IMLebanon

المجلس الدستوري وإشكاليات الانتخابات النيابية

كتب ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية، قدم العماد ميشال عون وتسعة نواب من كتلة التغيير والإصلاح مراجعة أمام المجلس الدستوري، بهدف إبطال قانون التمديد لمجلس النواب رقم 16 تاريخ 11 /11 /2014.

وكان القانون المذكور يقضي بتمديد ولاية المجلس للمرة الثانية، من تاريخ 20/ 11/ 2014 الى 20/ 6/ 2017. واستند مقدمو الطعن إلى مواد في الدستور اللبناني، تتحدث عن أن الشعب مصدر السلطات ووكالته غير المشروطة للنواب، مقيدة بمدة زمنية محددة، هي اربع سنوات، وفي ان الأوضاع التي كانت سائدة في نهاية العام 2014 لم تكن استثنائية، وبالتالي لا تستوجب التمديد القسري لولاية المجلس.

وهذه الاعتبارات القانونية مدرجة في متن الدستور اللبناني، ولاسيما في البنود “ب” و”ج” و”د” و”ه” من مقدمة الدستور.

وقد أصدر المجلس الدستوري القرار رقم 7 تاريخ 28/ 11/ 2014 بالإجماع، اعتبر فيه: ان التمديد غير دستوري لمخالفته مجموعة من القواعد التي ينص عليها الدستور، لكنه لم يلغ قانون التمديد لأسباب وطنية، كي لا تقع البلاد في فراغ نيابي وهي كانت تعاني من فراغ في رئاسة الجمهورية، وبالتالي تصبح السلطة المنوط بها انتخاب رئيس للجمهورية غير موجودة، ما يعرض الدولة للتفكك، واعتبر المجلس الدستوري في قراره أن التمديد أمر واقع.

الأهم في قرار المجلس الدستوري المذكور اعلاه: ما جاء في البند “2” من الفقرة الحكمية، التي قالت: “ان ربط إجراء الانتخابات النيابية بالاتفاق على قانون انتخاب جديد، أو بأي اعتبار آخر، عمل مخالف للدستور.

اما في البند “5” من الفقرة الحكيمة ذاتها، فقد جاء: “إن تعطيل المؤسسات الدستورية انتهاك فاضح للدستور”.

ما هو مطروح اليوم إشكاليات دستورية ترافق بدء تآكل المهل القانونية التي تسبق عملية إجراء الانتخابات النيابية، والمحددة بستين يوما قبل موعد الانتخاب.

وهذه المهل بطبيعة الحال لها قوة دستورية لأنها تتعلق بدورية الانتخابات. وتعطيل العملية الإجرائية في دعوة الهيئات الناخبة يحمل مضامين مخالفة للدستور، حتى لو كانت الآليات التي تجري بها عمليات الدعوة للهيئات الناخبة تأتي في صيغة قرار إداري، أو مرسوم عادي يصدر عن وزير الداخلية، ويوقع عليه الرؤساء والوزراء وفقا للأصول المتبعة، ذلك أن العرف المعتمد في الدول الديموقراطية البرلمانية، لا يسمح للقوانين العادية، أو للقرارات والمراسيم الإدارية تعطيل قواعد وإجراءات لها طابع دستوري.

في لبنان نموذج خاص من الديموقراطية البرلمانية لها طابع توافقي، لأنها مقيدة بتوزيعات طائفية ومذهبية للمقاعد النيابية، وهذا الأمر يحدث بعض الإخلال في مسار العملية الديموقراطية.

لكن من اهم شروط الديموقراطية التوافقية “عدم اللجوء الى التعطيل” وإلا نكون أمام مساحة ضبابية واسعة، قد يتآكل معها النظام برمته، فالصلاحيات المنوطة بالرؤساء، لا يمكن أن تفسر على انها تعطيلية أبدا بل هي تصويبية.

الاعتراضات السياسية والحزبية على القانون الانتخابي القائم كبيرة، ولكنها لا يمكن ان تشكل مادة تسمح بتجاوز أحكام الدستور ومندرجات القانون، وبالتالي فإن تفسير موقف المجلس الدستوري، واضحة لناحية انحيازه لإجراء الانتخابات وفق القانون القائم كتدبير دستوري، أقل كلفة من الفراغ، او من التمديد، او من اي إجراء آخر، إذا لم يتمكن المجلس النيابي من إنتاج قانون جديد للانتخابات قبل 21 الجاري.