمر مرحلة الاستفزازات المتبادلة إذا انتخب رئيس يريد عدم التقيد بتنفيذ الاتفاق.

على صعيد لبنان وأوضاعه التي تتأثر بالعلاقة الأميركية – الإيرانية، أولاً، إن قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بإيران لا تزال حتى الآن تحتّم عليه عدم تسلّم أية هبة أسلحة من إيران. وعلى خط موازٍ فإن هناك عملاً دؤوباً من فريق عمل ترامب لإبقاء لبنان خارج الصراعات في المنطقة وحمايته عبر احترام مبدأ سيادته على كل أراضيه واستقلاله وحياده. فضلاً عن عدم القبول بأي تعديات عليه. والمساعدات الأميركية المخصصة له ستستمر.

كان من المنتظر أن يفتح الاتفاق النووي فرصاً للحوار الأميركي – الإيراني حول قضايا المنطقة. أما الجو القائم حالياً فيضع هذا الخيار في الخطوط الخلفية. وبالتالي ما مصير ملفات المنطقة، كيف ستتم حماية لبنان، وكيف ستكون العلاقات الخليجية مع إيران؟