IMLebanon

لبنان يتهيّأ لـ“اختبار” القمة العربية

 

كتبت ليندا عازار صحيفة “الراي” الكويتية:

قبل أن يمرّ ثلثه الأوّل، انتهى شهر آذار اللبناني عملياً الى خلاصاتٍ تشي بأن بداية الربيع لن تحمل أي حلولٍ “ورديّة” تسمح بنزْع “الأشواك” من الطريق لاستيلاد قانونٍ جديدٍ للانتخاب، سيما ان الأيام الـ 19 المقبلة سيطغى عليها عنوانان، أوّلهما استئناف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جولاته الخارجية بزيارةٍ سيقوم بها للفاتيكان في 15 و 16 الجاري للقاء البابا فرنسيس، وثانيهما التحضيرات لمشاركة لبنان في القمة العربية في عمان والتي يتم التعاطي معها على أنها “اختبارٌ” فعلي لعلاقات بيروت مع دول الخليج التي عادت الى دائرة… “الرمادية”.

ورغم ان المواقف التي أطلقها عون في جلسة مجلس الوزراء اول من امس وأعاد فيها الاعتبار لاحترام القرار 1701 ورفْض التدخل في الشؤون الداخلية للدول اعتُبرت في سياق محاولة احتواء “الارتياب” الخليجي من المواقف التي أطلقها الشهر الماضي ووفّر معها “حاضنةً رئاسيةً” لسلاح “حزب الله” لم يتأخّر الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في تحويلها “منصة” انطلق منها ليجدّد الحملة على السعودية ويصوّب للمرة الأولى بالاسم على دولة الإمارات، فإن بيروت لا تزال “تحبس الأنفاس” إزاء ما يمكن ان تحمله القمة العربية على صعيد إما تعميق “أزمة الثقة” التي تَجدّدتْ مع لبنان الرسمي وإما تبديد “الغيمة”، وهو ما يبقى رهناً بالموقف الذي ستتخذه بيروت في ما خصّ القضايا الساخنة في المنطقة والتدخل الايراني في شؤون دول عربية كما الموقف من “حزب الله” وانفلاشه العسكري في أكثر من ساحة.

وإذا كان الموقف اللبناني في القمة سيعبّر عنه عون، فإن المشاركة المرجّحة لرئيس الحكومة سعد الحريري في الوفد الرسمي من شأنها ان تشكّل “خط دفاع” في وجه أيّ انزلاقٍ للأمور نحو مواجهة لبنانية – عربية او لبنانية – خليجية وهو ما لا يرغب فيه عون أصلاً، في ظل حرصه على عدم تبديد النتائج الايجابية التي كان راكَمها خلال زيارته للسعودية خصوصاً، مراهناً على تفهُّم الدول العربية وضعية لبنان الدقيقة وتركيبته السياسية والطائفية والمذهبية وعدم قدرته على تَحمُّل تحويل الخلافات الخارجية الى عنصر تفجير لوحدته الوطنية التي تشكل ركيزة استقراره السياسي والأمني.

وفي حين تتجه الأنظار من الآن الى طبيعة اللقاءات التي سيعقدها عون في عمّان، فإن مؤشراً دولياً لا يقلّ أهمية ترصده بيروت بدقّة مع بدء العدّ العكسي لصدور التقرير الدوري للأمين العام للأمم المتحدة عن القرار 1701 والذي يكتسب هذه المرة أهمية خاصة، بعدما رأى المجتمع الدولي ان كلام رئيس الجمهورية عن سلاح “حزب الله” لا يتلاءم مع هذا القرار، في ظلّ تَرقُّبٍ للهجة التقرير وما سيدعو اليه باعتبار ان ذلك سيعكس طبيعة المرحلة التي تُقبِل عيلها البلاد لجهة علاقتها مع الشرعية الدولية كما ما يعدّ له دولياً للوضع اللبناني ولا سيما في ظلّ “خريطة الطريق” الأميركية الجديدة للتعاطي مع إيران وأدوارها في المنطقة والتي يشكّل “حزب الله” جزءاً لا يتجزأ منها.

ولأنّ هذه العناوين تكتسب أبعاداً بالغة الأهمية تعكس تَشابُك الواقع اللبناني مع “خطوط النار” في المنطقة، فإنه لا يمكن مقاربة العناوين الداخلية من زاوية محلّية بحتة، وهو ما ينطبق خصوصاً على قانون الانتخاب واستطراداً الانتخابات النيابية التي طارت امكانات إجرائها قبل انتهاء ولاية البرلمان في 20 يونيو المقبل، وهو ما جعل المرحلة الفاصلة عن هذا الموعد تشهد سباقاً بين مساريْن: الأول محاولة التفاهم على قانون جديد يبقى عالقاً عند حساباتٍ ذات صلة شكلاً بالتقسيمات ونظام الاقتراع في حين انها ضمناً تعكس صراعاً على التوازنات في البرلمان الجديد باعتبار انها ستكون مرآة لموازين القوى الداخلية والاقليمية، كما انها ستُحدِث ربط نزاع مع استحقاقات مستقبلية أبرزها الانتخابات الرئاسية المقبلة وسط رفْض “حزب الله” تحكُّم الثنائي المسيحي “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” (حزب الرئيس عون) بمفاتيحها من باب “الثلث المعطّل”. أما المسار الثاني فهو محاولة تفادي الفراغ في البرلمان، الأمر الذي لا يكون إلا بانتخابات على أساس قانون الستين النافذ حالياً والذي يرسم عون “خطاً أحمر” عريضاً حوله ويعتبر انه “دفنه”، او بتمديدٍ جديد لمجلس النواب يرفضه ايضاً رئيس الجمهورية ولكن ثمة مَن يرى انه قد يصبح “أهون الشرور” في ظلّ صعوبة تسليم الطائفة الشيعية بتفريغ أعلى مؤسسة تتولى رئاستها دستورياً وأيضاً ما سيعنيه الفراغ من ضربة موجعة للعهد وكل التسوية التي أنهت الفراغ الرئاسي، علماً ان همساً بدأ يدور عن تمديدٍ لشهر او شهريْن، بما يسهّل “تَجرُّع” هذه الكأس ويسمح بانتظار “انقشاع الرؤية” اقليمياً.