IMLebanon

وليد جنبلاط أول زعيم ينقل مسؤولياته إلى ابنه حياً في تاريخ العائلة الجنبلاطية

 

 

 

كتب ثائر عباس في صحيفة “الشرق الأوسط”:

 

قبل إعلان عزمه تسليم “الزعامة الجنبلاطية” إلى نجله الشاب تيمور جنبلاط. فقد ساد كثير من الشائعات التي انتظر تردد الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط كثيراً إلى ما يقول بعض عارفيه إنه قد يكون نابعاً من “تشاؤم”.

فمن المعروف عن أبناء هذه العائلة أنهم لا يسلمون، ولا يتسلمون، الزعامة لحسمها، استناداً جنبلاط طويلاً بصورة طبيعية. وهكذا، بات جنبلاط أول من يسلم زعامة العائلة الجنبلاطية الشهيرة، وهو لا يزال على قيد الحياة، بعد أن قضى والده اغتيالاً، وكذلك جده، فيما لا بالسم. تزال الشبهات تدور حول وفاة جده الأكبر سعيد جنبلاط، وما إذا كانت وفاة طبيعية أم اغتيالاً عملياً، سلم النائب جنبلاط “الزعامة الجنبلاطية” إلى نجله تيمور، الذي بات اليوم يحمل إرث الزعامة التي يبلغ عمرها 305 سنوات، والتي يعتبر قصر المختارة لها. ويدور جدل تاريخي، حول أصل عائلة جنبلاط، فمنهم من يقول إنهم يعودون إلى التنوخيين الذين حكموا تاريخياً الموجود في قلب منطقة الشوف بجبل لبنان رمزاً مناطق واسعة من جبل لبنان، ومنهم من يقول إن أصلهم كردي يعود إلى علي باشا جان بولاد الذي كان والياً على مدينة حلب.

الطائفة الدرزية، يعود إلى الجد الأكبر الشيخ علي جنبلاط، الذي ورث قصر المختارة ­ ومعه وبعيداً عن هذا الجدل، يبقى الثابت أن أصل عائلة جنبلاط التي تقود حالياً الزعامة ­ من والد زوجته الشيخ قبلان القاضي في عام 1712 .عايش الشيخ علي معركة عين دارة الشهيرة في عام 1812 وشارك فيها إلى جانب الشيخ حيدر الشهابي. توفي الشيخ علي عن 87 سنة، وسلم الزعامة إلى نجله الشيخ قاسم جنبلاط الذي كانت حصته بعدران، فيما ذهب قصر المختارة إلى أخيه نجم.

بعد الشيخ قاسم، ذهبت بتآمر مع السلطة إلى نجله الشيخ بشير جنبلاط الذي كان من أبرز حلفاء الأمير بشير الشهابي الذي حكم جبل لبنان لفترة طويلة، إلى أن انقلب الأخير عليه وقتله شنقاً والي عكا العثماني. أن يكون قد تم تسميمه جراء لم يسلم بشير الزعامة لولديه نسيب ونجيب، بل إلى قريبه سعيد جنبلاط الذي قتل مسموماً، كما يؤكد الباحث الدكتور رياض غنام، مرجحاً الصراع الإنكليزي ­ الفرنسي على المنطقة. بـ”الخطأ” على يد شكيب وهاب (بعدما خلط بعد الشيخ سعيد، تولى نجيب الزعامة، ومن ثم سلمها بعد موته (على فراشه لأسباب طبيعية) لابنه فؤاد الذي قتل اغتيالاً الأخير بينه وبين المستشار الفرنسي الذي كان برفقته). وعند مقتل فؤاد، كان ابنه كمال لا يزال في الرابعة من عمره، فاختارت نظيرة جنبلاط صهرها حكمت جنبلاط وصياً سياسياً على الزعامة، فتسلمها كمال جنبلاط في عام 1943 بعد وفاته. وفي عام 1977 قتل كمال جنبلاط اغتيالاً مع اثنين من مرافقيه، وحصلت إثر ذلك مجازر تحالفاً مع رئيسه حافظ الأسد استمر حتى وفاته، ووصول إلى النظام السوري، الذي ذهب إليه وليد جنبلاط عاقداً طائفية، على الرغم من أن أصابع الاتهام توجهت لاحقاً ابنه بشار إلى السلطة في سوريا، فكان الفراق الذي توج في عام 2005 بأقسى المواجهات مع النظام. ويقول الباحث الدكتور رياض غنام لـ”الشرق الأوسط”، إن قصر المختارة كان قلعة صليبية، بنى على أنقاضها الشيخ قبلان القاضي قصره الذي أورثه فيما بعد إلى بالزعامة إلى يومنا هذا. الشيخ علي جنبلاط. لكن الصراعات بين أبناء قاسم وأبناء أخيه أدت في وقت لاحق إلى سيطرة بشير جنبلاط على القصر الذي بات مرتبطاً ويشير غنام إلى أن القصر هدم وبني أكثر من مرة. فقد دمر أجزاء منه الأمير بشير الشهابي، عندما وقع الخلاف مع حليفه الشيخ بشير جنبلاط. وسقط قصر المختارة بيد أتباع الأمير الشهابي فصادر موجوداته ثم هدمه ونقل حجارته لبناء أقسام من مقره في بيت الدين، كما هدم الجامع الذي بناه الشيخ الجنبلاطي ولم تسلم قصور الجنبلاطيين في بعذران وعين قني من التهديم. وفي عام 1825 ميلادية، هدمه مرة ثانية عمر باشا النمساوي في عام 1842 .أما في عام 1860 بعد الأحداث الطائفية في الجبل (المعارك بين الدروز والموارنة) فقد حوله فؤاد باشا إلى سجن وضع فيه أعيان الدروز. في القصر، فهو يشهد على صور له، ولرحلاته ولقاءاته بكبار السياسيين المحليين والعرب والعالميين. ولا يزال النائب جنبلاط حريصاً على إبقاء إرث والده حياً والتحف النادرة التي تزيّن الغرف كلها تلقاها جنبلاط من أصدقائه الكبار. أما السيف المعلق على المدخل فيبدو أنه لا يزال أحد متروكات الشيخ بشير.

وفي الغرفة الخاصة التي كان يكتب فيها كمال جنبلاط، أو يمارس فيها رياضة اليوغا الهندية، لا يزال كرسيه الهزاز مع صور لحكماء هنود. إلى جانب أرشيف ضخم من المراسلات السياسية والاقتصادية لزعماء جبل لبنان خلال ثلاثة قرون. كلها لا تزال محفوظة بخطوط أصحابها بعد أن أخذت عنها مديرية الآثار اللبنانية صوراً واحتفظت بها.

ومن معروضات القصر، بطاقة هوية كمال جنبلاط وقد اخترقتها إحدى الرصاصات خلال عملية الاغتيال مكملة طريقها إلى قلبه. وهي صورة يحرص جنبلاط على النظر إليها كل يوم، كما قال ذات يوم لـ”الشرق الأوسط”.