IMLebanon

من يحمي لبنان من العواصف؟ (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

لم يُفاجئ إعلان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن تفكيك مراكز الحزب على الحدود الشرقية للبنان، وتسليمها إلى الجيش اللبناني، المراقبين المتابعين لدقائق التطورات المتسارعة إقليمياً ودولياً.

فـ”حزب الله” لم ينخرط في الحرب السورية بناء لحسابات حزبية أو داخلية لبنانية، ولا لحماية المقامات الشيعية أو بلدات شيعية داخل الحدود السورية كما حاول أن يروّج بداية، بل دخل تنفيذاً لأوامر إيرانية لحماية نظام الرئيس بشار الأسد وتأمين الإمدادات الإيرانية إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

لكن المعادلات تغيّرت منذ العام 2012 وحتى اليوم. ولعل التغيّر الأكبر تمثل في وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مع تغيير هائل ودراماتيكي في السياسة الأميركية الخارجية. فزمن الرئيس باراك أوباما والديمقراطيين في البيت الأبيض انتهى، وفشلت هيلاري كلينتون في الوصول إلى المكتب البيضاوي لمتابعة مسيرة سلفها، سواء في الانفتاح على إيران أو في استكمال نهجه المتخاذل في سوريا.

وإذا كان ترامب أبطأ في اتخاذ بعض القرارات، إلا أنه كان صارماً في خياراته ونهجه، وخصوصا حيال الملف الإيراني. هكذا بدأت واشنطن حصار طهران منذ اليوم الأول لاستلام ترامب مهماته، وأعادت نسج علاقات أكثر من مميزة مع الدول العربية والخليجية في إعادة لتوازن كان أوباما هتكه بقوة.

وفي 21 أيار الجاري يزور دونالد ترامب السعودية حيث تُعقد قمة أميركية- عربية دُعي إليها جميع المسؤولين والقادة العرب بهدف واضح لا لبس فيها، وهو إعداد العدة اللازمة لمواجهة إيران وتدخلاتها السافرة في شؤون الدول العربية، وإعلان حرب لا هوادة فيها على أذرع الحرس الثوري الإيراني في المنطقة من يمن الحوثيين إلى لبنان “حزب الله”!

ومن عدة الحرب المفتوحة الحصار المالي الذي تشنه واشنطن عبر توسيع قانون عقوباتها المالية على “حزب الله” والمؤيدين له في لبنان وصولاً إلى رئيسي الجمهورية ومجلس النواب كما سرّبت صحف أميركية متابعة، تماما كما أن من عدة الحرب إعادة استيعاب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي مهّد للانقلاب على حلفائه الحوثيين.

من العدة أيضا الضربات الإسرائيلية التي تكثفت في المرحلة الأخيرة لـ”حزب الله” في الداخل السوري، وبمباركة وغطاء من واشنطن وموسكو وسط عجز عن أي إمكانية للرد، إضافة إلى كل ما تتم مناقشته من احتمال لضربات جديدة هنا وهناك، ما يجعل الحزب في حال انكفاء ملحوظة. ورُبّ قائل إن النظام الإيراني سيكون على استعداد في القريب للتفاوض على “رأس حزب الله” وسلاحه ربما حماية للنظام الإيراني ومنعه من السقوط.

ما يهمنا في لبنان هو أن نعي جميعا أن المعركة التي تجري في المنطقة، والتي قد تطاولنا شظاياها لا سمح الله، هي معركة أكبر منا ولا ناقة لنا فيها ولا جمل، وأن أي محاولة لتوريط لبنان بدولته ومؤسساته وجيشه وشعبه ستكون نتائجها كارثية على الجميع من دون استثناء. ولذلك فإن المطلوب هو الوعي من جميع الأطراف، لأن لا قدرة داخلية لأحد لمحاربة “حزب الله”، كما أن لا مصلحة لأحد داخليا بتغطية هذا الحزب الذي ارتضى أن يؤدي أدواراً إقليمية.

وبالتالي، من مصلحة الجميع، وفي طليعتهم المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية والمالية والمصرفية أن يعملوا على تحييد لبنان بالكامل عن العواصف في مناخ إقليمي مكفهرّ، كما أن من مصلحة “حزب الله” تماماً تحييد الداخل اللبناني، أمنياً ومالياً واقتصادياً لحماية بيئته المنهكة إلى أقصى درجة بسبب انخراطه في كل الحروب الإقليمية… فهل يتعظ المعنيون؟!