IMLebanon

صور الرئيس عون لم ترفع في العديد من الإدارات الرسمية في الجبل

 

 

كتب رضوان الذيب في “الديار”:

العلاقة بين الرئيس ميشال عون والزعيم وليد جنبلاط ولدت ونشأت وترعرعت “بالنار” اولا، وبخطوط التماس الحمراء ثانيا، والتوترات ثالثا مع “كريزما” متباعدة بين الرجلين ومن الصعوبة تذليلها والوصول الى قواسم مشتركة في ظل نظرة مختلفة جذرياً لادارة شؤون البلاد “تجذرت” بعد وصول الرئيس ميشال عون الى سدة الرئاسة وترجمت باشتباكات على مختلف الملفات وابرزها قانون الانتخابات، مع مسار تصاعدي حيث بات  جنبلاط يمثل خط الدفاع الاول والمتراس الاول ضد العهد ويحمي بصدره كل المعارضين لرئيس الجمهورية من رؤساء ووزراء ونواب وقوى سياسية كثيرة، قابلها الرئيس عون بالوتيرة نفسها من المواقف الصلبة والمبدئية لجهة التمسك بالثوابت وبرفض الستين والعمل لانتاج قانون انتخاب جديد، ولو ادى ذلك الى تطيير الانتخابات النيابية وحصول الفراغ.

المواجهة الاولى وحسب مصادر متابعة كسبها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عبر رفع الضغط الجنبلاطي عن القضاء بواسطة وزير العدل سليم جريصاتي واخراج بهيج ابو حمزة الى الحرية بعد 3 سنوات من السجن، وتوج الخروج “بزفة عرس” في محطة O.T.V المؤيدة لعون وتصريح لابو حمزة حمل كل الدعم للعهد الجديد واستتبع ببيانات تأييد من كل المعارضين لرئيس التقدمي ادى الى استفزاز تيمور جنبلاط وخروجه عن صمته وهدوئه للمرة الاولى والقول للمهاجمين “نحن موجودون هنا ولن نتراجع وباقون، وهذا ردي على كل من يهاجمنا وقدم تيمور جنبلاط نفسه بخطاب راديكالي درزي لا يختلف عن خطابات اسلافه في زمن الشدائد والغيوم السوداء المتجمعة حول المختارة”.

ولذلك ظهر تيمور “سر ابيه” واعطى لنفسه صورة مغايرة، لما سرب عنه بانه زاهد بالسياسة.

وفي معلومات مصادر درزية، “بان الرئيس عون ومن خلال تغطيته لخروج ابو حمزه تجاوز الخطوط الحمراء في التعامل مع البيوتات اللبنانية التاريخية وخصوصياتها وهذا يسري ايضا على آل فرنجيه، والرئيس عون تعامل مع الملف بعكس الرئيسين ميشال سليمان ونبيه بري وقيادات سياسية، فالرئيس ميشال سليمان وعندما فاتحه شقيق ابو حمزه رئيس الاركان السابق اللواء رمزي ابو حمزه بالموضوع، اتصل سليمان بجنبلاط وتمنى عليه حل الملف، وكان رد الاخير “بتمون فخامة الرئيس لكن القضية داخلية وتتعلق بالمختارة”، واستجاب الرئيس سليمان، اما الرئيس نبيه بري فأكد لرجال اعمال شيعة فاتحوه بأمر ابو حمزه “انا مع وليد ظالماً ومظلوماً وهذه قضية داخلية تتعلق بالمختارة”، وتم مراعاة جنبلاط من الجميع.

وحسب المصادر الدرزية، فان العهد الجديد خرج عن هذا المسار وتم الضغط على القضاء واستبدال القاضي واستتبع ذلك بتصريح للوزير السابق وئام وهاب اشاد فيه بالرئيس عون وبالقضاء الذي تحرر من الضغوط السياسية واعتبر معارضو جنبلاط ان بهيج ابو حمزة امضى من عمره 3 سنوات ظلماً وان العهد الجديد رفع الظلم ومن الطبيعي ان يؤسس ذلك لتصاعد رقعة سقف الغضب الجنبلاطي ضد العهد.

اما القضية الثانية التي ساهمت باشعال التوتر، اطلاق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مواقف عن العلاقات بين الدروز والمسيحيين وضرورة التعاون بينهما في حضرة رئيس تيار التوحيد وئام وهاب، وهذه من النوادر حصولها، ونهج جديد في الحياة السياسية اللبنانية سيغضب جنبلاط وحتى ارسلان ايضاً، كما ان استقبال وهاب جاء في “عز” حملته ضد المختارة متجاوزاً الخطوط الحمراء عن “الطاغوت” وحكمه ويعتقد جنبلاط ان وهاب يحظى بالرعاية الكاملة من بعبدا، لكن كثافة حجم المشاركين من المشايخ في الزيارة “طير النوم” من كل المعارضين لوهاب.

حتى ان المصادر الدرزية، تتهم العهد بأن الوزير طلال ارسلان طلب موعداً لزيارة القصر الجمهوري وحدد الموعد خلال ساعات، وهذا ما حصل مع وهاب ايضاً من اجل استغلال المناسبتين للهجوم على جنبلاط.

وفي المقابل “فان التحريض الاشتراكي ضد العهد اخذ مداه الاقصى حتى ان موظفين رسميين محسوبين على الاشتراكي ويتبوأون مراكز رسمية في الجبل لم يعلقوا بعد الصورة الرسمية للرئيس عون في مكاتبهم او في الادارات الرسمية وهذا الامر تعرف به الجهات الرسمية، حتى ان مواقع التواصل الاجتماعي “ضجت” “بتغريدات” عنيفة بين الطرفين وحملت تهديدات متبادلة.

مصادر معارضة لجنبلاط تؤكد “ان جنبلاط لم يتقبل بعد فكرة وصول الرئيس عون الى بعبدا وان البلاد على اعتاب مرحلة جديدة عبر رئيس قوي، كما ان جنبلاط هو من رفع السقف ضد العماد عون، ولم يقابل اليد الممدودة بمثلها ولم يتعاطَ مع كلام عون بأنه “بيّ للجميع” والاستعداد لمناقشة كل الهواجس بالجدية والتهدئة، وقاطع بعبدا ولم يزر الرئيس للتهنئة حتى ان اللقاء الديموقراطي الذي جال على الجميع استثنى التيار الوطني من جولاته، كما ان وزيري التقدمي قاطعا عشاء الرئيس عون على شرف الرئيس الفلسطيني، ولا يتوانى جنبلاط عن اطلاق المواقف التهديدية ويريد حصة مسيحية وازنة واحتكار التمثيل الدرزي، وهذا لن يمر، كما ان جنبلاط يريد ان يكون المعبر الالزامي للدولة في الجبل عبر حصر التوظيفات وكل الحصص وهو يوزعها ومن خلاله على الاطراف الاخرى.

وحسب المصادر، فان هواجس جنبلاط لا تقف عند هذه الحدود وهي كبيرة ومتشعبة وليست متعلقة فقط بقانون الانتخابات ولا يستطيع العماد عون حلها وهي مطالب داخلية وخارجية. وفي المعلومات ان اللقاءات الاخيرة لجنبلاط والاتصالات مع رموز سورية لبنانية لم تشفع له بتصدير ترابة سبلين ولا محروقات “الكوجيكو” الى سوريا، وجوبه طلبه برفض قاطع كما ان “الذبذبات” الايجابية التي ارسلها تم الرد عليها “بعد بكير” حتى ان الورقة الدرزية في سوريا هي بالكامل مع النظام وحلفائه وانتهت كل “الاشكالات” بعد وفاة الشيخ وحيد بلعوس، رغم ان موقف موسكو كان حازماً الى جانب الدروز وأمنهم وهي من اوقف كل الاستفزازات ضد السويداء بقرار من اعلى المواقع الروسية وبلغ الى الملك عبدالله الثاني ملك الاردن، وهذا ما سمعه الوفد الدرزي الذي زار السفارة الروسية في دمشق مؤخراً، كما ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ابلغ قيادات درزية انه “سيدافع عن السويداء بنفس القوة الذي سيدافع بها عن حارة حريك” وارتاح دروز سوريا وخسر جنبلاط هذه الورقة ولم يتضمن الطرح الروسي  حول دستور سوريا مناطق ذاتية للدروز كما نص على وجود مناطق ذاتية للاكراد.

وفي ظل هذه الاجواء فان الخلاف بين الرئيس عون وجنبلاط جذري لانهما من مشروعين مختلفين كليا، فهل يعمل جنبلاط على تطبيع العلاقات بأقل الخسائر ام انه سيتابع المواجهة مستفيداً من رقعة خلاف “صديق عمره” الرئيس بري مع العهد في ظل “همهما المشترك” من طريقة الرئيس عون الجذرية في ادارة البلد علما ان الاشتراكي يتحضر لاحتفالات واسعة في ذكرى استشهاد كمال جنبلاط في 16 آذار، فهل تكون مناسبة لغسل القلوب أم لاستمرار الكباش السياسي على حاله.