IMLebanon

حتمية إجراء الانتخابات (بقلم بسام أبو زيد)

 

كتب بسام أبو زيد

 

تستغرب مراجع دستورية كل هذا الجدل القائم حول إجراء الانتخابات النيابية أو عدم إجرائها استنادا إلى ضرورة التوافق حول قانون انتخابات جديد، وتعتبر أن كل ما يقال ويتناول في هذا المجال لا شرعية له ولا دستورية ولاسيما لناحيتي الفراغ أو التمديد.

وتقول هذه المراجع إن بعض المسؤولين أو القيادات السياسية يتجاهلون، وربما عمدا، ما صدر عن أعلى مرجعية دستورية في البلاد وهي المجلس الدستوري، وما ورد أيضا في الدستور لجهة حتمية إجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الموجود، وأي إجراء غير ذلك يعتبر مخالفة واضحة وفاضحة للدستور.

ففي القرار الصادر عن المجلس الدستوري في 28 تشرين الثاني 2014، والمتعلق بالطعن بالتمديد لمجلس النواب والمقدم من قبل عشرة نواب، وفي مقدمهم العماد ميشال عون رئيس الجمهورية الحالي، ورد النص الآتي:

“وبما أن إبطال قانون التمديد المخالف للدستور، في الوضع الراهن، قد يؤدي إلى فراغ في السلطة الاشتراعية، يضاف إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، ما يتعارض جذريا والدستور، لذلك ومنعا لحدوث فراغ في مجلس النواب، وقطع الطريق بالتالي على انتخاب رئيس للجمهورية، يعتبر التمديد أمرا واقعا”.

من الواضح في هذه الفقرة أن المجلس الدستوري لم يشرّع التمديد ولم يعطه الغطاء الدستوري، ولكنه سعى من خلال عدم الطعن به للإبقاء على السلطة التي تنتخب رأس الدولة حيث كان الفراغ سائدا، ولو لم يُبق المجلس الدستوري على هذه السلطة لكانت هناك استحالة لانتخاب رئيس للجمهورية في ظل الفراغ النيابي وعدم الرغبة في إجراء انتخابات نيابية. واستند النواب في بقائهم إلى هذا القرار الذي أتاح لهم في اللحظة المناسبة انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.

لم يقف قرار المجلس الدستوري عند هذا الحد بل أقفل كل الأبواب في وجه التمديد والفراغ النيابي بنصوص واضحة لا لبس فيها إذ قال:

“إن دورية الانتخابات مبدأ دستوري لا يجوز المس به مطلقا، وإن ربط إجراء الانتخابات النيابية بالاتفاق على قانون انتخاب جديد، أو بأي اعتبار آخر، هو عمل مخالف للدستور”.

تشكل هذه الفقرة ردا حاسما وواضحا على طروحات ربط إجراء الانتخابات النيابية بحتمية الاتفاق على قانون جديد، إذ إن المبدأ الدستوري يقول بإجراء الانتخابات في شكل دوري، وبالتالي يجب ألا يعيق هذه العملية أي عائق لاسيما إذا كان هناك قانون نافذ وأجريت دورة انتخابية على أساسه.

هذه الفقرة من قرار المجلس الدستوري تستند أيضا إلى المادة 42 من الدستور اللبناني التي تقول:

“تُجرى الانتخابات العامة لتجديد هيئة المجلس في خلال ال 60 يوما السابقة لإنتهاء مدة النيابة”. ولم يترك المشترع في هذه المادة مجالا للإجتهاد والاستنباط، بل كان واضحا في حتمية إجراء الانتخابات النيابية، ولم يربط إجراءها بأي عوامل أخرى ولا سيما بمسألة الاتفاق على قانون جديد للإنتخابات.

ليست قراءة المبادىء الدستورية وتطبيقها على شاكلة الاختيار من لائحة الطعام في أحد المطاعم، فاللعب في هذا المجال يشكل خطرا لا يمكن تداركه، ولا سيما على من يطالبون بتحصيل حقوقهم وحضورهم، لأن الوجبة السياسية والانتخابية التي تفرضها اليوم على شرائح من الشعب اللبناني، قد يأتي يوم لتفرض عليك وجبة لا تعجبك ولكنك ستكون مضطرا للسير بها ومرغما على دفع ثمنها أكثر مما قد كنت قد جنيته سابقا واعتقدت أنه سيدوم إلى الأبد، في بلد ارتضى من يتصارعون الآن حكمه بواسطة “الديمقراطية التوافقية”.