IMLebanon

ما بعد القمة الأميركية- العربية! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

في حين كانت إيران، بعد الاتفاق النووي، تستميت لاستعادة 150 مليار دولار من أصولها المجمّدة في الدول الغربية، والتي لم تستعد منها أكثر من 50 ملياراً، كانت السعودية توقع اتفاقات مع الولايات المتحدة بقيمة إجمالية تجاوزت الـ700 مليار دولار.

معادلة الأرقام ليست الأساس، إنما تشكل أصدق تعبير عن واقع المعادلات الجديدة التي يتم تثبيت دعائمها في منطقة الشرق الأوسط والخليج بعد 100 يوم على دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. فهذا الرئيس- رجل الأعمال تمكن في أولى زياراته الخارجية من إنعاش الاقتصاد الأميركي بصفقات بمئات مليارات الدولارات، في مقابل التزام الإدارة الأميركية الجديدة بخياراته المعلنة مسبقاً وتعهداتها بمحاربة التدخل الإيراني في دول المنطقة، وقطع الأذرع الإيرانية، وإعادة الدولة الفارسية إلى داخل حدودها بعدما تبجحت طويلاً بالسيطرة على 4 عواصم عربية.

ومما لا شك فيه أن مرحلة ما بعد القمة العربية- الأميركية في الرياض لن تكون كما قبلها على مختلف الأصعدة. ومما لا شك فيه أيضاً أن المواجهة العربية- الأميركية مع إيران تدخل بعد القمة مرحلة جديدة لم تشهد لها المنطقة مثيلا منذ عقود، مواجهة قد تُستعمل فيها كل الأسلحة المتاحة، من الحصار السياسي والاقتصادي الشامل بوجه إيران وأذرعها، وصولاً إلى مواجهات قد تأخذ طابعاً عسكرياً من اليمن وصولاً إلى سوريا وقد لا يسلم منها لبنان معقل “حزب الله” ومنبعه.

أي انعكاسات لكل ما يجري على لبنان؟

الثابت أن الاستقرار اللبناني قد لا يعود من “الثوابت الإقليمية” في خضمّ هذه المواجهة الكبرى، من دون أن يعني ذلك بالضرورة أن ثمة قراراً اتُخذ لزعزعة الاستقرار اللبناني. لكن مواجهة “حزب الله” لن تستثني أي احتمال، بدءًا من شد الخناق المالي والاقتصادي، مروراً بضرب “حزب الله” في كل أماكن انتشاره في سوريا، وصولاً حتى إلى توجيه ضربات محددة له وقاسية على الحدود اللبنانية- السورية، في محاولة ربما إلى دفعه لارتكاب الخطأ المميت عبر إشعال الجبهة اللبنانية، وعندها تصبح كل الاحتمالات واردة.

والثابت أيضاً أن المواجهة الإقليمية والدولية تشكل الأولوية التي لا يعلو عليها أي اعتبار بالنسبة إلى “حزب الله”. وبالتالي فإن التفاصيل اللبنانية أصبحت أموراً ثانوية جداً بالنسبة إلى الحزب الذي يخوض مواجهة مصيرية، سواء بالنسبة له أو بالنسبة للحرس الثوري الإيراني والنظام الإيراني ككل. وهذا يعني حكماً أن لا جدوى من تضييع الوقت بانشغالات داخلية في لبنان، سواء كان عنوانها انتخابات نيابية أو غيرها. وبهذا المنطق يصبح من المنطقي تسهيل سيناريو تمديد جديد للمجلس النيابي الحالي إلى الربيع المقبل، في انتظار جلاء الصورة الإقليمية بالكامل، بغض النظر عن التوافق على أي قانون جديد للانتخابات.

وبغض النظر عن اعتبارات العهد وانطلاقته، وأهمية إقرار قانون جديد للانتخابات أو على الأقل إجراء الانتخابات في أيلول كحد أقصى حفاظاً على مسيرة العهد، فإن الأولوية ستصبح للحفاظ على “الأمن القومي والإقليمي” لحزب الله، وهو ما يعلو على أي اعتبارات داخلية أخرى. يبقى الإخراج الداخلي للسيناريو المطلوب تفصيلا صغيراً في ضوء المعركة الكبرى…