IMLebanon

هل ينخرط العقل الأميركي الجديد عسكرياً في سوريا؟

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

فيما كانت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون إلى موسكو تتم، استخدمت روسيا حق النقض « الفيتو» لاسقاط مشروع قرار أميركي – بريطاني – فرنسي للتحقيق في استعمال السلاح الكيماوي في خان شيخون السورية. فكيف هي العلاقة الاميركية – الروسية حول سوريا بعد الضربة الاميركية الجوية للنظام؟

تؤكد مصادر ديبلوماسية ان التفاوض الاميركي – الروسي حول سوريا ليس مقفلاً على الرغم من التباينات في وجهات النظر في العديد من المواضيع حول سوريا. لكن مستقبل التعامل مع الأزمة السورية يبدو مرتبطاً ببلورة الإدارة الأميركية استراتيجيتها في المنطقة. وعندما تتبلور ستفهم تماماً كل الأطراف ما الذي ستعطيه الولايات المتحدة إلى روسيا في سوريا والمنطقة في إطار عملية مكافحة الإرهاب.

والمهم الأن بالنسبة إلى الاميركيين وضع حد لإستعمال الكيماوي ضد المدنيين. لكن تستبعد المصادر، أن يلي الضربة الأميركية ضربات أخرى. وإذا كان النظام وراء التسبب بالضربة، فإنه بذلك يريد توجيه رسالة أن لا حل تفاوضي أو ديبلوماسي أو سياسي في سوريا من دونه، وإنه هو الأقوى، وإنه على إستعداد أن يفعل أي شيء لفرض خياراته، ومن خلال التجارب الماضية، تعتبر المصادر أن لديه مثل هذا التفكير والسلوك.

السؤال الكبير حالياً، أنه من هي الجهة التي تستطيع فرض الحل في سوريا، ومن ضمن أية شروط يمكنها ذلك؟.

وتقول المصادر، أنه ليس من الضروري ان تؤثر الضربة الى سياسة أميركية جديدة في سوريا وتحول جذري حيال التعامل مع هذا الملف. اذا ارسلت الولايات المتحدة جنودا الى سوريا يعني ان هناك تغيراً في السياسة. كما ان السؤال الذي يطرح، هل يستطيع الرئيس الامركي دونالد ترامب ان يروج للسياسة التي أعلنها أثناء حملته الانتخابية وفي الوضع الاقتصادي الحالي لبلاده.

السياسة الاميركية لم تتضخ بعد، بحسب المصادر، من المؤكد أن هناك تغييراً في المقارنة، انما لا يعني ذلك توجه الانخراط عسكرياً في سوريا. الشروط الاميركية واضحة، وهي ممنوع استعمال الكيماوي في سوريا ضد المدنيين، كان هناك تفاهم منذ صيف العام ٢٠١٣ حول الموضوع الكيماوي بين واشنطن و موسكو حين عدلت الولايات المتحدة أنذاك عن توجيه ضربة للنظام. لكن النظام عاد لاستعمال الكيماوي، وهناك وثائق اميركية بأن جهة لديها طيران استعملت الكيماوي، والروس ليسوا بهذا الوارد. تبقى الجهة الثانية وهي النظام.

فهل وضع الاميركي نفسه في مكان صعب بعد «الفيتو» الروسي؟ حتى ان الكيماوي كان جرى التفاهم حوله، الان هناك خلاف عليه، بعد استعماله الامر الذي يعني أن العلاقات الاميركية – الروسية تحتاج الى مذيد من الوقت لترميمها. انها ادارة جديدة كان هناك تفاهم فرنسي فقط على الكيماوي، بل على الناحية الانسانية والمساعدات وعلى السعي لحلول سياسية للازمة، وذلك على ايام الرئيس باراك اوباما.

الموازنة الاميركية الجديدة في عهد دونالد ترامب حدت من تمويل وزارة الخارجية، وعززت اعتمادات وزارة الدفاع فهل يعني هذا وجود استعداد للدخول في حرب؟ ثم اخبار الروس ان هناك ضربة والروس بدورهم اخبروا النظام.

الان هناك تواصل بين الاميركيين والروس، هذا مؤكد، رغم صعوبة الوضع، لكن لا يعني ذلك ان الابواب مقفلة على امكان التفاهم بينهما على الموضوع السوري. مع الاشارة الى ان هناك قوى اقليمية معنية بالملف السوري لاسيما الخليج وتركيا واسرائيل وايران. وكل طرف يريد شيئا ما من الملف السوري. حتى ان التفاهمات التي تم التوصل اليها حول تبادل نقل المدنيين في الفوعا القصير الزبداني سقطت نتيجة تعرض القوافل للتفجير. والتفاهمات التي كانت ارسيت بين واشنطن ومسكو باتت معرضة للانتكاسات. ولم يتم التوصل الى طبيعة الحل في سوريا، وما اذا سيبقى الاسد او يغادر السلطة ومن البديل عنه اذا غادر. كان جنح الاميركيون الى التعايش مع استمرارية وجود النظام بانتظار البدء باطلاق المرحلة الانتقالية وبانتظار ما الذي سيحصل بنهايتها. واوروبا مشغولة باتخاباتها في هذه المرحلة. واختار الاميركيون ايام اوباما هذا التعايش لانهم جربوا وادركوا انه لا يمكن الاطاحة به بالطريقة العسكرية فعادوا الى معادلة ان الشعب يقرر.

كل ذلك للاستنتاج ان الاولوية الاميركية لا تزال لمكافحة الارهاب والتخلص منه حتى اتضاح ما اذا الايحاءات الاميركية بأن هذه الادارة تختلف عن السابقة، ستكون فعلية ومكرسة في السياسة تجاه الملف السوري وملفات المنطقة الاخرى. والسؤال ايضا، هل مسموح ان يموت السوريون بغير السلاح الكيماوي؟