IMLebanon

فخ أبريل غلاسبي يتجدد مع بشار الأسد؟ (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

من كان لا يزال يشكك بأن وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض يمكن أن يحدث تغييراً جذرياً في السياسة الأميركية، بات عليه أن يعيد النظر في قراءته بشكل كامل بعدما اتخذ ترامب قرار قصف سوريا من دون أي تردد بعد استعمال رئيس النظام السوري بشار الأسد لغاز السارين في قصف خان شيخون.

القصف الأميركي برهن بالفعل لا بالقول أن في البيت الأبيض إدارة جديدة تتعاطى بذهنية مختلفة جذريا عن ذهنية إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. بكل بساطة قرّر دونالد ترامب أن يعيد الإمساك بزمام قيادة العالم، رغم الممانعة الروسية.

ولعل قراءة مفاعيل الضربة الأميركية يجب أن تتركز على مستويين:

ـ أولاً المستوى السياسي والدبلوماسي. فالقوة ليس غاية بحد ذاتها، بل هي وسيلة لفرض الأهداف السياسية في داخل أي دولة، والأهداف الدبلوماسية في التعاطي ما بين الدول. وفي هذا الإطار يمكن استخلاص أكثر من عبرة، وأهمها أن كل المعادلات الدبلوماسية التي كانت سائدة قبل مجزرة خان شيخون والضربة الأميركية سقطت، وبالتالي فإن كل معايير جنيف وآستانة قد تكون سقطت بالتالي لمصلحة معادلات جديدة ستبدأ ملامحها بالارتسام قريباً، أهم عناوينها إعادة التوازن المفقود بين النظام السوري والمعارضة بفعل الانحياز الروسي التام من جهة لمصلحة النظام وغياب الراعي الوازن للمعارضة من جهة ثانية.

وبشكل محدد فإن مقولة بقاء الأسد في السلطة باتت موضع شك رغم كل ما فعله الإيرانيون والروس على مدى سنوات، وبعدما تخيّل البعض للحظة أن الأسد حجز مكانا ثابتا له في مستقبل سوريا، والدليل الأبلغ كان التحوّل النوعي في التصاريح الأميركية حيث أعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي أن “أولويات واشنطن هي هزيمة “داعش” والتخلص من النفوذ الإيراني في سوريا وإزاحة بشار الأسد”. وما سيجري بعد خان شيخون لا يمكن أن يكون كما قبله على صعيد كل المسار السياسي والمفاوضات كما على مسار الحرب.

ويمكن القول إن القصف الأميركي على مطار “الشعيرات” العسكري أعلن الانخراط الأميركي في الميدان السوري، ليس بالضرورة من خلال الانخراط المباشر واليومي في الحرب كما فعل الروس، مع أن الأميركيين سبق أن أرسلوا حوالى 1500 عنصر من الوحدات الخاصة إضافة الى آليات أميركية، ولكن من خلال الإعلان عن الاستعداد لتوجيه الضربات العسكرية في أي لحظة ولأي أهداف من دون انتظار ضوء أخضر من أحد. وبالتالي تغيرت المعادلات وبات الحوار حول سوريا هو حصراً بين موسكو وواشنطن، وبات اللاعبون الآخرون خارج الحلبة بالكامل.

ـ ثانياً المستوى العسكري، حيث فقدت روسيا آحاديتها في قيادة العمليات والمعارك بمنطق الاستقواء بوجه المعارضة التي كانت من دون شريك دولي واضح، فأتت الضربة الأميركية لتعلن أن ثمة شريكاً محتملاً جاهزاً، ما يفقد معسكر النظام المدعوم من روسيا وإيران وميليشياتها الشيعية تفوقه، ولو كان الأميركيون لم يقرروا الانغماس كما فعل الروس، لكن الضربة- الرسالة كانت أكثر من كافية للتأكيد أن مسار العمليات العسكرية يمكن أن يتغيّر بالكامل في حال قرّر المحور الآخر أخذ المفاوضات الى حيث يريد.

ومن الاستنتاجات الأساسية، شبّه البعض التصريحات الأميركية قبيل مجزرة خان شيخون، والتي تحدثت عن أن الولايات المتحدة لم تعد تهتم بإسقاط الأسد، بتصريحات السفيرة الأميركية إبريل غلاسبي التي نصبت فخاً للرئيس العراقي السابق صدام حسين، يوم قالت له إن الولايات المتحدة غير معنية بالخلافات بين الدول العربية، فارتاح صدام حسين واجتاح الكويت في فخ نصبه له الأميركيون الذين أنشأوا تحالفاً دولياً- عربياً وحرروا الكويت قبل أن يطيحوا بالنظام البعثي في العراق. فهل نصبت إدارة ترامب فخاً مماثلاً للأسد قبيل مجزرة خان شيخون؟ الأيام والأسابيع المقبلة وحدها كفيلة بإعطاء الأجوبة الشافية عن هذا السؤال…