IMLebanon

تحضيرات أميركية – روسية لقمة هامبورغ في تموز

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

تعتبر أوساط ديبلوماسية أن الوقائع على الأرض في سوريا لم تُسجل تغييراً ما، ولا صفة المراقب، التي للأميركيين في محادثات جنيف السورية. ما تغير فقط هو أن الضربة الأميركية لسوريا أوقفت مساراً معيناً من استعمال الكيماوي، وأوقفت منحى كان قائماً لدى دول أخرى غير روسيا، بقبول ضمني ببقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى أن تحصل مستجدات ما.

لكن هل تحمل الزيارات المتبادلة بين الأميركيين والروس على مستوى وزيري الخارجية أية انطلاقة جديدة في العلاقات؟

تُفيد مصادر ديبلوماسية في موسكو، أن هناك منحى ومساراً جديداً يعمل عليه الأميركيون والروس معاً في علاقتهما، بعدما كان الروس اعتبروا أن الإدارة السابقة في الولايات المتحدة كانت سلبية، وحمّلوها مسؤولية تراجع العلاقات الى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة. كما مسؤولية العقوبات الاقتصادية التي تعرضت لها روسيا على خلفية ضم القرم، والضغط، أيضاً على أوروبا لفرض عقوبات مماثلة، مع أن الأوروبيين متضررون من العقوبات، لكنها تمت بضغط أميركي. كما حمّلت روسيا الإدارة السابقة مسؤولية التحريض لدى حلف «الناتو» ولدى حكومات البلطيق ضدها. أما الآن فتحاول موسكو مع الإدارة الجديدة برئاسة دونالد ترامب البناء على كل الإشارات الجدية منه، منذ حملته الانتخابية.

وتُوضح المصادر، أن زيارة وزير الخارجية الأميركي راكس تيليرسون لموسكو، والتي تبعتها زيارة نظيره الروسي سيرغي لافروف لواشنطن، تأتي في هذا الإطار، بحيث جرت مناقشة كل القضايا الدولية العالقة، من الشرق الأوسط، واليمن، والعراق وكوريا الشمالية فضلاً عن أوكرانيا وغيرها. ذلك، أن التعاون الروسي – الأميركي كفيل بحل الأزمات، حيث لا حل من دون موافقة الروس، ولا حل من دون دور فعلي وأساسي للإدارة الأميركية. وفي انتظار بلورة استراتيجية الإدارة الجديدة في واشنطن، فإن الطرفين الأميركي والروسي يدركان بأن لا مصلحة لأي منهما في أن يُعرقل الطرف الثاني مسعى الأول، وأن هناك حاجة الى الفريقين لكي يحاولا معاً في اتجاه حلحلة ملفات المنطقة. كما أن وزيري خارجية البلدين يحضران الملفات للقاء القمة الأميركية – الروسية الذي سيُعقد في هامبورغ، على هامش قمة مجموعة العشرين في تموز المقبل، والسبيل الوحيد الذي يوصل إلى الحلحلة والتهدئة هو الحوار الأميركي – الروسي، وهو الطريق الوحيد للتقدم، مع أن كل اللاعبين الآخرين في المنطقة لهم أدوارهم، لكن يبقى الدور الأساسي للأميركيين والروس.

قد لا يُعجب التعاون الروسي – الأميركي، إيران، لكن موسكو لا تتأثر بمواقفها، بل إن طهران هي من يُفترض أن تتماهى مع السياسة الروسية. وهناك تنسيق روسي – إيراني مع أنه يوجد اختلاف في المصالح والرؤية، إنما يبقى ذلك ضمن حدود معينة بشكل يحفظ مصالحهما الاستراتيجية. لكن أي حل في ملفات المنطقة سيكون محور تباين في تفاصيله بين الإثنتين.

وتؤكد المصادر، أن مصير الأسد سيكون أحد محاور البحث في القمة الأميركية – الروسية. حكماً هناك إجماع حول مصيره. الروس ليسوا متمسكين بشخص معين، لكن التغيير يجب أن يأتي في إطار عملية سياسية، وعندها ليس من مشكلة روسية في تغيير النظام الحاكم، بمعنى ألا يأتي التغيير بشكل منفرد، بل في إطار دستور جديد ووقف نار شامل وثابت، وتجري نتيجة ذلك انتخابات. وتدرك روسيا، بحسب المصادر، أن لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، ولكن تقول إن الخليج يريد التخلص منه في خطوة أولى. حتى الولايات المتحدة تريد التخلص منه، لكن في مرحلة لاحقة، بعد الانتهاء من مكافحة الإرهاب، التي لا تزال أولوية لديها. إذاً، هناك إجماع دولي على أن لا يبقى الأسد في الحكم، وأن يُقرر الشعب السوري عملية التغيير. إيران وحدها غير موافقة، إنما لا تستطيع بمفردها أن تقف في وجه المجتمع الدولي.

مصير الحل السياسي في سوريا، لا يزال غير واضح وبأية شروط ونتائج. هناك إرادة دولية للانطلاق بحل معين، لكن التوقيت لهذا الحل غير معروف، والمصادر تعتبر أن الحل السوري سيستغرق سنوات. انما القمة الأميركية – الروسية ستوضح مسار المرحلة المقبلة، والتعاون بين الدولتين قد يخفف من حدة الأزمات وكل تبريد للملفات سيريح الأجواء والوضع السياسي السائد في المنطقة، وسينعكس ذلك حتماً على الوضع اللبناني حيث أن لبنان كدولة صغيرة تتأثر بالأزمات الإقليمية لا سيما بالأزمة السورية.