IMLebanon

الضغط الأميركي على إيران ينسحب على “حزب الله”

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

أول استحقاق أمام الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة الاميركية هو التفاوض السوري ـ السوري الذي عُقد في جنيف الاربعاء 22 شباط الحالي. انما الإدارة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، لم تبلور بعد مواقفها في أي شأن. وهي في الأساس لم تستقر بعد داخلياً لتقوم باهتماماتها الخارجية المتوقعة.

على أن من عُيّن في الإدارة، شخصيات لا علاقة لها بالحكم وبالسياسة ولاسيما الخارجية. وهي تحتاج إلى وقت طويل لاستيعاب المواضيع والملفات. هم لديهم مواقفهم العامة الشعبوية. لكن السؤال كيف يتم تحويل هذه المواقف إلى سياسة، وهل بالأساس يمكن ان تتحول إلى سياسة؟ قلائل من هؤلاء هم الذين لديهم خبرة في الحكم والذين يدركون عمق الملفات بشكل دقيق.

مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إيران واضحة وهي الحد من دورها في المنطقة. ويتزامن ذلك مع بداية ضغوط على “حزب الله”. فكل الدول التي تحذّر رعاياها أخيراً من المجيء إلى لبنان، وضعت النقاط الخطرة في المناطق التي يسيطر عليها “حزب الله”، ولاسيما الاميركيين والبريطانيين. فهي مناطق حمراء، وحددت المناطق الصفراء للدخول إليها إضطرارياً، اما الخضراء فهي الآمنة.

إذا جاء الضغط على إيران، يعني أن الحزب سيستشعر به وسيطاله، وهو يأتي تلقائياً عليه. فبمجرد ان يُدرَج إسم المناطق التي يسيطر عليها الحزب أو له نفوذ عليها، هذا يعني موقفاً في حد ذاته. والدول الخليجية مرتاحة حتى الان لسياسة الضغوط التي ستتبعها الإدارة الاميركية على إيران،وللاجراءات التي يمكن أن تتخذ في هذا المجال.

والأساس في الاهتمام الأميركي الان، ينصبّ على دور إيران في المنطقة. لدى توقيع الاتفاق النووي، لم يكن هناك تفاهم غربي – إيراني لكي يحصل حتماً حوار بين الطرفين بشأن ملفات المنطقة ومصيرها. والاتفاق كان هدفه نوويا ولم تكن له علاقة بأية مسألة اخرى. لكن في الوقت نفسه، رأى الغرب، أنه إذا ساهم الاتفاق في إيجاد أجواء إيجابية للتعاون، فالحوار عندها يكون مفيدا.

وتفيد المصادر، أنه كان هناك حرص لدى إدارة الرئيس باراك اوباما ولدى الأوروبيين على الاتفاق وعلى عدم ازعاج إيران كي لا تخرج منه. فتلافوا ممارسة الضغوط الكافية عليها في لبنان، كما في سوريا، وفي اليمن.

حتى ان إيران لم تستجب للغرب في سوريا في إفساح المجال أمام مرور قوافل المساعدات الإنسانية. وعلى الرغم من ذلك، لم يضغط الغرب كفاية عليها، من أجل عدم تهربها من النووي، ومسايرة لإيران في ذلك.

الآن ثمة مرحلة جديدة في العلاقة الأميركية بإيران. لن تقوم واشنطن بإلغاء الإتفاق أو نقضه، لكن ستفرض عقوبات على إيران في مجالي حقوق الإنسان والإرهاب، وهي المسائل التي لم يطلها الاتفاق النووي.

وتؤكد المصادر، أنه إذا كان الاتفاق النووي لن ينقض من جانب الإدارة الاميركية، إلا أن هذه الإدارة في الوقت نفسه ستتوقف عن مسايرة إيران في شؤون المنطقة، ولن تسكت على أي سلوك غير إيجابي، لكي تحافظ على الاتفاق النووي.

ثمة عقوبات على إيران لم تتم ازالتها بعد. وهناك عقوبات على الحرس الثوري، وهي مرشحة في عهد ترامب لأن تزداد. ومناوشات مضيق هرمز الأخيرة بين الطرفين أكدت أن الأميركيين لن يسكتوا على استهداف إيران لبوارجهم.

الآن يجب ترقّب ما الذي ستفعله واشنطن في كل من سوريا والعراق.

في الموصل ستسقط “داعش”، وعندها ستصبح لدى إيران رغبة أكبر في إخراج الأميركيين من العراق، لأنها ليست بحاجة إلى وجودهم. فكيف سيسلك الاميركيون حيال الملف العراقي؟

وفي سوريا معركة الرقة ستؤدي إلى إسقاط “داعش”. فمن سيتسلّمها، “حزب الله” أم النظام، أم الميليشيات، أو المعارضة السورية؟ هناك العديد من الإجراءات التي قد يقوم بها الأميركيون، أو التي يستطيعون القيام بها في سوريا، والإنتظار هو لمعرفة وجهة الأمور.

المشكلة الأكبر في الحد من دور إيران تكمن في التعامل مع الملف اللبناني.

وأية ضغوط جديدة ستُفرض على إيران في هذا الصدد، ستؤدي إلى تصلّب مواقف “حزب الله”. واستشعاره الضغوط على إيران قد تكون السبب وراء التصعيد الجديد للحزب حيال الخليج.

الملف اللبناني دقيق وحساس، ودور الحزب في الداخل تدركه جيداً الولايات المتحدة الاميركية.