IMLebanon

عن “التحالفات الهجينة” التي تضمن الحصص قبل التقسيمات؟!

كتب جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية”:

كل المواقف من قانون الإنتخاب توحي بأنّ التوصّل الى قانون جامع بات من سابع المستحيلات. فهناك من هو قادر ومستعد لتفجير البلد للحؤول دون ما لا يضمن حصّته، ولذلك فإنّ الجهود المبذولة لن تصل الى نتيجة إيجابية، وهو ما يقود الى البحث عن مخرج ارتأى البعض أنه من خلال التحالفات التي تضمن الحصص أيّا كانت التقسيمات. فكيف ولماذا؟من النادر ان يرجّح أيّ قطب سياسي او مرجع نيابي إمكان التوصّل الى قانون انتخاب من بين المشاريع المتداولة على صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية، فكل النصوص والجداول الإحصائية والبرامج التي تتحدث عن قانون مختلط او مركّب بين النسبيّة والأكثرية كما النسبية الكاملة او الشاملة وضعت على قياس أصحابها مع هامش حركة ضئيل للتعديلات الممكنة التي يمكن لأيّ من أصاحبها احتسابها بميزان “الجوهَرجي” شرط ألّا تلامس او تمسّ الحصة المضمونة له مسبقاً في التقسيمات.

هذه هي حال القانون المختلط الذي وضعه ثلاثي “القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الإشتراكي وتيار “المستقبل”، فكان مصيره السقوط. وقبل ان يخرج النائب وليد جنبلاط من التزاماته في القانون المُشار اليه كان الحلف الثنائي بين “القوات” و”التيارالوطني الحر” قد أنهى الحاجة إليه لدى الطرفين الآخرين، فانضَمّا الى موقع يُنهي التمَسّك به من دون إعلانٍ صريح كالذي اتخذه جنبلاط.

وصودِف في هذه المرحلة أن طرحَ رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل مشروعاً مماثلاً يربط بين النظامين الأكثري والنسبي، فكان له المصير نفسه. فالتعديلات التي أجريت عليه لضمان حصة كل من تيار “المردة” والحزب التقدمي الإشتراكي لم تُنقذه، علماً انّ حصة الفئة الأولى كانت مسلوبة في القانون القديم، امّا الثانية فقد كانت مصونة ومضمونة فيه.

وعند هذه النقطة بالذات ما زال الخبراء المنتدبون من اللجنة الرباعية وآخرون لدى الماكينات الإنتخابية الصديقة يدرسون بعض الجداول والمشاريع على الخلفيّات عينها من دون جدوى. ومَردّ ذلك الى أنها لم تتناول بعد المعايير الموحّدة التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية في غير مناسبة ولم توَفّر الفرص المتساوية أمام المرشحين كتلاً وأحزاباً وشخصيات سياسية لها أوزان مشابهة.

وهنا يعترف أحد قادة الأحزاب الكبرى انّ نصائح رئيس الجمهورية وملاحظاته تتخطى القوانين المطروحة، وهي غير متوافرة الى اليوم في أيّ منها، حتى تلك التي وضعها وتبنّاها “التيار الوطني الحر” وجَهدَ باسيل من أجلها. ذلك انّ التعميم بهذه الطريقة لا يُحاكي هواجس أيّ من الأطراف التي تتعاطى بالطبخة الإنتخابية، ولا تقاس بحجم الاستعدادات لحرب الأحجام القائمة في انتظار الاستحقاقات المقبلة، خصوصاً تلك التي تتناول الانتقال الدستوري المقبل في رئاسة الجمهورية.

ولا يفيد القول انّ هذا المجلس في حال انتخابه في أيار المقبل أو في نهاية الصيف في حال التمديد التقني، ليس هو من سينتخب الرئيس المقبل. لكنه، وفي الوقت عينه يؤسّس للذي يليه قانوناً وممارسة.

فالقانون الذي يمكن التفاهم في شأنه هذه المرة لن يكون لدورة واحدة، وهو سيكون معتمداً في الانتخابات التي تليها بعد اربع سنوات، ما سيسمح للفائزين به هذه المرة بأن يعزّزوا حظوظهم في المرحلة المقبلة بعد ان تكون القوى التي ستشكّل التحالف العريض الذي يَجهد البعض من أجله قد درست نقاط الضعف والقوة فيه للإفادة منه في المرحلة المقبلة بأفضل الطرق وأسهلها.

وعليه، فإنّ الحديث عن التقسيمات الإدارية المقبلة أيّاً كانت، سواء اعتمدت ما هو مطروح من قوانين او تلك التي تحاكي الستين معدّلاً ومطوّراً، فإنها لن تَفي بالغرض، ما سيقود الى بناء التحالفات التي تتجاوز المنطق والعقل الطبيعي.

فللانتخابات، منذ زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري، نكهة خاصة تتجاوز كل الملاحظات بين الأفرقاء، فبنيَت رباعية او خماسية لمواكبة مرحلة تكوين المجلس واحتفاظ أقطابها بحضورهم ولَو بنسَب مختلفة ومن دون ان تتعداها الى المرحلة التي تليها.

فالتجارب السابقة التي تلت انتخابات 2005 وتلك التي أنتجَتها انتخابات 2009 أثبتت أنّ الأكثرية النيابية لم تستطع ان تحكم بمجرد انّ الثنائي الشيعي كان خارجها على رغم وجوده في جزء من التحالفات التي أنتجتها.

وهي تجربة ستتكرر في الانتخابات المقبلة وتلك التي تليها بمجرّد الحفاظ على هذه الثنائية التي تسمح بكل أشكال “الفيتوات” التي تعطّل بناء ايّ أكثرية تتجاهَلها. فكيف إذا كان جميع الأطراف يتمسّكون بمعادلة بُنيَت على “الديموقراطية التوافقية” التي لا تستثني إلّا من يستثني نفسه منها؟

وبناء على ما تقدّم، لا يرى المراقبون الذين يتابعون السعي الى القانون الجديد انّ التحالفات الإنتخابية المقبلة ستكون الضمان لحقوق الطبقة الحاكمة اليوم. ولن يستطيع أحد تبديلها في المطلق، ما سيُسهّل الوصول الى مخرج قريب للقانون الجديد الذي يعطي “التحالفات الهجينة” أهمية تتفوّق من خلالها على التقسيمات التي يمكن التوافق عليها.