IMLebanon

بري يستخدم “مطرقته” في الكونغرس

 

 

 

يستمر السباق بين «سلحفاة»  الدبلوماسية اللبنانية و«أفعى» العقوبات الاميركية المسمومة التي يجري بحثها في الكونغرس، وترمي الى توسيع نطاق قانون 2015 ومفاعيله، بغية تضييق الخناق المالي والاقتصادي على حزب الله والشخصيات الحليفة له، سواء في البيئة الشيعية او في البيئات الاخرى.

ووفق المعطيات التي استقتها مصادر مطلعة من الكواليس التشريعية الاميركية فان هناك طرحين يتحكمان بالنقاش حول مشروع العقوبات الفضفاضة:

الاول، تنادي به الاصوات الاميركية المتطرفة والاوساط الاسرائيلية، وفحواه انه لا يجوز التمييز بين مكونات المنظومة المالية – الاقتصادية الداعمة لحزب الله والتي هي امتداد لمعادلة الدولة والمقاومة والشعب التي تواجه اسرائيل، ولذلك يجب شن حرب اقتصادية على لبنان لمحاصرة حزب الله واستنزافه، وتكون بديلا عن الحرب العسكرية المتعذرة حاليا.

اما الطرح الثاني المتداول اميركيا، فيدعو الى حصر العقوبات بالحزب وبيئته المباشرة وعدم توسيعها في اتجاهات ومساحات اخرى، تخوفا من اهتزاز عنيف للواقع اللبناني الذي لا مصلحة في تهديده حاليا. ويعتبر اصحاب هذه المقاربة ان الولايات المتحدة يجب ان تسعى الى تعزيز مؤسسات الدولة وقدراتها، لتحقيق التوازن مع الحزب واضعاف النفوذ الايراني المتسرب عبره، وليس شد الحبل على عنق هذه الدولة وضرب رئتها، لان الحزب سيكون المستفيد الاكبر من ذلك.

وسعيا الى ضخ جرعة من «المقويات» في الجهد اللبناني المبذول لاحتواء العقوبات قبل اقرارها قانونيا وسريان مفعولها، يغادر صباح غد الى واشنطن وفد رباعي يضم النائبين ياسين جابر ومحمد قباني والمستشار الاعلامي لرئيس مجلس النواب علي حمدان والسفير اللبناني السابق لدى واشنطن انطوان شديد، وذلك بتكليف مباشر من الرئيس نبيه بري، الذي قد يُدرج اسمه ضمن «بنك اهداف»  العقوبات ربطا بتحالفه مع حزب الله.

وسيكون نشاط الوفد مكثفا في واشنطن، حيث تزدحم مفكرته بقرابة 30 موعداً مع اعضاء في الكونغرس ومجلس الشيوخ اضافة الى مسؤولين في الادارة الاميركية يختصون في شؤون مكافحة الارهاب وقضايا المنطقة. كما ستكون للوفد لقاءات في مراكز ابحاث، على ان يعود الى بيروت الاربعاء في 24 ايار الحالي.

وعُلم ان وفدا من جمعية المصارف سيبدأ بدوره اليوم زيارة الى الولايات المتحدة، برئاسة جوزف طربيه، للبحث مع المسؤولين الاميركيين المعنيين في ملف العقوبات وتداعياته المالية المحتملة. وسيُعقد في واشنطن عشاء عمل بين اعضاء الوفدين النيابي والمصرفي لتنسيق الجهود ومحاولة تظهير موقف لبناني موحد، امام الشخصيات التي سيتم الاجتماع بها، علما ان مصادر مطلعة أفادت بان جمعية المصارف كلفت محاميا وضع مشروع لتعديل مسودة العقوبات.

وكان وفد نيابي قد زار واشنطن الشهر الماضي للمشاركة في «لقاءات الربيع»  التي ينظمها البنك الدولي سنويا في اطار التعاون مع «الشبكة البرلمانية» . وآنذاك، عقدت على هامش المؤتمر بعض اللقاءات بين اعضاء الوفد ياسين جابر وألان عون وباسم الشاب، وعدد من الشخصيات الاميركية، بهدف استشراف الاحتمالات المستقبلية.

والمفارقة، بل الفضيحة، ان هناك لبنانيين ناشطين في واشنطن يتدخلون احيانا لدى بعض كبار الموظفين في الادارة الاميركية لمحاولة اقناعهم بعدم تحديد مواعيد للنواب اللبنانيين الذين يزورون الولايات المتحدة، في اطار التنبيه الى مخاطر العقوبات الجديدة المقترحة.

ماذا سيقول «الوفد الرباعي»  للمسؤولين الاميركيين الذين سيلتقيهم على مدى ستة ايام.. وهل سينجح في اقناعهم بمخاطر اللجوء الى تحميل لبنان ما يفوق قدرته على التحمل؟

صحيح ان مهمة «الكوماندوس النيابي»  ليست سهلة في عاصمة اللوبي اليهودي لكنها في الوقت ذاته ليست مستحيلة. بهذا المعنى، لا شيىء مقفلا ونهائيا بعد، والتأثير في محتوى العقوبات ووجهتها لا يزال ممكنا من حيث المبدأ، ما دام انها لم تتحول بعد الى قرار ملزم ونافذ، وبالتالي فان هناك «اوراق قوة»  بحوزة الدولة اللبنانية قد تفيد في تعديل اتجاه الريح الاميركية إذا استخدمها الممسكون بها بشكل جيد، وفي التوقيت المناسب.

وعليه، مطلوب من الدولة، بالحد الادنى، ان تؤدي واجباتها المفترضة وان تتعامل مع الخطر الداهم بجدية ومسؤولية، بغض النظر عن النتائج التي سيؤول اليها حراكها.

وتفيد معلومات «الديار»  ان الوفد سيشدد خلال اجتماعاته في واشنطن على ان استقرار لبنان هو امر مهم وحيوي، ليس له فقط بل كذلك للمنطقة والعالم، خصوصا انه يشكل احد الخطوط الامامية للمواجهة مع الارهاب، إضافة الى كونه يحتضن قرابة مليوني نازح سوري ويتصدى لاعباء استضافتهم، بالنيابة عن دول كثيرة، ما يستدعي حماية هذا الاستقرار الذي يرتكز على قاعدتين اساسيتين:

الاولى، تتمثل في الجيش اللبناني الذي يبلي بلاء حسنا في معركته ضد الارهاب، وهذا ما تأكدت منه وفود اميركية زارت لبنان تباعا، وجال بعضها في عرسال وجرودها مبدية اعجابها بالدور الذي يؤديه الجيش هناك في مواجهة الجماعات المسلحة، وبكفاءة استخدامه للاسلحة التي يحصل عليها من الولايات المتحدة. والارجح، ان الزيارة الناجحة التي قام بها مؤخرا العماد جوزف عون الى واشنطن ستساهم في تحصين هذا المنطق وإثبات صحته، مع الاشارة الى ان المعلومات تفيد ان عون حظي باستقبال حار في الدوائر الاميركية.

القاعدة الثانية للاستقرار الداخلي- والتي سيضيىء عليها الوفد – تكمن في صلابة القطاع المصرفي الذي يغطي الدولة ماليا ويخفف من وطأة عجز موازنتها، ما يستدعي من واشنطن تجنب أذيته من خلال اجراءات متهورة وعشوائية.

وانطلاقا من هاتين الثابتتين، سينبه الوفد الاميركيين الى محاذير اضعاف لبنان وتقليص قدرته على الصمود إزاء تحديين مصيرين هما الارهاب والنزوح، إذ ان تداعيات اي خلل من هذا القبيل ستصيب مصالح الولايات المتحدة واستراتيجية الحرب التي تخوضها ضد الارهاب، وبالتالي سيؤكد الوفد ضرورة استمرار واشنطن في دعم الدولة وتجنب اتخاذ تدابير تضر بها، لان هناك مصلحة اميركية مباشرة وحيوية في ان يكون لبنان قويا وقادرا على احتواء الاعباء التي تُثقل كاهله.

وسيبلغ الوفد الاميركيين انه إذا كنتم تعتبرون ان حزب الله يمثل مرضا، وهذا غير صحيح بتاتا، فان العلاج لا يكون باستعمال جرعة زائدة مما تعتقدون انه الدواء المناسب، وعليكم ان تعلموا ان اي «أوفر دوز»  من قانون العقوبات الصادر عام 2015 سيؤدي الى قتل المريض بدل مداواته.